حذر خبراء وحقوقيون دوليون من خطر "بلقنة" ليبيا وإمتداده علي القارة الأفريقية، إذا قررت الولاياتالمتحدة وحلف شمال الاطلسي استغلال ثغرات قرار الأممالمتحدة رقم 1973 بتسليح المعارضة، في وقت يستمر فيه القتال العنيف في معقل الاقتصاد الليبي مصراته. فصرح المهدي داريوس ناظم، الباحث المتخصص في الشرق الأوسط وآسيا الوسطي بمركز بحوث العولمة، أن "معمر القذافي دافع عن إستقلالية الاتحاد الافريقي بدلا من تبعيته للاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة، وضغط من أجل إنشاء مصرف التنمية الأفريقي واستبدال الفرنك بعملة افريقية". وعن التكهنات الرائجة حول وجود مخطط لتقسيم ليبيا، يجدر التذكير بأن الإتحاد السوفيتي وبريطانيا والولاياتالمتحدة، أثناء مؤتمر بوتسدام في نهاية الحرب العالمية الثانية، لم تصل إلي إتفاق حول مصير المستعمرات الايطالية المسئولي عليها في ليبيا. فقد كانت الولاياتالمتحدة تريد وصاية عليها من الاممالمتحدة. لكن الاتحاد السوفياتي اقترح وصاية إقليمية مختلفة بحيث تقع طرابلس تحت قيادتها، وفزان تحت فرنسا، وبرقة تحت بريطانيا. فعلق داريوس ناظم لوكالة انتر بريس سيرفس قائلا أن التاريخ يكرر نفسه الآن، فلا تسعي الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي لتقسيم ليبيا تحت إدارتين في طرابلس وبنغازي فحسب، وإنما تبحث أيضا عن القضاء على منافسها الرئيسي الذي ضغط من أجل توحيد افريقيا. وأضاف "واقعيا، يعتبر التدخل (الغربي) في ليبيا هجوما على القارة الأفريقية بقطع رأسها. إنهم لا يريدون "بلقنة" ليبيا وحدها -بتفتيتها وتقسيمها- بل يريدون "بلقنة" القارة الأفريقية بأكملها" ومن جانبه، أكد كاي ستيرمان، المنسق الاعلامي بالحملة ضد تجارة الأسلحة ومقرها المملكة المتحدة لوكالة انتر بريس سيرفس، أن "بعض دول الاتحاد الأوروبي تدرس أيضا ما إذا كان توريد الأسلحة إلى المتمردين المناهضين للقذافي قد يزيد من عدم الاستقرار في المستقبل، وهو ما يمكن أن يأتي بعواقب غير متوقعة طويلة الأجل، يمكن أن تلحق ضررا عظيما بالمجتمعات وتتنافى مع بناء السلام". وفي المقابل، قال السفير البريطاني السابق لدى ليبيا ريتشارد دالتون، ردا علي سؤال لوكالة انتر بريس سيرفس، أن "الحلف الاطلسي ليس لديه مصالح استراتيجية في ليبيا أو أي أماكن أخرى، تتجاوز ما هو منصوص عليه في معاهدة شمال الأطلسي الموسعة علنا بقرارات مجلس حلف شمال الاطلسي”. وأكد أن "قلق الحلف في ليبيا ينصب علي تنفيذ قرار مجلس الأمن 1973". وشدد دالتون علي أن "الاتحاد الاوروبي يريد ان يرى الاستقرار والازدهار والحكم الرشيد ادي جميع جيرانه". هذا ولقد حذر المدافعون عن حقوق الانسان من أن تسليح جماعات المعارضة اللبيبة قد يسفر عن إمتداد الصراع القبلي خارج حدود ليبيا، في انتهاك مباشر لتفويض الاممالمتحدة. وكمثال علي واقعة مماثلة في الماضي، ذكر ستيرمان أن واشنطن سلحت قوات المجاهدين في أفغانستان في الثمانينات والتسعينات، ما أطال النزاع لفترة طويلة، وأدى إلى نمو المتطرفين المسلحين بما فيهم قوات طالبان المحلية والأجنبية، بالإضافة إلي انتشار مجتمع قائم على امراء الحرب، وإحباط نمو المجتمع المدني، وإستخدام الأسلحة نفسها التي قدمتها الولاياتالمتحدة سابقا، ضد القوات الامريكية وقوات التحالف". وفي نفس الوقت، كانت ليبيا والصين قد تحولتا سريعا إلي شريكتين رئيسيتين في مجال الطاقة، وأصبحت بكين ثالث أكبر مشتر للنفط الليبي، إضافة إلي أكثر من 50 مشروعا استثماريا. فأشار محللون مثل بيبي اسكوبار، مراسل اشيان تايمز ومؤلف كتاب Obama does Globalistan، إلى أن الصين قد تلقت ضربة جدية بسبب الاضطرابات الأخيرة في شمال أفريقيا. وقال أن العقود الصينية الجديدة في ليبيا، البالغ مجموعها 18 مليار دولار، قد إنخفضت الآن بنسبة بما يقرب من 53 في المئة، في مسار يحقق أحد أهداف "قيادة افريقيا" (أفريكوم) العسكرية الأمريكية للحد من المصالح الاقتصادية الصينية في أفريقيا. ويذكر أن أفريكوم، ومقرها في شتوتغارت، ألمانيا، هي المسؤولة عن الانشطة العسكرية الامريكية في 53 دولة افريقية. وصرح اسكوبار لوكالة انتر بريس سيرفس ان الولاياتالمتحدة تريد بشدة قاعدة لها في أفريقيا، فمهد التدخل العسكري في ليبيا لها الطريق لذلك. وقال أن "أفريكوم هي إستراتيجية وزارة الدفاع الأمريكية لمواجهة الاستثمارات الصينية في افريقيا". وشرح اسكوبار ان "الهيمنة الكاملة علي البحر الأبيض المتوسط وتحويله إلي بحيرة تابعة لمنظمة حلف شمال الأطلسي، كانت علي أجندة قمة لشبونة 2010 بمشاركة قادة حلف شمال الاطلسي. لقد أغضبت تعاملات القذافي التجارية مع الصين كل بروكسل وباريس ولندن وبالطبع واشنطن".