بثت قناة الجزيرة مقتطفات من شريط مصور يظهر فيه أحد منفذي هجمات 11 شتنبر الماضي على الولاياتالمتحدة وهو يلقي كلمة قال إنها وصيته للمسلمين والعالم. وتعد الكلمة المسجلة في أفغانستان قبل ستة أشهر من وقوع الهجمات أول دليل على احتمال مشاركة تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن في تلك الهجمات.وقد تأكدت الجزيرة من هوية الشخص الذي عرف في الشريط المسجل بأنه أحمد الحزنوي الغامدي وهو سعودي الجنسية، وتمت مطابقة صورته مع صورة الحزنوي التي وردت على موقع مكتب التحقيقات الفدرالية الأميركي على الإنترنت بوصفه أحد المشاركين ال 19 في اختطاف وتفجير الطائرات الأربع.وأكدت المعلومات الواردة في الشريط أن أحمد الحزنوي الغامدي كتب وصيته وقرأها في قندهار قبل نحو ستة أشهر من الهجمات على نيويورك وواشنطن. وقال الغامدي في وصيته "لقد انتهى وقت الذل والاستعباد وحان الوقت لنقتل الأميركان في عقر دارهم وبجوار قواتهم واستخباراتهم". وأضاف الغامدي "حان الوقت أن نثبت للعالم كله أن الولاياتالمتحدة ارتدت ثوبا ليس مصنوعا لها أصلا لأنها فكرت مجرد تفكير أن تقاوم المجاهدين". واختتم قوله "اللهم إني أحتسب نفسي عندك فاقبلني شهيدا".وتضمن الشريط الذي حصلت عليه الجزيرة كذلك تصريحات تظهر لأول مرة لأيمن الظواهري -الساعد الأيمن لأسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة- رحب فيها بأحداث سبتمبر ووصفها بالنصر. وقال الظواهري في الشريط " النصر الذي تحقق هو من الله وحده ليس من حيلة لنا، الله يختص برحمته من يشاء, ينظر لقلوب عباده ويختار منهم 19, الذين خرجوا وقدموا أرواحهم منّ الله عليهم بهذا الفتح". وتعليقا على الشريط المسجل قال مدير مركز المقريزي للدراسات التاريخية في لندن هاني السباعي -والمتابع لقضية بن لادن- في تصريح لقناة الجزيرة إن تعليقه المبدئي على ما سمعه أنه رغم وضوح الكلام فإن هذا الاعتراف من الناحية القانونية يسهل الطعن به أمام المحاكم المدنية ولا يؤخذ كدليل نظرا للتقنيات التي يمكن أن تدخل عليه، كما أنه حتى الآن لم يصدر بيان من أسامة بن لادن يتبنى الشريط سواء من مركز البحوث والدراسات أو موقع الإمارة. وقال الدكتور "عبد المنان قدير" مستشار الرأي العام لشبكة "إسلام أون لاين.نت" في تعليق آخرعلى عودة شرائط بن لادن من جديد: "ظهور هذا الشريط في مثل هذا الوقت ربما محاولة لتأكيد أن تنظيم القاعدة ما زال قادرا على تهديد المصالح الأمريكية طالما ظلت سياستها معادية، خصوصا في ظل ما يجري في فلسطين، والمساندة الأمريكية غير المسبوقة للمذابح التي يقوم بها رئيس الوزراء الإسرائيلي إريل شارون ضد الشعب الفلسطيني، وهو نفس المعنى الذي روّج له بيان منسوب لإسامة بن لادن نشرته الصحف الباكستانية منذ يومين، يهدد فيه باختطاف مواطنين أمريكان ومقايضتهم بالفلسطينيين الذين يعتقلهم شارون، ولم يتعد الأمر حدود التهديد اللفظي دون فعل حقيقي، حتى الآن" . وأشار الدكتور قدير إلى أن الشريط الجديد واضح ،فيه جودة الإعداد واستخدام كاميرات "ديجيتال" لتعطي جودة فائقة في الصوت والصورة، وهو ما لم يكن متحققا في الشرائط التي تم بثها ل"بن لادن" ورفاقه من قبل بهذا الشكل. كما أن الخلفية التي ظهرت بالشريط من الواضح تماما أنه تم إعدادها باستخدام الكمبيوتر في أستديو مجهز، وهذا يلقي بظلال قوية من الشك حول الشريط، فليس من الممكن أن يقوم رجل ذاهب للموت أو الانتحار بتسجيل وصيته في أستوديو تليفزيوني أو أن يأخذ مصورا معه ليسجل وصيته وهو يكتبها بخط يده على صفحات الورق كما يظهر في الشريط، خصوصا أن الاحتراف واضح في زوايا الكاميرا والمونتاج وطريقة التسجيل صوتا وصورة. ولا يستبعد الدكتور قدير تدخل الجزيرة في تجهيز الشريط، أو أن تكون جهة ما دسته للجزيرة بعد إعداده بهذا الشكل، حيث إن بث الشريط في هذا الوقت يمثل خطورة بالغة؛ فهو يعيد التأكيد لدى الرأي العام الغربي على معنى تورط المسلمين في أعمال إرهابية وبالتالي يعطي المبرر لشارون وعصابته للاستمرار فيما يفعلون بالفلسطينيين تحت زعم محاربة الإرهاب، كما أنه جاء في نفس الوقت الذي بدأت فيه الدول الغربية باتخاذ إجراءات عقابية ضد إسرائيل؛ حيث أوقفت ألمانيا تصدير السلاح لها، واجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي للنظر في فرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل. ويؤكد الدكتور عبد المنان أن توقيت ظهور مثل هذا الشريط -على فرض صحته وعدم تزييفه- يؤثر بشدة على الوضع الفلسطيني، ويسحب الأضواء بعيدا عن مجازر جنين ونابلس، وهو في النهاية دعاية لفظية ل"بن لادن" لا تقدم ولا تؤخر، فلم تتعرض المصالح الأمريكية ولا المواطنون الأمريكان لأي خطر حتى الآن رغم تكرار الشرائط والتهديدات والبيانات الزعومة من بن لادن تارة ومن القاعدة تارة ومن طالبان وزعيمهم تارة.. والمسلمون يخسرون بالترويج لهذه الدعايات الوهمية، في حين يستفيد الغرب من ترويج صورة الإرهاب الملتصق بالإسلام، وعلى ألسنة مسلمين يزعمون الدفاع عن دين الله.