عند الساعة الرابعة والدقيقة الثالثة والأربعين من بعد ظهر يوم السبت 14 ماي 2011 ، وقبل دقيقتين من إقلاع رحلة الخطوط الجوية الفرنسية الرقم 23 من مطار كينيدي في نيويورك إلى باريس، اقتحم عناصر من إدارة المرافئ والمطارات الأميركية الدرجة الأولى، وجرّوا مدير صندوق النقد الدولي، الفرنسي دومينيك شتراوس كان، خارجها، واعتقلوه بتهمة الاعتداء الجنسي. وقبل حلول مساء السبت، كانت المذكرة القضائية بحقه قد اكتملت: فعل جنسيّ جرمي، محاولة اغتصاب واحتجاز حرية، إذ قبل وصوله إلى المطار بساعات، دخلت إلى جناح البلاي بوي الاشتراكي خادمة في الفندق الفخم الذي ينزل فيه، وهي كانت تظن أنّه غادره. عندها، خرج المرشح الرئاسي الاشتراكي من الحمام عارياً، فلاحقها وسحبها إلى غرفة النوم، وفق ما أعلنته مصادر في شرطة نيويورك لصحيفة «نيويورك بوست». حاولت الفتاة الهرب منه، لكنّه استطاع الوصول إليها قبل أن تغادر الجناح، وجرّها إلى الحمام «حيث مارس فعلاً جنسياً جرمياً وحاول حبسها»، كما أضافت المصادر. بعد ذلك غادر شتراوس كان الفندق إلى المطار بسرعة، محاولاً الهرب، كما رجّحت الشرطة، لأنّه ترك في جناحه هاتفه الخلوي وأغراضاً شخصية أخرى. وفيما قضى البلاي بوي ليلته في مركز شرطة هارلم، لأنّه لا حصانة دبلوماسية له، كانت الضحية في المستشفى تعالج من الصدمة. ومثُل شتراوس كان أمس أمام المحكمة، وأعلن أنّه غير مذنب. الفضحية ليست الأولى في تاريخ شتراوس كان. ففي تشرين الأول 2008، بعد 15 شهراً على استقالة الأميركي بول وولفوفيتز من رئاسة صندوق النقد الدولي، بسبب تفضيل موظفة في المؤسسة كان على علاقة معها، اعترف شتراوس كان بأنّه كان على علاقة بموظفة في المؤسسة تدعى بيروسكا ناغي، تركت العمل قبل ذلك بشهور. ودارت شكوك حول منح ناغي تعويضاً لا يتناسب مع منصبها، بسبب علاقتها برئيسها. وقيل إنّها طُردت لأنّها قطعت العلاقة بشتراوس كان، فيما انتشر خبر مفاده أنّ تعويضها كان مقابل صمتها. آنذاك، اعتذر شتراوس كان من زوجته الإعلامية آن سينكلير التي سامحته، وطُوي الموضوع. وتكثر الشائعات بشأن علاقات شتراوس كان النسائية، هو الذي تزوّج ثلاث مرات. ووصفته إحدى الممثلات منذ سنوات بأنّه تصرّف معها مثل «غوريلّا» حين دعاها إلى شقته في إحدى الليالي. بعد فضيحة ناغي ووقوف سينكلير إلى جانب زوجها، شُبّه الثنائي بآل كلينتون وما مرّا به خلال السنوات الماضية. ومنذ طرح اسم «اشتراكي الشامبانيا» كما يسمّى شتراوس كان إلى الرئاسة الفرنسية، أصبحت سينكلير تتفوّق في استطلاعات الرأي على كارلا بروني كسيدة أولى محتملة في 2012، مع تفضيل أكثر من 65% من الفرنسيين لها، وفق ما ورد في بورتريه لها نشرته مجلة «فوغ» في 27 نيسان الماضي. وتنقل المجلة شائعات قوية عن أنّ سينكلير تريد بكل جوارحها أن يصل زوجها إلى الرئاسة الأولى، لعلّه يخفف من مغامراته النسائية، وخصوصاً أنّه سيكون تحت المراقبة الشديدة. ورغم أنّ الفرنسيين لا يتأثرون بالفضائح الشخصية لمرشحيهم، من المستبعد أن يستطيع البلاي بوي الاشتراكي الترشح رسمياً للرئاسة في حال تبرئته من التهم الموجهة إليه. فإنجاب طفل من علاقة خارج الزواج (فرانسوا ميتران) مختلف عن محاولة اغتصاب. وقد يكون أبرز المستفيدين اليوم نيكولا ساركوزي الذي كان يتخلّف عن شتراوس كان بخمس نقاط في الاستطلاعات. ومنذ مساء السبت، يتّهم مقرّبون من المرشح الاشتراكي، ساركوزي بالوقوف وراء ما يحصل، معتبرين أنّ الاعتقال في نيويورك هو تتويج لحملة ساركوزي ضد شتراوس كان. الاشتراكيون حزينون وقلقون ممّا قد تتركه القضية من أثر على حظوظهم في انتخابات 2012، لكنْ هناك شخصان يطيران فرحاً الآن: مارتين أوبري، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي، ورفيقتها سيغولين رويال. فقد ارتفعت حظوظ المرأتين كثيراً منذ السبت، لتحظى إحداهما ببطاقة الترشيح الرئاسية الاشتراكية، نهاية العام الحالي.