كان العرب في المآتم يستأجرون بعض النساء المحترفات في النياحة من أجل إظهار مزيد من الحزن، لكنهم كانوا يدركون الفرق بين نياحة أقرباء الميت الصادرة عن حزن حقيقي، وبين نياحة المستأجرة، ولهذا كان المثل العربي يقول:"ليست النائحة الثكلى كالنائحة المستأجرة" فهو مثل عربي أصيل يكشف عن الفرق الذي يفصل بين من ينطلق في إعلان التضامن مع الشعب الفلسطيني من آصرة الأخوة في الدين والانتماء القومي أو من منطلق الإحساس الإنساني النبيل، ومن ثم من رؤية عميقة لأسباب الصراع بين الكيان الصهيوني وبين الشعب الفلسطيني ومن ورائه الشعوب العربية والإسلامية والشرفاء من شعوب العالم بأسره، وبين شعور منافق يساير رياح غضب الشعوب العربية والإسلامية وينحني للعاصفة حتى تمر من أجل أن يرجع إلى عادته القديمة أي المساندة العلنية أو السرية للكيان الصهيوني المباشرة وغير المباشرة من خلال الحديث بعد ذلك عن دعاوى السلام على حساب الحقوق التاريخية ومد قنوات التطبيع التجاري والثقافي. بالأمس شاهدنا الحكومة وهي غارقة في التطبيع إلى النخاع ضدا على قرارات الجامعة العربية ورغبة الأشقاء في فلسطين بما في ذلك أهل السلطة تسعى إلى تصدر مسيرة الشعب المغربي والركوب عليها وهي التي تغمض العين عن عشرات المبادرات التطبيعية ومنها مبادرات لمؤسسات للدولة? والأكثر من ذلك أنها لا زالت تتملص وتتهرب من إقرار قانون يقضي بمنع التصدير والاستيراد من الكيان الصهيوني. وبالأمس سمعنا عن بيان صادر عن اليهود المغاربة استنكروا فيه الوضعية غير المقبولة السائدة في فلسطين ولقرار مجلس الأمن ومساندتهم ل "حامل جائزة نوبل للسلام في كفاحه من أجل تشييد صرح دولة فلسطينية قارة" مستنكرين دوامة "العنف الرهيب" التي تنكس المنطقة يوما بعد يوم دون أن يدينوا بشكل واضح مجازر شارون في حصد الشعب الفلسطيني وثالثة الأثافي هو ما تم الإعلان عنه بمدينة الصويرة من تنظيم مهرجان موسيقي دولي يدعم مباشرة من أندري أزولاي في الوقت الذي تتواصل فيه المجازر الصهيونية الرهيبة في حصد الشعب الفلسطيني، وتدق فيه طبول الحرب والحصار والتجويع عليه بغية إجهاض انتفاضته الباسلة تم الإعلان بعد ذلك عن تخصيص مداخيل الأمسيات الغنائية لفائدة الشعب الفلسطيني. إن كانت الحكومة المغربية جادة في مساندة الشعب الفلسطيني فمن الواجب إقرار مقترح القانون المجمد في رفوف البرلمان والقاضي بوقف كل أشكال التعامل مع الكيان الصهيوني. إن كانت الحكومة المغربية جادة في ذلك وجب أن تقف بحزم في وجه كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني في المجالات العلمية والتجارية والثقافية التي تطالعنا أخبارها بين حين وآخر. إن كان اليهود المغاربة جادين في التعاطف مع الشعب الفلسطيني ومخلصين في ولائهم لوطنهم المغرب وجب أن يكفوا عن اللعب على الحبلين والولاء المزدوج عن استخدام نفوذهم الدولي واستخدامه لاستدراج المغرب للارتهان بعلاقات علنية وسرية مع الكيان الصهيوني عبر الشعب المغربي من خلال مسيرته عن رفضه لها، وعن التمكين لمختلف مظاهر التطبيع من الكيان الصهيوني الذي كشف عن وجهه الإجرامي البشع في حكومة يوجد بها يهود ذوي أصول مغربية. وإن كان منظموا حفل الصويرة جادين في تعاطفهم مع مأساة الشعب الفلسطيني فليبادروا إلى إلغاء حفل الصويرة احتراما لمشاعر الشعب المغربي. التجديد