برأت محكمة هولندية يوم الاثنين الماضي الخطيب المغربي المومني من تهمة التمييز، وكان خليل المأموني قد شجب واعترض في برنامج في التلفزيون الهولندي في مايو الماضي على ممارسة الشذوذ الجنسي، فوجهت له السلطات تهمة الترويج للتمييز ضد الشواذّ جنسيا والتحرّيض على كراهيتهم، بناء على أقواله هذه . إلا أن المحكمة برأت العالم من التهم المنسوبة إليه، بناء على حقّه الدستوري في الحرية الدينية، والتعبير عن آرائه الدينية . كان في جلسة سابقة أمام المحكمة منذ أسبوعين، طلب المدّعون تغريم العالم بغرامة قدرها 1.200 يورو ( 1.056 دولار ) . إلا أن رئيس القضاة في المحكمة كلافيرين قال بأنّه يعتبر الملاحظات التي قالها خليل، دعوة للتمييز ضد الشواذ إلا أنه لا تصح إدانة المتهم لأنه كان يتكلّم كرجل دين . غير أن المدّعين قالوا بأنّهم يخطّطون للاستئناف في القضية . جدير بالذكر أن المدّعين أقاموا ضدّه الدعوى منذ أربعة شهور بعد أن استلموا- كما يزعمون- شكاوى من 50 منظمة بخصوص حديثه في برنامج نوفا التلفزيوني البارز وكان المأموني قد قال في البرنامج : أن الشذوذ الجنسي يسبب ضرّرا للمجتمع الهولندي سعيد بورباب هولاندا /التجديد تفاصيل المحاكمة في الثامنة صباحا من يوم الإثنين 25/3/2002بدأ المسلمون وغيرهم على اختلاف جنسياتهم وبحضور كل المؤسسات الإعلامية بهولندا يتوافدون على جنوب روتردام حيث توجد محكمة الجنايات بروتردام ، واختاروا أكبر قاعة للمحاكمة لأن الإعلام أعطى للمحاكمة أهمية خاصة، فهي أول محاكمة إسلامية في تاريح هولندا ، وفي الساعة الثامنة والنصف حضر الإمام المومني فأحاط به مجموعة من الشباب المغاربة وبعض إخواننا الأتراك ودخلوا معه إلى المحكمة وسط رجال الإعلام والصحافة والمصورين واستقبل عند باب المحكمة من طرف المحامية وزوجها المحامي وأخذاه إلى مكتبهما داخل المحكمة،وفي الساعة التاسعة والنصف، بدأت المحاكمة ولم تنته إلا في الساعة الرابعة مساء ، والقاضي اختاروه من أكبر القضات ،وأشدهم قسوة وغلظة ،هكذا ظهر في البداية لكن في الأخير كان أكثر ليونة وانفتاحا وهذا بفضل الله ، في البداية قدم القاضي بعض الأسئلة للإ مام تتعلق بالحالة الشخصية وإحدى الأخوات المغربيات تقوم بالترجمة المباشرة ثم أعطى الكلمة للنيابة العامة لتوجه التهمة للإمام والتي يمثل من أجلها أمام المحكمة ، بعد ذلك بدأ القاضي في توجيه الأسئلة المختلفة للإمام بعد ما أعطى الحرية للإمام في الإجابة أوعدم الإجابة عن أي سؤال يطرحه القاضي عليه ، وبفضل الله وتوفيقه كان الإمام ثابتا صامدا لا يبالي بمراوغة القاضي في أسئلته واستغل الإمام كثيرا من الأسئلة فتوسع في الإجابة عنها من أجل الدعوة والتعريف بالإسلام فلما استدل الإمام بآيات كثيرة من القرآن تتعلق بفاحشة قوم لوط ،دار بين القاضي والشيخ خليل الموني الحوار التالي:القاضي وهل كتابكم القرآن لا يتبدل ولايتغير؟ الشيخ خليل: ((إن القرآن الكريم نزل قبل ألف وأربعمائة سنة ونيف، وهو لازال كما نزل ، وسيبقى إلى يوم القيامة)) القاضي : ((عندكم جمعية العلماء يجتهدون في القضايا المعاصرة ، أفلا يعد هذا تغييرا ؟)) الشيخ: (( لا أبدا إن القرآن صالح لكل عصر وزمان إلى قيام الساعة ، فالعلماء المجتهدون أمثال القرضاوي يجتهدون في القضايا المعاصرة التي لا نص فيها من الكتاب والسنة ، أما إذا وجد النص من الكتاب والسنة فلا اجتهاد حينئذ)) القاضي: إنك قلت إن اللواط مرض معدي وإذا لم يواجه فسينتشرفي المجتمع؟ الشيخ: إن هذا غير صحيح إنه خطأ في الترجمة أنا لست طبيبا حتى أشخص المرض وإنما قصدت المرض الفطري بمعنى الرجل خلقه الله رجلا يجب أ ن يحافظ على فطرته ورجولته ، والمرأة كذالك ، أما عكس ذالك يكون خروج عن الفطرة والطبيعة التي خلق الله عليها الإنسان ،وبعد المراوغة في طرح الأسئلة في نفس الموضوع إنتقل إلى السؤال الآخر: كيف تنظر إلى الشباب المغربي الذي يعتدي على اللوطيين ؟ وهل الإسلام يسمح بذالك؟ الشيخ: لا أبدا الإسلام دين نضام وحضارة لا يسمح بالإعتداء على أي إنسان مهما كان ومهما ارتكب من الجرائم ، فالذي يعاقب على الجرائم هو القاضي مثلكم يحكم على المجرمين بما جاء في القرآن والسنة ، أما إذا فتحنا الباب لكل إنسان يأخذ حقه بيده أويعاقب غيره فإن في ذالك سيؤدي إلى فوضى ولن تستقيم الحياة على ذالك أبدا ،القاضي: وهل حذرت المسلمين من الاعتداء عليهم بصفة خاصة؟ الشيخ: لا ، لأني لا أعرف هذه الطائفة وما رأيت أحدا يعتدي عليهم، وإنما حسبما أعلم أنهم المعتدون على الشباب المغربي يتحرشون بهم جنسيا، فيكون رد الفعل ، ولهذا فإني أوجه النصيحة للعموم وأطلب منهم أن يعاملوا الناس جميعا معاملة حسنة ودون تمييز ، والنصيحة العامة تكون أجدى وأنفع ... وهكذا استمرت المواجهة بين الإمام والقاضي إلى عدة ساعات ثم كانت فترة الا ستراحة ربع ساعة ،وبعد الاستراحة أعطيت الكلمة للنيابة العامة لمدة نصف ساعة أكدت التهمة الموجهة للإمام وذكرت الحكم الذي يستحقه المتهم وهو عام من السجن مع الغرامة لكن نظرا أن المتهم ليست له سوابق ونظرا للإذاية التي تلقاها من الإعلام ومن تصريحات المسؤولين في الحكومة والبرلمان، ((نظرا لهذا كله فإني أطالب بغرامة قدرها 1200 يورو)) ثم أعطيت الكلمة للمحامية والتي استمرت في تدخلها ودفاعها أكثر من ساعة ونصف وكانت رائعة في تدخلها ذكرت كل المحاكمات التي وقت في هولندا وفي نفس التهمة واستدلت بأقوال كبارالأطباء في هولنداوأوروباوأمريكاعلى أن اللواط مرض ويصنفونه في قائمة الأمراض،وتساءت كيف يحاكم الإمام الذي انطلق من دينه ومن القرآن ، وهم الذين جاءوا إليه وطلبوا منه موعدا واستقبلهم داخل المسجد أحسن استقبال، ثم غيروا وبدلوا ولم يحترموا المكان ولا أمانة الصحافة، وفي الختام طالبت من المحكمة أن تبرئ الإمام لأنه بريء من التهمة ، ثم أعطى القاضي الكلمة الأخيرة للإمام ، فألقى الإمام كلمة باللغة العربية كانت مؤثرة وحتى القضات كانوا متأثرين وكان نص الكلمة أمامهم مترجم باللغة الهولندية وقد قرأ الإمام كلمته وكأنه على منبر مسجد النصر ، فالإمام كما وصفه رجال الإعلام بعد المحاكمة أنه لم يتأثر لا في وجهه ولا في كلامه وهذا بتوفيق الله ، والحكم النهائي سيصدر يوم 8 أبريل الحالي. وبعد إصدار الحكم بدأ الإخوة يتنافسون كل واحد يقول : أنا أؤدي هذه الغرامة ، وبعد رجوعنا إلى المسجد اتصلت بنا إمرأة هولندية تطلب من الجماعة بالمسجد أن يسمحوا لها بأداء هذه الغرامة ، وقالت : ((إننا ضد هذه الحالة ولكن مع الأسف لا نستطيع أن نتحدث عنها ، ولكن الإمام استطاع أن يقول كلمة الحق ، أرجوكم أن تسمحوا لي بأداء هذه الغرامة نيابة عن الإمام وأشكره جزيل الشكر ))، ولا زال الإمام يتلقى التهاني حتى من الهولنديين ومن كل الجنسيات ، وهذا نصر من الله وفتح مبين ،فالقضية ليست قضية خليل المومني وإنما هي قضية المسلمين جميعا، بل قضية كل من حافظ على فطرته الإنسانية . الإمضاء : سعيد بورباب-مراسل جريدة التجديد المغربية بهولندا. نص كلمة الشيخ أمام القاضي: بسم الله الرحمان الرحيم الموضوع : كلمة الإمام في ختام المحاكمة. السادة القضاة المحترمون ، أيها الحضور الكريم إني أتأسف كثيرا على هذه الضجة التي أوصلتنا إلى هذه ا لمحاكمة ، هذا شيء ما كنت أتوقعه،وماكنت أفكرفيه وأناأعيش في هولندابلد الديمقراطية،وحرية الكلمة. فأنا دخلت إ لى هولند ابصفة قانونية قبل عشرسنين ،هاجرت وطني لأسباب خاصة لبيت رغبة الإخوة في مسجد النصر ،وقررت الهجرة إلى هولندا حيث كنت أعلم أ ن في هولندا حرية الكلمة،وفعلاوجدت ذالك في مسجد النصر، فمنذ أن دخلت إلى هولندا ماأزعجت أحدا ، وما أزعجني أحد ، داخل مسجد ا لنصروخارج المسجد، ولقد زرت عدة مكاتب ومؤسسات عموميةوزرت جمعيات و مدارس وزرت جا معة د يلفت،وجامعة إ ر سمو س عدة مر ا ت فكنت د ا ئما أ جد احتراما خاصا من كل الناس . وفي المسجد دائماأدعواالمسلمين رجالاونساء أن يمثلوا الإسلام أحسن تمثيل في هذا ا لمجتمع وأن يعاملوا الناس جميعا بخلق حسن،ودون تمييز،ودائما أطلب من الشباب المسلم أن يجتهد في دراسته،وبعد الدراسة يجب عليه أن يعمل ،فالعمل في الإسلام واجب علىكل من يقدر عليه،قال الله الكريم(وقل اعملوافسيرى الله عملكم ورسوله والمومنون)وهولندابلد الدراسة والعمل، فالهولنديون لا يعرفون الكسل،ودائماأدعوا الشباب إلى الاندماج في كل ما ينفع المجتمع،مع المحافظة على الهوية الإسلامية ، هكذ ا عشت في هولند اباختصار،حتى وقعت الضجة المفتعلة التي نعيش ثمارهااليوم ولا ندري من وراءها ؟ وما الهدف منها؟ وفي الختام أعلن أمام الجميع أني والله بريء كل البراءة من التهمة الموجهة إلي براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام ، فإني لم أحقد على أحد ، ولم أقصد بكلامي الذي أجبت فيه على أسئلة ا لصحافة في برنامج نو فا بمكتبي داخل مسجد النصر أي إنسان بعينه ، أو أي جماعة مهما كان حالها،فنيتي مع الصحافة كانت حسنة، ولا أدري كيف كانت نياتهم ؟ وما ذا كانت أهدافهم ؟ فالإمام في المسجد مثل الطبيب الجراح،فالطبيب حينما يجرح المريض فهولايحقد عليه،وإنما يحقد على المرض الذي أصابه يريد له العلاج والشفاء،فكذالك الإمام حينما يقدم نصيحته للناس فهو لا يحقد عليهم ، وإنما يريد أن يبعدهم عن الأخلاق الفاسدة،وأتمنى في الختام أن تكون المحاكمة عادلة ، وشكرا والله الموفق والسلام./. الإمضاء :خليل المومني.