أفرز الصراع حول السلطة والثروة في المغرب أشكالا كثيرة من السلطوية المدمرة في مجمل مجالات الحياة وحقولها الخاصة والعامة. سواء تعلق الأمر بالحياة السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية. والسلطوية، بما هي نزوع نحو الاحتكار والغصب والإقصاء والتوظيف المميت... ، ينتج عنها تخريب وتدمير لتلك المجالات الحيوية إن عاجلا أم آجلا. ولعل مجال القيم من أكثر المجالات التي عانت وما تزال من السلطوية المدمرة في المغرب. وأكثر المؤشرات على عبث السلطوية برصيد القيم المجتمعية غلبة الاتجاه التمييعي والعبثي والخرافي في التعاطي معها. وتحولت الثقافة والفن والإعلام وقضايا الدين إلى مصدر تخريب للمجتمع، شبابه بالخصوص، وتخديره وتعطيل طاقاته بدل تعبئتها وتحويلها إلى رافعات للتنمية ومصادر إلهام الكرامة والفعالية. وفي كثير من الأحيان، وفي سبيل تعزيز احتكارها للسلطة والثروة، تحولت تلك المجالات إلى حلبة صراع لتصفية الخصوم السياسيين والأيدلوجيين. وفي كثير من الأحيان ضحت السلطوية بمصلحة الوطن العليا وصورته الكبرى بين الأمم. ''التجديد'' تحاول في الملف الأسبوعي الحالي فضح عبث السلطوية في أكثر مجالات القيم حساسية وأكثرها حيوية في المجتمع. وسوف نكتفي بتناول ثلاث ''مجالات'' كبرى لكنها دالة، وهي التعاطي مع مجال الفن، ومجال الثقافة ومجال الإعلام.