أثار التقرير الأخير الذي رفعه كوفي عنان لمجلس الأمن يوم 19 فبراير 2002 مشكلة العلاقة المغربية الجزائرية من حيث إن التقرير تضمن مقترحا جزائريا يقضي بتقسيم الصحراء المغربية. ولئن قابل هذا المقترح كل اعتراض ورفض مطلقين فإنه أبان حقيقة فشل الديبلوماسية المغربية التي قضت ما يفوق 25 سنة وهي تحاول إقناع أهل الداخل بمغربية الصحراء في ما كان منطق الواجب وعين العقل يقتضي من الإدارة المغربية توجيه تحركاتها نحو الخارج وتفعيل الديبلوماسية المغربية هناك كما يقول الأستاذ محمد الإدريسي في حوار معه بجريدة التجديد (انظر التجديد عدد 315). وتعتبر الديبلوماسية المغربية بإسبانيا أبلغ مثال لفشل هذه الدبلوماسية المغربية عامة. ذلك أن هذه الأخيرة كما يقول الأستاذ الإدريسي الرئيس الوطني للجمعية الإسبانية فشلت تماما في إيصال الرؤية المغربية السليمة لقضية الصحراء للشعب الإسباني كما فشلت من ناحية أخرى في تحريك الأصوات المؤيدة للموقف المغربي في هذه القضية بما في ذلك أصدقاء المغرب الإسبان. وتجدر الإشارة إلى أن فشل الديبلوماسية المغربية في تحريك أصدقائه بالخارج وإيصال موقفه منح خصوم المغرب وأعداء وحدته الترابية فرصة الحصول على المساعدة والمآزرة الدوليين كما يحصل للانفصاليين بجبهة البوليزاريو برغم أن جل هذه المساعدات يقوم مسؤولو الانفصاليين بإعادة ترويجها في الأسواق الجزائرية المفتوحة بالإضافة إلى المكانة التي أصبحت تحتلها الجزائري في علاقتها مع أمريكا على حساب المغرب. وتأتي الزيارة الملكية التي قام بها العاهل المغربي لجنوب المغرب بداية الشهر الحالي و الحملة الإعلامية الواسعة التي شنتها وسائل الإعلام الوطنية بكل مكوناتها ضد المقترح الجزائري المتضمن في التقرير الأممي الأخير القاضي بتقسيم الصحراء المغربية واحتضان الرباط إشراف العاهل المغربي على حفل التوقيع على محضر محادثات القمة بين رؤساء غينيا وسيراليون وليبريا نهاية فبراير الماضي، وقبل ذلك احتضان المغرب بمراكش انعقاد لجنة القدس يوم 25 يناير 2001 بغياب ياسر عرفات كل ذلك يعطي دفعة قوية للدبلوماسية المغربية وتوجيهها نحو القيام بمهامها التي كان من المفروض أن تقوم بها من ذي قبل. ومن جهة أخرى يمكن اعتبار القرار الملكي الأخير بإيفاد مبعوثين مغاربة إلى عديد من الدول بما فيها بعض الأعضاء في مجلس الأمن للدفاع عن وحدته الترابية عقب التقرير الأممي الأخير الذي ضم المقترح الجزائري مظهرا آخر من مظاهر استدراك عمل الدبلوماسية المغربية. ذلك أن العاهل المغربي بعث كلا من عباس الفاسي وزير التشغيل والتكوين المهني والتنمية القروية والتضامن يوم السبت الماضي إلى الرئيس الروسي مصحوبا برسالة إليه تتناول قضية الصحراء المغربية ونقاشات مجلس الأمن المقبلة حول هذه القضية والمقررة في نهاية أبريل المقبل. بالإضافة إلى الوزير الأول عبد الرحمان اليوسفي الذي حمل رسالة من العاهل المغربي الجمعة الماضية إلى الرئيس المكسيكي الذي تترأس بلاده الدورة الحالية لمجلس الأمن الدولي ولقائه مع خوسي ماريا أثنار ورئيس الحكومة الإسبانية على هامش القمة الدولية هناك. وفي نفس السياق كان وزير الشؤون الخارجية والتعاون محمد بنعيسى قد قام في منتصف الشهر الجاري بزيارة لبريطانيا سلم خلالها رسالة من العاهل المغربي إلى رئيس الحكومة البريطانية طوني بلير تتعلق بالتطورات الأخيرة بمنطقة شمال إفريقيا وخاصة تطورات النزاع المغربي الجزائري بخصوص مشكلة الصحراء المغربية وفي ذلك نسجل زيارة وزير الداخلية الجزائري نور الدين يزيد إلى المغرب حيث تم استقباله من طرف العاهل المغربي بالإضافة إلى احتضان المغرب لأشغال وزراء المغاربيين (14-12 مارس الجاري). وفي موضوع ذي صلة استقبل محمد اليازغي السبت الماضي من طرف الرئيس السوري بشار الأسد وسلمه رسالة خطية تدخل في إطار العلاقات الثنائية المغربية السورية بالإضافة إلى الوضع في منطقة المغرب العربي. وفي إطار تفعيل الدبلوماسية المغربية علمنا من مصادر صحافية أن اللقاء الأخير الذي جمع بين الطيب الفاسي الفهري كاتب الدولة في الشؤون الخارجية ونظيره الإسباني ميكيل نادال ببرشلونة علي هامش المنتدى الاقتصادي المنظم من قبل الغرفة الاقتصادية يوم 21 مارس. اعتبر من وجهة نظر المراقبين لمسار العلاقة المغربية الإسبانية مهما وإيجابيا من حيث إنه قد ينجح في تقريب هوة الخلاف بين البلدين في أفق إقامة علاقات طيبة بين البلدين وعودة السفير المغربي عبد السلام بركة إلى مدريد. وحسب ذات المصادر فإن عودة العلاقة بين الرباطومدريد إلى وضعها العادي من المحتمل أن تتم قبل 12 أبريل تاريخ زفاف العاهل المغربي، وكذلك بعودة السفير عبد السلام بركة إلى مدريد قبل أن يتم تغييره بغيره خاصة بعدما تعرض لعدة انتقادات في أدائه الدبلوماسي. وفي نفس السياق وجه العاهل المغربي رسالة إلى رئيس الوزراء الإيرلندي بيرتي أهيرن حملها محمد أوجار وزير حقوق الإنسان خلال زيارته لدبلن حيث استقبل من طرف وزير الشؤون الخارجية الإيرلندي حسب ما أوردته مصادر صحافية. كما توجه أوجار الأسبوع الماضي إلى أسلو حاملا رسالة من العاهل المغربي إلى رئيس الوزراء النرويجي كجيل ماغني بونديفيك. وذكرت سفارة المغرب في أوسلو أن أوجار عقد خلال زيارته لعاصمة النرويج اجتماعا مع وزير الدولة للشؤون الخارجية النرويجي واطلعه على موقف المغرب بخصوص التطورات الأخيرة لقضية الصحراء المغربية وخاصة رفض المغرب المطلق لفكرة التقسيم واستعداده التام للتعاون مع جيمس بيكر المبعوث الشخصي الأمين العام للأمم المتحدة كما تم في نفس السياق لقاء العاهل المغربي مع عنان ببيروت على هامش أشغال القمة العربية. عبد الرحمان الخالدي