قرر وزراء المالية والاقتصاد لبلدان اتحاد المغرب العربي في اجتماعهم الأخير بالرباط (من 12 إلى 14 مارس) برسم الدورة الحادية عشر للجنة الوزارية المتخصصة المكلفة بالاقتصاد والمالية إقامة منطة للتبادل الحر معتبرين أن هذا الاجتماع من شأنه أن يبعث الروح في المصرف المغاربي للاستثمار وتجميع القدرات المغاربية في إطار اقتصادي قوي يكون في مستوى حجم المبادلات الدولية وما تفرضه المنافسة الخارجية. وأشار وزير المالية الجزائري الذي ترأس الدورة الحادية عشر، برئاسة بلاده لاتحاد المغرب العربي، إلى أن الاندماج الاقتصادي المغاربي أصبح ضرورة حتمية وعاجلة لمواجهة التكتلات الاقتصادية والتحديات التي تفرضها العولمة بمفهومها الشامل. وهو تصريح تعترضه عمليا عدة عوائق تخص طرفين عملاقين وازنين في كيان اتحاد المغرب العربي هما الجزائر والمغرب ويمكن تلمس أهم هذه العوائق في مشكلة الصحراء المغربية وذلك بعدم اعتراف النظام الجزائري بمغربيتها ودعمه المتواصل لانفصاليي البوليزاريو. وللإشارة فقد تضمن التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان والذي رفعه لمجلس الأمن يوم 19 فبراير الماضي مقترحا جزائريا يقضي بتقسيم الصحراء المغربية وهو المقترح الذي رفض المغرب ملكا وحكومة وشعبا ومؤسسات مجتمع مدني مجرد مناقشته، فكان ذلك المقترح مما زاد من تأزيم العلاقة المغربية الجزائرية. وأضافت زيارة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لمنطقة تندوف في أواخر الشهر الماضي حيث الأسرى المغاربة محتجزون هناك، وتعبيره عن تضامنه مع الكيان الانفصاليي ودعمه له في تقرير مصيره، نقطة سوداء أخرى في تاريخ العلاقة المغربية الجزائرية. وتأتي زيارة عمل وزير الداخلية الجزائري نور الدين يزيد زرهوني للمغرب الجمعة الماضي بدعوة من نظيره المغربي إدريس جطو، وكما صرح بذلك الوزير الجزائري نفسه، لتناول "كل المشاكل المطروحة بين المغرب والجزائر" في أفق إيجاد حل للقضايا المشتركة باعتماد أسلوب الحوار والتفاوض كما دعا إلى ذلك المغرب في أكثر من محطة. ونسجل أنه على قائمة هذه القضايا المشتركة التي تشكل بؤر توتر ليس بين المغرب والجزائر فحسب، بل بين دول شمال إفريقيا عامة، مشكلة الصحراء المغربية التي تسعى الجزائر لإدامة التوتر بها ومن خلالها بين المغرب والجزائر بدعم جبهة البوليزاريو الانفصالية رغبة منها في الحصول على منفذ على المحيط الأطلسي. ويبقى من جهة ثانية مشكل المحتجزين المغاربة بتندوف من أهم القضايا المشتركة بين المغرب والجزائر الواجب التوصل إلى حل لها. فقد أعلن مؤخرا مجلس الأمن عن انشغاله بالوضعية المزرية التي يعيشها هؤلاء المحتجزون، وأكد ذلك كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره الأخير لمجلس الأمن يوم 19 فبراير 2002. كما طالب ممثل المغرب الدائم لدى الأممالمتحدة بضرورة فصل القضايا الإنسانية عن أية تسويات سياسية، لكن واقع الحال يؤكد أن الجزائر وصنيعتها الجبهة الانفصالية البوليزاريو عمدتا إلى الخلط بين السياسي والإنساني في معالجة قضية الصحراء وبذلك أصبح المحتجزون عبارة عن رهائن يمارس بهم الضغط والمساومة بالإضافة إلى المتاجرة بهم والاستيلاء على المساعدات الإنسانية التي تبعث إليهم من منظمات دولية كثيرة. يمكن القول إن الطريق نحو بناء وحدة مغاربية قوية بإنشاء منطقة التبادل الحر المغاربية لا يمكن أن تتيسر سبلها إذا إذا غيرت الجزائر موقفها السلبي من وحدة المغرب الترابية وعملت ثانيا على حل مشكلة الأسرى المغاربة المحتجزين على اعتبار أن الطرفين معا دولتان وازنتان في اتحاد المغربي العربي. عبد الرحمان الخالدي