كشف التقرير الأخير لكوفي عنان حول قضية الصحراء المغربية أن بلادنا ما تزال في وضعية حرجة إزاء التدبير الأممي للنزاع، بل إنه عاد ليقدم القراءة الأممية لدلالات القرار الذي اتخذه مجلس الأمن في نهاية يوليوز الماضي ومدد فيه ولاية بعثة الأممالمتحدة المكلفة بتنظيم الاستفتاء بالصحراء مينورسو إلى غاية 31 أكتوبر الجاري، والذي استقبل من طرف الدوائر الرسمية المغربية بشكل إيجابي، إلا أن الواقع كان خلاف ذلك، حيث أن خطة بيكر حسب التقرير ما تزال متبناة من طرف الأممالمتحدة كأرضية لتسوية النزاع، و المغرب مدعو للتفاعل الإيجابي معها، وأن الأمين العام للأمم المتحدة ينتظر انخراط المغرب في المشاركة الإيجابية في تنفيذ الخطة، بالرغم من أن اعتراضات المغرب على الخطة اعتراضات جوهرية ترتبط بطبيعة الحل السياسي من أساسه وعلاقته بصيانة السيادة المغربية على الصحراء. وضعية من هذا القبيل تطرح تساؤلات عريضة على علاقة المغرب بالأممالمتحدة، ونتائج التحركات التي عرفتها السياسة الخارجية المغربية في الأشهر الثلاثة الماضية، والخيارات المستقبلية المطروحة. القرار الأممي 1495 وردود الفعل المغربية حمل تقرير كوفي عنان المرفوع لمجلس الأمن يوم 16أكتوبر الجاري سلسلة مفاجآت حول التدبير الأممي لقضية الصحراء المغربية، وحول الرواية المغربية المقدمة لمضامين القرارات الأممية الأخيرة، وقبل العودة إلى بسط مفاجآت التقرير نتوقف عند القرار الأخير لمجلس الأمن رقم 1495 المؤرخ في 31يوليوز,2003 وردود الفعل المغربية عليه، من أجل استيعاب أبعاد المشكلة الراهنة والتي يطرحها التقرير الأخير لكوفي عنان. وقد عبر القرار رقم 1495 بصريح العبارة في الفقرة الأولى عن تأييده لما سمي بخطة السلام بوصف ذلك حلا سياسيا أمثل على أساس الاتفاق بين الطرفين، ورغم نصه على هذا الشرط فإنه في الفقرة الثانية دعا الطرفين إلى العمل مع الأممالمتحدة وفيما بينهما لقبول خطة السلام وتنفيذها، ومن أهم ردود الفعل التي سجلت في تلك المرحلة التصريحات الصحفية التي صدرت عن وزير الشؤون الخارجية والتعاون محمد بن عيسى مباشرة بعد صدور القرار والتي أعلن فيها أنهيستجيب لكل ما كان يطالب به المغرب ويزيل كل ما كان يعارضه وأن المغرب سيعمل جاهدا على أن يعبر عن رأيه بكل صراحة في كل بند من بنود مشروع خطة جيمس بيكر المبعوث الشخصي للامين العام للأمم المتحدة للصحراء، وسيقبل ما يقبله وإذا رفض شيئا سوف يبرره بالقانون والمنطق والعقل، ثم جاء البيان الذي أصدرته وزارة الشؤون الخارجية والتعاون ليخفف من حدة الترحيب بالقرار حيث جدد بسط اعتراضات وملاحظات المغرب على خطة السلام وخصوصا منها المتعلقة بالمقتضيات المستوحاة من خطة التسوية لسنة 1991 التي أكدت الأممالمتحدة عدم قابليتها للتطبيق غير ما مرة خلال الثلاث سنوات الأخيرة، فضلا عن تضمنها لعدد من النقط التي الأخطار الكبيرة التي تشكل خطرا على استقرار وأمن المنطقة، كما أعلن في نص البيان على استعداده الكامل والصادق للدخول في حوار صريح مع كل الأطراف المعنية بهدف التوصل إلى حل سياسي نهائي وواقعي لهذه القضية مع تأكيد ارتياحه لمسألة النص على الاتفاق ببين الطرفين في أي حل سياسي في نص القرار الأممي باعتبار ذلكنقطة أساسية تتطابق بشكل تام مع روح ونص ميثاق الأممالمتحدة، وخصوصا في فصله السادس الذي يحدد مبادئ التسوية السلمية للخلافات، وهو موقف ارتبط بما جاء في النص الأولي لمشروع القرار والذي تضمن سعيا لفرض خطة السلام على الأطراف بغض النظر عن اتفاقهم معها، وتلى ذلك التصريح الصحفي للوزير المنتدب في الشؤون الخارجية والتعاون المغربي الطيب الفاسي الفهري في الثاني من غشت الماضي حيث أكد أن المغرب يسجل بارتياح القرار رقم 1495 والمصادق عليه بالإجماع من طرف مجلس الأمن الدولييكرس المبدأ الأساسي الذي لا يمكن بموجبه القيام بأي شيء ما لم يتم التفاوض بشأنه والموافقة عليه من قبل الأطراف المعنية. التوجه المغربي نحو نقد الموقفين الإسباني والجزائري لقد ركز الموقف المغربي آنذاك على قضية السعي لفرض خطة السلام، واعتبر أن التراجع على ذلك مسألة ذات أولوية، كما برز في تصريحات الممثل الدائم للمغرب بالأممالمتحدة محمد بنونة، إلا أن تحقيق هذا التراجع لم يؤد إلى معالجة المشكل الذي تطرحه الخطة من جوهره، بل بقي المشكل قائما ولم يتجاوز الموقف المغربي حد الإعلان على استعداد المغرب للدخول في مشاورات بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي للخلاف الذي يعتبر ضروريا لتحقيق السلم ووحدة وبناء المغرب العربي الذي يتطلع له كل سكان المنطقة، مع توجيه النقد إلى كل من الموقفين الإسباني والجزائري، حيث عبر وزير الخارجية محمد بن عيسى في تصريحات للشرق الأوسط نهاية يوليوز الماضي عن أنه في الوقت الذي كنا نعمل جاهدين وبصدق على إعادة بناء الثقة بين الحكومتين، وتوثيق عرى التعاون والشراكة بين البلدين والشعبين الجارين تفاجئنا رئاسة مجلس الأمن بموقف معاد للمصالح العليا للمملكة المغربية ومصالح إسبانيا ذاتها في المغرب مضيفا أن كل المجهودات الصادقة التي قامت بها الرباط لتوضيح موقفها من مشروع خطة بيكر ورغم الاتصالات المكثفة التي تمت بينه وبين زميلته أنا بالاثيو وزيرة خارجية إسبانيا لشرح مآخذ المغرب على مشروع التوصية المطروح حاليا للتشاور في ما بين أعضاء مجلس الأمن، لم تأخذها إسبانيا بعين الاعتبار ولا الشروح المغربية سواء كدولة أو كرئيسة لمجلس الأمن خلال شهر يوليوز، أما في اتجاه الجزائر فقد كانت التصريحات الصحفية للوزير المنتدب في الشؤون الخارجية الطيب الفاسي الفهري في 9غشت واضحة بشكل مباشر فقضية الصحراء يمكن حلها شريطة أن تبذل الجزائر الجهود الضرورية من أجل ذلك مضيفا أنه من المهم إعادة وضع قضية الصحراء في سياقها الحقيقي التاريخي والجيو- سياسي.... فجبهة البوليساريو لم توجد إلا بفضل الدعم المالي والدبلوماسي والأمني والسياسي للجزائر... وأن مشكل الصحراء يختصر اليوم في مصير 30 ألف شخص محتجز في الأراضي الجزائرية ، وهو الموقف الذي أكده خطاب الملك محمد السادس في ذكرى ثورة 20غشت حيث عبر بوضوح عن أن المملكة تظل منفتحة على كل حوار بناء وصريح لحل هذا النزاع المفتعل في إطار الحفاظ على وحدتها الترابية وسيادتنا الوطنية التي لن نقبل أبدا وأقول أبدا أي مساومة عليها، منددا في الوقت نفسه بخصوم مغربية الصحراء المتمادين في معاكستهم لها بحقد وعداء إلى حد كشف قناعهم عن كونهم الخصم الحقيقي الذي تمتد أطماعه من الهيمنة الكاملة على أقاليمنا الجنوبية من خلال بيادق الانفصاليين إلى طرح التقسيم الذي يؤدي لا محالة إلى بلقنة المنطقة برمتها. نشاط الديبلوماسية المغربية وآثاره لقد حكم التوجه السابق نشاط الديبلوماسية المغربية طيلة الفترة الماضية، وكان من ثماره الوصول إلى درجة مقبولة من تحييد الموقف الأمريكي من جهة أولى، وتقوية الدعم الفرنسي للموقف المغربي من جهة ثانية، ورفع مستوى الضغط على الموقف الإسباني من جهة ثالثة. بخصوص النتيجة الأولى فقد برزت بعد لقاء نيويورك في 23 شتنبر الماضي وذلك على هامش الدورة 58 للجمعية العامة للأمم المتحدة والذي حضر في جلسة العمل التي انعقدت بين كل من الملك محمد السادس والرئيس الأمريكي جورج بوش كل من كولن باول كاتب الدولة الأمريكي في الخارجية وكوندوليزا رايس مستشارة الرئيس الأمريكي للأمن القومي وويليام بيرنز مساعد كاتب الدولة لشؤون الشرق الأوسط وروف كارل المستشار الخاص للرئيس بوش وإليوت أبرامز عضو المجلس القومي للأمن الأمريكي المكلف بشؤون الشرق الأوسط ونيغروبونتي السفير الأمريكي لدى الأممالمتحدة، وتناقلت وسائل الإعلام بعد ذلك تصريحا لمسؤول أمريكي رفيع أن الرئيس بوش طلب مواصلة العمل مع الأممالمتحدة ومع جيمس بيكر متعهدا في الوقت نفسه للملك المغربي بأن لا تفرض الأممالمتحدةوالولاياتالمتحدة تسوية على المغرب مبديا تفهما لحساسية القضية، وهي نتيجة أولية تبعد احتمال حصول تطور سلبي حاد في المدارسة المقبلة لقضية الصحراء المغربية نهاية الشهر الجاري، إلا أنها غير كافية مادام لم يقع الإلغاء الكلي لخطة السلام التي اقترحها جيمس بيكر وتعويضها بمشروع جديد يقوم على خيار الحل السياسي الوسط، وهو ما جاء التقرير الأخير لكوفي عنان ليؤكد استمرار اعتماد نفس الخطة. أما بخصوص النقطة الثانية، فقد جسدتها زيارة الرئيس الفرنسي جاك شيراك إلى المغرب في 9أكتوبر الجاري والتي عبر أثنائها عن الدعم الفرنسي لجهود المغرب في استكمال وحدته الترابية، و أنه نقل هذا الموقف إلى الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، خلال اللقاء معه في باريس في بداية الشهر، ورد الملك محمد السادس بإننا ممتنون لما تقوم به فرنسا من عمل إيجابي، لصالح حل سياسي عادل وواقعي للنزاع المصطنع الموروث عن الحرب الباردة والمفتعل حول استكمال وحدتنا الترابية، ولعل من ثمار هذا الجهد أيضا اللقاء الذي تم في نيويورك بين الملك محمد السادس والرئيس بوتفليقة والذي شكل مناسبة لطرح قضايا الخلاف بين المغرب والجزائر والتأكيد على حساسية قضية الصحراء في العلاقات بين البلدين، إلا أن المثير هو الموقف الذي سارع رئيس الحكومة الجزائرية أحمد أويحيى إلى إعلانه مباشرة بعد تصريحات الرئيس الفرنسي بالمغرب وذلك يوم 14أكتوبر أن الجزائر تابعت تصريحات ومواقف الرئيس الفرنسي خلال زيارته الأخيرة إلى المغرب، لكن يجب أن نذكّر مرة أخرى أن المغرب ليس في نزاع مع الجزائر بخصوص قضية الصحراء الغربية، وعلى المغرب أن يعلم أنه مفروض عليه أن يتعامل مع مجلس الأمن الدولي، وأن بلاده كانت تأمل من فرنسا أن تشجع المغرب لقبول الحل الدولي لقضية الصحراء الغربية. وعلى الصعيد الإسباني، فإن الطلب المغربي بتأجيل القمة الإسبانية المغربية التي كانت مقررة في بداية أكتوبر الجاري، كشف عن أن الانتقادات المغربية للسلوك الإسباني في مجلس الأمن في يوليوز الماضي لم تكن موجهة فقط للاستهلاك الإعلامي بل انعكست على السير العادي للعلاقات، مما يمثل رسالة للطرف الإسباني من أجل التوازن أكثر في مواقفه حول النزاع. صدمة التقرير الأخير ومفاجآت كوفي عنان ويمكن القول أن مفاجآت التقرير متعددة وأهمها: -عرض المضامين الكبرى لنتائج المباحثات التي قام بها المغرب مع المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة جيمس بيكر في 17 شتنبر الماضي، وقد ضم الوفد المغربي كل من وزير الخارجية والتعاون محمد بنعيسى والوزير المنتدب لدى وزارة الداخلية فؤاد علي الهمة وممثل المغرب بالأممالمتحدة محمد بنونة، وفي هذه المباحثات طلب المغرب إعطائه مهلة للتفكير والتشاور قبل إعطاء رده النهائي على فقرات منطوق القرار 1495 ولاسيما الفقرة الثانية التي دعا فيها المجلس الطرفين إلى العمل مع الأممالمتحدة وفيما بينهما لقبول خطة السلام وتنفيذها. - يؤكد التقرير على أن المغرب هو المعترض الوحيد على الخطة وأنه لم يسحب اعتراضه المرتبط بإدراج خيار الانفصال ضمن خيارات الاستفتاء عند نهاية المرحلة الانتقالية المحددة في الخطة في أربع إلى خمس سنوات، وقد أبرز التقرير أن الخطة تمثل نهجا عادلا ومتوازنا، وأن قبول البوليزاريو لخطة السلام يتيح في الوقت الراهن غفرصة لإيجاد حل للنزاع الذي طال أمده، ولهذا الاعتبار فإن كوفي عنان يحث المغرب على اغتنام هذه الفرصة والمشاركة بشكل إيجابي في العملية من خلال قبول الخطة وتنفيذها. - وبناء على ما سبق يرفع كوفي عنان توصية لمجلس الأمن يعلن فيها الموافقة على توصية جيمس بيكر بمنح المغرب مزيد من الوقت للتفكير والتشاور قبل تقديم رده النهائي، وذلك بتمديد ولاية البعثة، ولهذا أوصى بتمديد عمر البعثة ثلاثة أشهر إضافية أي إلى نهاية يناير المقبل، وذلك على أمل أن يتلقى رد المغرب بقل نهاية السنة. - وقد ختم التقرير بأنه في حالة لم يحدث أن انخرط المغرب بشكل إيجابي في تنفيذ الخطة، فسيعود إلى مجلس الأمن في يناير ليقدم رأيه بشأن مستقبل عملية السلام في الصحراء الغربية وكذلك بشأن ولاية البعثة. - استمرار عمليات تقليص أعضاء كل من لجنة تحديد الهوية وضباط الشرطة المدنية، ومواصلة استكمال عمليات نقل ملفات تحديد الهوية التي جرت في عقد التسعينيات إلى مكتب الأممالمتحدة بجنيف. - رغم القبول الإيجابي لقرار البوليساريو بإطلاق سراح 243 من الأسرى المغاربة، جدد كوفي عنان الدعوة من أجل إطلاق 914 أسيرا متبقيا منهم من ظل رهن الاحتجاز أكثر من 20سنة، وفي الوقت نفسه وضع تقرير كوفي عنان ملف الأسرى إلى جانب ملف اللاجئين حيث ناشد المجتمع الدولي أن يقدم دعما سخيا إلى المفوضية وغلى برنامج الأغذية العالمي كي يمكنهما من تلبية احتياجات اللاجئين الصحراويين، وهو موقف يدل على الفشل في فضح عمليات المتاجرة التي تتم بهذه القضية، وعدم التمكن من طرح عملية العودة إلى الأقاليم الصحراوية الجنوبية كأولوية وفرضها وعدم الربط بينها وبين عملية التسوية السياسية للنزاع. - عرض التقرير للجهود المبذولة في مجال تحديد مواقع الألغام والذخائر غير المنفجرة وكذا أعمل التخلص منها وخاصة على جانبي الجدار الدفاعي، ومما نص عليه التقرير قيام الجيش المغربي ب31 عملية تخلص راقبتها الأممالمتحدة، ومما ذكره التقرير أن الأمطار التي سقطت أدت لكشف الكثير من الألغام. دلالات التمديد تكشف التوصية التي رفعها كوفي عنان عن عدد من الخلاصات أهمها: - حدة المأزق الذي تعيشه الأممالمتحدة بعد تراجع الولاياتالمتحدة عن إعطاء دفعة قوية لخطة بيكر وتصاعد قوة الدعم الفرنسي للمغرب، وهو ما ندجد تجليا له في الموقف المغربي المعبر عنه بعد نشر التقرير، حيث تم توجيه نقد حاد للأمانة العامة للأمم المتحدة التي أقدمت على اعتماد تأويل مغلوط لقرار مجلس الأمن ,1495 وأن المفاوضات التي تم الحديث عنها لم تتم حتى يطلب من المغرب التوقيع على نص الخطة. - أن هذا التوصية تمثل استمرارا لعملية الحسم التي عرفتها مناقشات اللجنة الرابعة للأمم المتحدة والتي حسمت يوم 16أكتوبر الجاري لصالح موقف وسط ومتوازن عبرت فيه عن دعمها للجهود المبذولة من أجل التوصل إلى مفاوضات حقيقية بين الأطراف وصولا إلى حل مقبول لهذا النزاع وهو ما أشاد به لسفير المغربي بالأممالمتحدة. - أن تصاعد حدة التوتر في الشرق الأوسط وخاصة بكل من فلسطين والعراق ثم سوريا، كان له انعكاسه على تفرغ القوى العظمى من أجل حسم اختلالات التدبير الأممي لنزاع الصحراء، بل إن الطرف الأمريكي مقيد بإكراهات ضاغطة في الشرق الأوسط تقيد حركته نسبيا تجاه بؤر التوتر الأخرى، لا سميا وأن من النموذج السوداني في تسوية نزاع الجنوب مايزال في طور التشكل وقد يصلح في حال نجاحه للتعميم. خلاصة... الحاصل أن النشاط الذي انخرطت فيه الديبلوماسية المغربية في الأشهر الماضية انعكس إيجابا لكنه لم يصل إلى درجة دفع الأممالمتحدة إلى سحب الخطة واعتماد أرضية جديدة للوصول إلى حل سياسي للنزاع، وهو ما يفرض عدم الإطمئنان للوضعية الراهنة وعدم الاغترار بما تحقق من نتائج بل إن استهداف الوحدة الترابية هو تحد قائم وما جرى هو تأجيله ثلاثة اشهر إضافية، ولا يمكن اعتبار الخطر قد تجاوز المغرب إلى بعد اعتماد حل سياسي على أرضية مغايرة لخطة بيكر كلية، فضلا عن ذلك مازال الموقف الجزائري متصلبا إزاء المطلب المغربي في الانخراط في مفاوضات صريحة، رغم أن الموضوع كان ضمن مباحثات قمة نيويورك، ورغم التدخل الفرنسي لصالح ذلك، كما أن السعي لطرح قضية مخيمات تندوف وتشديد المطالبة بالعودة، ما تزال هي الأخرى محدودة، بالرغم من كونها تمثل مدخلا رئيسيا لتغيير الإطار العام للمشكل وفك الضغط الممارس من قبل الجزائر، والحاصل أن المغرب عليه أن يفكر في الانتقال إلى مرحلة أعلى في طرحه لهذا الملف، وتجاوز الاقتصار على توجيه الرسائل الديبلوماسية، وذلك في أفق خلق وضعية استراتيجية جديدة تعيد النظر في مختلف السياسات الأممية لحل النزاع. مصطفى الخلفي