نسبة البطالة في موريتانيا بلغت 32,5 % وفي المغرب 9,9 %، والجزائر 23% وفي تونس 14 % وليبيا20,74 % ونسبة البطالة بالدول العربية هي الأعلى بين جميع مناطق العالم. تعددت الأسباب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدولية إزاء هذه الظاهرة إلا أن الاقتصادية تبقى من بين أهم العوامل البارزة. فهل تملك حكومات الدول المغاربية حلولا ناجعة لهذه الظاهرة التي تعتبر قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي لحظة؟ لا سيما أن ما وقع في تونس تحول بين ليلة وضحاها إلى أبرز ثورة عربية في العصر الحديث. شرارة من كان يتوقع أن شابا حاصلا على الشهادة الجامعية بتونس، ويعمل في بيع الخضر على متن عربة متنقلة دخل في نزاع مع الشرطة أدى إلى صفعه من طرف شرطية على وجهه ليتوجه إلى الشرطة لكي يشتكي، وبعد محاولات عديدة باءت بالفشل أضرب النار في جسده، ليخرج عشرات ومئات التونسيين إلى الشارع تضامنا مع هذا الشاب، لتنتقل الاحتجاجات إلى ثورة أتت على الأخضر واليابس في تونس الخضراء بعد موت الشاب البوعزيزي أياما قليلة بعد الحادث. إنه مثال حي لملف الشغل والبطالة بالدول المغرب العربي الذي يمكن أن ينفجر في أي لحظة، على اعتبار الأفواج الكبيرة التي تنضاف إلى سوق الشغل، وصعوبات إدماجهم في سوق الشغل، على اعتبار النواقص الكبيرة التي توجد باقتصاديات هذه الدول المغاربية. عوائق وإكراهات كثيرة هي العوائق التي تمنع الدول العربية من خلق فرص شغل كافية لامتصاص الكم الهائل من العاطلين عن العمل، ابتداءا بضعف النسيج الاقتصادي لهذه الدول وعجزه على خلق فرص عمل، ومرورا في التقلص الكبير للمناصب المالية خلال السنوات القليلة الماضية من لدن الحكومات لاسيما في القطاع العام، بالإضافة إلى القطاع الخاص الذي يتسم بالعديد من مكامن الضعف وانعكاسها على فرص الشغل التي لا ترقى إلى المستوى المطلوب باستثناء الأطر العليا التي تستفيد من أجور جيدة وجميع الحقوق. ويعرف سوق الشغل بالمغرب العديد من الإكراهات، تتمثل في عدم ملاءمة المنظومة التعليمية لمتطلبات القطاعات، واستمرار تخريج أفواج كبيرة من الطلبة يجدون صعوبات في إدماجهم، بالإضافة إلى الخصاص في بعض المهن، وهو ما جعل البلد يؤشر للعديد من عقود عمل لفائدة الأجراء الأجانب خلال السنوات الأخيرة ، ويرى بعض الباحثين في مجال التشغيل أن غياب ثقافة البحث عن عمل في القطاع الخاص وعدم الاقتصار على الإدماج في القطاع العام، أحد أبرز التحديات لدى خريجي التعليم العمومي بالمغرب. وبين هذا وذاك، فإن المبادرة الحرة والتشغيل الذاتي هو الحلقة المفقودة، ولعل أبرز مثال على ذلك محدودية البرامج المعتمدة مثل مقاولتي، وغياب برامج تعليمية في هذا الاتجاه. وتبقى الدول المغاربية مشتركة في العديد من المؤشرات، من قبيل الركود الاقتصادي، وضعف الاستراتيجيات الاقتصادية القادرة على خلق مناصب الشغل، وغياب التنسيق بين القطاعات، وغياب الاندماج المغاربي، فضلا عن الفساد الذي يضيع على الدول المغاربية العديد من الأموال والاستثمارات التي يمكنها أن تكون قاطرة لخلق مناصب عمل. وبالنسبة للتجربة الجزائرية، فإن فضائح الفساد طفت على السطح خلال السنوات القليلة الماضية، وأبرز مثال على ذلك ملف شركة سوناطراك. ولعل الأرباح الخيالية للغاز الجزائري والتي لا تجد لها طريقا إلى التنمية السوسيواقتصادية وبالتالي خلق مناصب الشغل تطرح أكثر من سؤال حول الوضع بالجزائر، إذ حققت الجزائر أرباحا وصلت إلى 150 مليار دولار خلال السنة الماضية من عائدات الغاز. وبين ليبيا التي تستقطب عمالة خارجية نظرا لقلة ساكتنها ومداخلها الكبيرة نتيجة الثروات الطبيعية خاصة البترول، وبين موريتانيا الفقيرة الاقتصادية حيث ساهم عدم الاستقرار السياسي في التأثير على الاستثمار المباشر الخارجي، فاجأت تونس كل المتتبعين جراء اندلاع الاحتجاجات فيها على اعتبار أن المؤشرات في هذه الدولة أحسن من جميع الدول المغاربية الأخرى. المفاجأة التونسية يشكو نمط النمو في تونس من التخصّص المُفرَط والاعتماد الكبير على سوق واحدة وهي الاتحاد الأوروبي، وفق الحسن عاشي الباحث في مركز كرنيغي، مضيفا أن تونس أرست إستراتيجية نموها على القطاعات المنخفضة المهارة التي تعتمد على اليد العاملة الرخيصة، مثل المنسوجات وصناعة الملابس، والسياحة المُوجَّهة لذوي الدخل المتوسط والضعيف من الأوروبيين. وهذه القطاعات في مجملها لا توفّر فرص عمل كافيةً للوافدين إلى سوق العمل مِمِّن هم على درجة عالية من التعليم. وأضاف المصدر ذاته، أنه لا تزال بيئة الأعمال في تونس تتّسم بضعف حماية المستثمرين، بخاصة المحليين، بسبب غياب الشفافية ودولة القانون. كما أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تعاني من محدودية فرص الحصول على تمويل. وكلا العاملين يحدّان من روح المبادرة ويقيّدان استثمارات القطاع الخاص، ما يعود سلباً على عملية خلق الوظائف. ناقوس الخطر بحسب لغة الأرقام فإن منظمة العمل العربية تؤكد أن نسبة البطالة بالدول العربية هي الأعلى بين جميع مناطق العالم. ومن المتوقع أن يصل عدد العاطلين عن العمل إلى ما يزيد على ال 25 مليون عاطل في عام ,2010 ويتطلب توفير 4 ملايين وظيفة جديدة سنويًا إذا أردنا لمعدلات البطالة ألا تتفاقم. وأكد إبراهيم قويدرالأمين العام السابق لمنظمة العمل العربية في بحث له، أنه في موريتانيا بلغت نسبة البطالة 32,5 % حسب وكالة الأنباء الموريتانية في 22 أبريل ,2009 مضيفا أن المملكة المغربية يعتمد سوق التشغيل فيها على النشاط الفلاحي بصورة كبيرة، وفى أحدث تقارير منظمة العمل الدولية تشير إلى أن نسبة البطالة في المغرب تصل إلى 9,9 %، وتظهر الدراسات أن البطالة تزداد حدتها في الأرياف أكثر منها في المدن التى تبرز فيها مشكلة بطالة أصحا ب المؤهلات العليا. فيما تبلغ نسبة البطالة في دولة الجزائر حوالي 23%، ويلاحظ أن نسبة 60% من العاطلين من الشباب، ووفق دراسة أجريت على مجموعة من الشباب تتراوح أعمارهم من 18 إلى 35 عامًا كان أكثر من 50% منهم يفكرون في الهجرة خارج الجزائر بسبب مشكلة العمل. وفي تونس تمثل البطالة ما نسبته 14%، ويلاحظ أيضًا أن 55% من طالبي العمل فيها من الشباب الحاصلين على مؤهل جامعي ومتوسط. كما يقدر معدل البطالة بين أفراد قوة العمل الليبية بحوالى20,74 %، وتتركز نسبة ارتفاعها بين الذكور عن الإناث. وأكد التقرير العربى الثانى حول التشغيل والبطالة في الدول العربية أن أعلى مستويات البطالة بين المتعلمين من خريجي الجامعات والمعاهد العليا، توجد بالمغرب وذلك بمعدل 26,8 في المائة في المغرب، و19,3 في المائة في الجزائر. وتجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من انخفاض نسبة العاطلين في بعض الدول العربية كما ورد في التقرير إلا أن ذلك قد لا يعكس المعلومات والبيانات الحقيقية والواقعية لحالة العطالة ونسبها في تلك الدول. واعتبر المصدر ذاته، أن 64 في المائة من إجمالي القوى العاملة يتركز في خمس دول، تتمثل في مصر والسودان والمغرب والجزائر والعراق. ويرى الباحثون أن البطالة مبعث العديد من الاختلالات الاجتماعية من فراغ وإجرام وفقر وهجرة ودعارة وإحراق للنفس، فمن كان يظن أن شابا حاصلا على الشهادة الجامعية سيكون وراء سقوط رئيس بقي على كرسي الحكم لأزيد من 23 سنة، فهل ستستفيد الدول المغاربية والعربية من هذا الدرس وبالتالي التغيير من طريقة معالجة هذه الظاهرة، أم أن الأسر ومعها الشباب سيعيشون نفس السيناريو وبالتالي بقاء الأبواب مفتوحة على كل الاحتمالات.