مر أكثر من شهر على الإضراب اللامحدود الذي يخوضه بعض المعتقلين على ذمة ما يعرف بملف ''السلفية الجهادية'' بالسجن المركزي بالقنيطرة منذ 06 دجنبر 2010 -والذين كانوا قد رحلوا منذ 09 أكتوبر 2010 من عدة سجون في اتجاه العمارة الجديدة بالسجن المركزي بالقنيطرة- دون أن تحرك الوزارة الأولى ساكنا بحكم تبعية مندوبية السجون وإعادة الإدماج لها، بالرغم من سوء الحالة الصحية لبعضهم حسب تقارير الجمعيات الحقوقية وبعض المقربين من المعتقلين. كان عدد المضربين عن الطعام بنفس السجن يفوق الستين، إلا أن النصف علق الإَضراب بعد اللقاء الذي جمعهم مع مسؤولين بمندوبية السجون، هؤلاء الذين أطلقوا وعودا بتحسين الوضعية التي يعيشها المعتقلون المرحلون، بالاستجابة إلى أغلب مطالبهم باستثناء البعض منها ( كالاستفادة من الخلوة الشرعية واصطحاب المواقد الكهربائية بالزنازين....) وهو ما خلف استحسانا لدى بعض المعتقلين وبالتالي بادر بعضهم إلى تعليق الإضراب إلا أن الواقع كذب المزاعم ومازالت الأحوال بالسجن المركزي بالقنيطرة كما هي حسب شهادات عوائل المعتقلين ل''التجديد''. ويعتبر الإضراب اللامحدود عن الطعام الذي نفده المعتقلون على خلفية ''السلفية الجهادية'' بما فيهم الشيوخ الأربعة سنة 2005 أكبر إضراب قامت به هذه الفئة، بسبب القيمة المعنوية لانضمام الشيوخ فيه، وبسبب المطالب التي كانت واضحة ومحددة في الإفراج والحرية ورد الاعتبار للمعتقلين الإسلاميين بالمغرب، وجبر الضرر ومتابعة من أسموهم ''الجلادين'' إضافة إلى فتح تحقيق حر ونزيه حول ملابسات تفجيرات الدارالبيضاء-حسب بياناتهم آنذاك-. تضامن السجون ساءت الحالة الصحية لبعض المضربين عن الطعام (إغماءات متوالية للشيخ أبو معاذ، تقيأ كل من ''خالد إزيك''، ''محجوب امديدش''،''أحمد أرزكي'' الدم..كما عرف باقي المضربين عن الطعام نقصا في الوزن، وارتفاعا على مستوى الضغط، ومايزال ''هدي بلكحل'' في الزنزانة العقابية (الكاشو) حيث أكدت عائلته أنه يعيش داخل الكاشو في ظروف لا إنسانية، وأخرجوه إلى زيارة زوجته وطفلته الصغيرة، والأصفاد في يديه حتى أنه عانق طفلته الصغيرة بأصفاده. وبسجن خريبكة، لازال ''ميلود جودة'' مضربا بالرغم من أن حالته الصحية حرجة جدا حيث لم تزره عائلته في القاعة المخصصة للزيارة وإنما أدخلوا عائلته إلى قاعة خاصة لعدم تمكنه من الحركة، وتؤكد عائلته أنه مهدد بالموت في أي لحظة. ولا يتحرك ''حسن العبدلاوي'' إلا بصعوبة شديدة -كل زياراته مشبكة- وبالقيود في اليدين إلا المرة الأخيرة فقد تمت الزيارة في غرفة خاصة تحت حراسة أربعة حراس، ولم يستطع ملاطفة ابنته وملاعبتها نظرا لضعفه الشديد جراء الإضراب الذي خاضه صحبة (هدي بلكحل،ميلود جودة،حسن العبدلاوي، منذ 15 نونبر ,2010 وهو ما عجل بانضمام معتقلين آخرين إليهم من سجون مختلفة، سلا من خلال تنفيذ إضراب إنذاري تضامني عن الطعام في كل من الجديدة و أكادير و القنيطرة فاق عددهم المائة، وللتضامن أيضا مع الطبيبة ضحى أبو ثابت، والطالبة الجامعية فوزية أزوكاغ اللتين تخوضان إضرابا مفتوحا عن الطعام بالسجن المحلي بسلا منذ 28 دجنبر 2010 احتجاجا على ظروفهما داخل السجن. ويطالب المحتجون الجهات المعنية باعتبارهم معتقلي رأي أو معتقلين سياسيين، من جهة كما يطالبون بفتح تحقيق جاد في الترحيلات الأخيرة التي عرفتها بعض السجون المغربية في صفوف معتقلي ''السلفية الجهادية'' تجاه السجن المركزي بالقنيطرة ومحاسبة المسؤولين على تعنيف وضرب وإهانة المرحلين، وبضرورة إعادتهم إلى السجون القريبة من عائلاتهم الذين يتكبدون مصاعب السفر ماديا ومعنويا لزيارة لا تدوم أكثر من نصف ساعة والتعامل معهم ومع ذويهم بشكل حضاري. أهداف الإضراب أكد عبد الرحيم مهتاد، رئيس ''جمعية النصير لمساندة المعتقلين الإسلاميين'' أن الإضرابات عن الطعام سواء تلك التي شهدها السجن المركزي بالقنيطرة، أوالسجون الأخرى خلال السنوات الأخيرة لم تكن لها أهداف محددة، وذلك لعدة اعتبارات منها ما هو موضوعي مرتبط بالمعتقلين أنفسهم ومنها ما هو تقني - إن صح التعبير-، موضحا في تصريح ل''التجديد'' أن ''اختلاف مشارب المعتقلين، وأفكارهم والمدارس التي ينتمون إليها، لم يكن عاملا مساعدا في توحدهم، واصطفافهم على أمر واحد، وهدف واحد ووسيلة نضالية واحدة، فمن بين المعتقلين من لا يؤمن بالإضراب عن الطعام كوسيلة للدفاع عن مطالبه، ومنهم من لا يشارك في أية مبادرة كانت نتيجة لطبيعة تفكيره او لاعتقاده أن اعتقاله كان نتيجة طبيعية لما قام به ولا داعي لفعل أي شيء... وبين هؤلاء وأؤلئك تبقى فئة من المعتقلين الإسلاميين الذين اعتقلوا على خلفية الأحداث أو حوكموا بمقتضى قانون الإرهاب، ومتأكدون من براءة ما نسب إليهم،ووجدوا أنفسهم محشورين وسط واقع لم يكونوا على صلة به. وأضاف مهتاد، أن الأهداف والمرامي لكل الإضرابات عن الطعام متعددة باستثناء بعض الإضرابات التي اتفق المعتقلون فيها على الجهر بمظلوميتهم، أو التي خاضوها من أجل تحقيق بعض المكتسبات السجنية سنوات 2005 و .2006 من جهة أخرى، توقف مهتاد عند بعض الثغرات التي كانت تعتري جميع هذه المراحل النضالية، والتي جسدها في الاختلاف بين المعتقلين حتى ''أصبحنا نرى البعض منهم مضرب عن الطعام، والآخر غير مضرب، وهم يقتسمون نفس السجن وربما نفس قاعة الزيارة، وعشنا كذلك على إيقاع الإضرابات الفردية التي يخوضها المعتقلون اعتقادا منهم بأن ذلك دفاع عن قضيتهم في معزل عن الآخرين، وفي جميع الحالات لم تكن المطالب متناسقة أو منسجمة، ففي الوقت الذي نجد فيه البعض يتخذ من سقف المطالب السجنية هدفا لنضاله من خلال الإضراب عن الطعام، نجد البعض الآخر يرفع السقف ليطالب بحريته والإفراج عنه، ولكن في غياب رؤية سياسية واضحة واستراتيجية محددة للإضراب عن الطعام غالبا ما كانت تنتهي هذه الإضرابات بالرضى بسقف المطالب السجنية التي ما أن تعطى لهم باليد اليمنى، حتى يتم سحبها منهم باليد اليسرى وهكذا دواليك''. وخلص المتحدث نفسه، أنه منذ مجيء المندوبية العامة للسجون وإعادة الإدماج سنة ,2008 لم تعد للإضرابات عن الطعام تلك الميزة التي كانت عليها، بل ولم تعد تحقق المرجو منها لسبب وجيه وهو تعنت المندوبية في التعاطي معها، وفي كثير من الأحوال تحولت تلك الإضرابات عن الطعام من وسيلة للمطالبة بالإفراج، وإثارة الانتباه إلى قضية الاعتقال في عمقها إلى روتين يومي يتم التعامل والتعاطي معه مع تحديد سقف زمني ومطلبي له. معدل الإضرابات وعن وثيرة الإضرابات عن الطعام للسنة المنصرمة يشدد مهتاد، أن وثيرة الإضرابات عن الطعام بكل السجون المغربية ارتفعت منذ سنة 2008 وعرفت تصعيدا خلال السنوات الأخيرة، موضحا أن السنوات السابقة ''كان المعتقلون الإسلاميون يخوضون إضرابات موحدة زمنيا، وبكل السجون، وكان ذلك مصدر قوة لهم ويحققون من خلاله الكثير من الحقوق والمكتسبات، الأمر الذي افتقدوه فيما بعد، حيث بدأت الإضرابات تأخذ شكلا غير منظم ولا موحد''، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن سنة 2010 شهدت جملة كبيرة من الإضرابات شملت كل السجون التي يتواجد بها المعتقلون الإسلاميون، غالبا ما كانت هذه الإضرابات بمثابة ردة فعل على سحب بعض المكتسبات، أو الحقوق أو الترحيلات التعسفية، وكانت تعرف حلا لها دون أن تفي بالغرض الذي من أجله نفذت، بل كانت في أغلب الاحيان سببا في الانقسام والاختلاف بين المعتقلين-يقول مهتاد مسترسلا-، أن ''ما تعيش السجون على إيقاعه اليوم خير دليل، وفي الوقت الذي دخل فيه أكثر من 120 معتقلا الإضراب عن الطعام يوم 6 دجنبر الماضي، علق أغلبهم الإضراب بعد أسبوعين، فيما ما يزال 26 معتقلا متشبثا بالإضراب، وذلك لعدم وضوح الرؤيا لدى المعتقلين وبسبب قناعاتهم المختلفة، فهناك الذين يؤمنون بأنهم مقحمين في هذا الملف، وليسوا متورطين في أعمال الدم والإرهاب، ولا هم كانوا يوما من الأيام خارج المغرب، وهؤلاء معركتهم محسومة سلفا وهي لا تتعدى الأمور المطلبية ويلجأون إلى طرق أخرى لتوضيح مواقفهم والدفاع عن حريتهم، وهناك آخرون يرون في المضي بالإضراب إلى أقصى الحدود، محاولة لإسماع صوتهم، وإحراج الدولة لكي تستجيب إلى مطالبهم وهم في هذه الحالة مقتنعون بما هم عليه وماهم فيه، ومؤمنون بما يقومون به. وعن تباين مطالب المحتجين يقول مهتاد إن اجتماع المعتقلين على مطالب محددة، و رأي واحد ستتوحد الجهود، وبدون كل هذا سوف تبقى جميع محاولاتهم مجردة من اية تأثير لافتقارها إلى القوة والوحدة والاستراتيجية.