هذا المقال هو في أصله محاضرة تم إلقاؤها في الدورة الثانية عشرة للمنتدى الوطني للحوار والإبداع الذي نظمته منظمة التجديد الطلابي في تطوان في شهر مارس من هذه السنة، ولأن ما تضمنته المحاضرة من تحليل استوعب مسار التجربة الديمقراطية المغربية ووقف على عثراتها وحدد بدقة أعطابها الرئيسة، فقد التمست الجريدة من الأستاذ امحمد الخليفة تطوير المقال بما يجعله يرتفع إلى مقام الشهادة التاريخية على تجربة الانتقال الديمقراطي في المغرب، وقد استجاب القيادي الاستقلالي لهذا الملتمس، وقد قراءته النقدية الصريحة بدءا من وثيقة الاستقلال ومرورا بكل الاستحقاقات الانتخابية التي عرفها المغرب إلى تجربة الانتقال الديمقراطي، حيث وقف طويلا على هذه التجربة وأخضعها للتشريح النقدي، محددا نقاط قوتها وعناصر إخفاقها ومركزا بكل جرأة على أسباب إجهاض المنهجية الديمقراطية، وتاريخ الحزب الأغلبي في المغرب ودوره في تعطيل الديمقراطية والدواعي التي تلجئ النخب المتنفذة على الحكم إلى فرضه على المشهد السياسي بالإضافة إلى مقترحات لإصلاح المشهد السياسي والحزبي وتحقيق تطلع المغاربة في إقامة نظام ديمقراطي في البلاد. ونظرا لأهمية هذا المقال/ الشهادة للتاريخ، فقد ارتأينا أن ننشرها في جزءين. أعطاب مشهدنا السياسي هناك ما يشبه الإجماع على أن هذا المشهد معطوب. و الكل يعبر عن هذا العطب بأساليب مختلفة. هناك من يقول بأنه هش، وهناك من يقول مختل، وهناك من يقول أن الحقل الوطني لم يعد يتسع لمن يقوم فيه بدوره كاملا من اجل أن يكون الوطن صامدا وقويا. الخلاصة إن الكل يشتكي من العطب الذي لحق المشهد السياسي. فأين الخلل؟ وإلى ماذا يرجع هذا العطب؟ علينا أن نختصر المسافات ونرجع بالذاكرة إلى سنة 1955 عندما أعلن المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه عن نهاية الحماية وبزوغ فجر الحرية والاستقلال. مرت في تلك اللحظة على تقديم وثيقة الاستقلال التي قدمت يوم 11يناير1944 إحدى عشر سنة، وقد تضمنت هذه الوثيقة مبدأين اثنين: 1 المبدأ الأول هو تحقيق الاستقلال. 2 والمبدأ الثاني هو إقامة نظام ديمقراطي بالمغرب. أما المبدأ الأول فقد تحقق بعد مرور إحدى عشر سنة من توقيع وثيقة الاستقلال بعد أن انتصر المغاربة على الاستعمار الفرنسي والإسباني، لكن الجزء الثاني من هذه الوثيقة، لا يزال إلى الآن يراوح مكانه ونكابد من أجل تحقيقه وهذا هو العطب المغربي الحقيقي والمستمر منذ ستين سنة. وتكمن أهمية وثيقة الاستقلال في كونها لم توقع من طرف الوطنيين فقط، و لكنها كانت نابعة من وطنية العرش العلوي وباتفاق معه. لقد كان هناك التزام واضح ولو أنه غير مكتوب بين الملك والشعب، إذ كان مضمون هذا الاتفاق أنه بعد الكفاح من اجل الاستقلال وتحقيقه، سيعتلي الملك عرش المغرب المستقل صاحب السيادة الذي لا وصاية أو سلطان لأحد عليه، ومقابل ذلك فان الملك سيقيم نظاما ديمقراطيا في البلاد. والذي وقع أن هذا الالتزام بالنسبة للديمقراطية لم يتحقق، فمن أين جاء العطب ؟ ولماذا بقي المغرب متأخرا بالنسبة إلى ديمقراطيته رغم انه انتصر في معركة تحقيق الاستقلال في غضون إحدى عشر سنة، والآن مرت تقريبا ستون سنة دون أن نصل إلى تحقيق هدف إقامة نظام ديمقراطي في البلاد ؟ مسؤولية جيلكم لا أريد أن أنقب كثيرا في التاريخ، ولا احتاج أن نعيد التساؤل حول من كانت له المصلحة في إجهاض ذلك الميثاق الأخلاقي الغليظ المتبادل بين العرش والشعب، فهذا موضوع طويل لو ظللنا ننسل العشرات من الأسئلة المتفرعة عنه لذهب بنا الموضوع بعيدا. السؤال المهم الذي ينبغي أن نطرحه بعد أن قضينا نحن ستين سنة دون أن نحقق مطلب إقامة نظام ديمقراطي حقيقي في البلاد هو: هل سيبقى هذا الجيل أيضا ينتظر مرور ستين سنة أخرى دون أن يصل إلى تحقيق هذا التطلع الديمقراطي المشروع؟ هذه أسئلة عميقة يفترض في هذا الجيل أن يجعلها محور حواراته وأن يعمق فيها النقاش والبحث أكثر عن أنجع الوسائل لجعلها واقعا حقيقيا بالبلاد . مثلث العطب: 1) القوة المهيمنة . 2) انتخابات غير نزيهة . 3) ديمقراطية غير حقيقية هذا العطب الذي أصاب ديمقراطيتنا يمكن أن نرسمه على شكل مثلث. فالمغرب منذ الاستقلال، لم يعرف انتخابات نزيهة، ولم تشيد فيه ديمقراطية حقيقية، فقد مرت على المغرب انتخابات عديدة كلها لم تسلم من الشوائب والاختلالات، بل والتزوير وتدخل السلطة ثم جاء استعمال المال حلاله وحرامه. أما على مستوى إقامة ديمقراطية حقيقية، فقد عرف المغرب حوالي خمس دساتير من سنة 1962 مرورا بدستور1970 الى دستور 1972 ثم إلى دستور 1992 ثم دستور 1996 الذي يؤطر حياتنا السياسية اليوم. هذان زاويتا المثلث القاعدية، انتخابات غير نزيهة وديمقراطية غير حقيقية. أما الزاوية الثالثة في رأس المثلث وهي المسؤول الحقيقي عن هذا العطب، فهي الطبقة التي تدبر كل شيء من وراء حجاب و تبدو كما لو كانت مستترة، و لكنها ظاهرة لا تكاد تخطئها العين، تهيمن على كل شيء لتسير كل شيء، ترفع من تشاء وتقصي من تشاء، هذه هي القوة الحقيقية التي وقفت عرقلة في وجه إقامة نظام ديمقراطي في المغرب. وما نشاهده اليوم من مظاهر لهذه القوة، وفي مقدمتها بروز الحزب الاغلبي، الذي كل يوم هو في شأن، فهو مجرد مظهر لهذه القوة المهيمنة والمتحكمة، وما يفتعله اليوم من معارك حول القيم ما هي إلا واجهات للصراع تفتعلها هذه القوة المتحكمة في رأس المثلث لتجد لها موقعا تحت الشمس إذ لا جدال أبدا في أن المغرب دولة إسلامية، ولا جدال في كون هذه الأمة تؤمن بنظام الملكية الدستورية الديمقراطية الاجتماعية، وأن المغاربة بوطنيتهم الصادقة لا يمكن أن يتخلوا عن وحدة وطنهم. إن تاريخ النضال الوطني الديمقراطي الذي خضناه يعطينا الحق أن نتحدث بصراحة عن زاوية هذا المثلث في الأعلى التي تحتجز أملنا القوي في ديمقراطية حقيقية وانتخابات نزيهة لا مطعن فيها لآخذ . التحدي الديمقراطي المقارن هذه المعطيات أو المقدمة التي جعلتها توطئة لمقالي هذا تؤكد لكم بأنه على مدى ستين سنة فشلنا في إقامة نظام ديمقراطي بانتخابات نزيهة، وكانت العرقلة تأتي دائما من قبل النخبة المتحكمة القابعة في رأس المثلث، ولم يستطع المغرب منذ دستور 1962 وأول انتخابات برلمانية سنة 1963 أن ينجح في تحقيق انتخابات نزيهة، أو قيام ديمقراطية حقيقية، وكان يمكن أن تكون نقطة الانطلاق سنة ,1976 عندما تم سن ميثاق الجماعات المحلية الذي شكل في حينه طفرة وتقدما كبيرا في اتجاه الديمقراطية المحلية، وتجب المقارنة هنا إلى انه عندما عندما أجريت انتخابات 1976 كنا قد انطلقنا بالنسبة إلى الديمقراطية نحن والجارة الاسبانية في وقت واحد بعد وفاة الجنرال فرانكو وتخلص اسبانيا من نظامه الديكتاتوري واسترجاعها ملكيتها. بدأت تشق طريقها بإصرار ومثابرة نحو الديمقراطية الحق،وبدأنا معها نتلمس طريقنا إلى الديمقراطية . فهل يمكن اليوم للشاب المغربي أمام الشاب الإسباني أن يزعم بأن المغرب يعيش نفس الوضع الديمقراطي الذي تعيشه الجارة الأيبيرية ؟ هذا هو التحدي الكبير. نحن لا نريد أن نبقى دائما، ولا أن يبقى أبناؤنا طعاما لسمك البحر الأبيض المتوسط لأننا نفتقد للديمقراطية التي تؤدي إلى التقدم والنماء والازدهار . علينا أن نعترف بأنه كانت صراعات حقيقية، ويمكن أن نقول أنه كانت هناك صراعات حتى حول ثوابت لا يمكن المساس بها طيلة المرحلة ما بين 1956 إلى سنة ,1998 وأقول سنة ,1998لأنها كانت سنة جد مهمة في تاريخ المغرب الحديث، إذ قبلها كان هناك من لا يؤمن بالملكية، وكان هناك من يريد أن يقضي على النظام الملكي. وكان هناك من لا يؤمن بكل ثوابت الأمة... !!! تصفية تركة الماضي السيء تذكرون انه حدث انقلابان عسكريان، تحرك الجيش في الأول سنة 1971 انطلاقا من قصر الصخيرات، والثاني سنة 1972 خرج من القاعدة الجوية العسكرية بالقنيطرة و استهدف طائرة البوينغ الملكية القادمة من فرنسا. واليوم تنشر الصحف ما كان خفيا في ذلك التاريخ من حدوث مؤامرات ضد النظام الملكي. في هذه اللحظات الحرجة كنا نحن في حزب الاستقلال كالقابض على النار لأننا كنا نقول بان هذه الدولة دولة إسلامية ونظامها ملكي، وعلينا الكفاح من اجل تحرير بقية الأراضي المغتصبة وعلال الفاسي رحمه الله مات وهو يتحدث في رومانيا عن الوحدة الترابية وشاء القدر أن يعطي للوطنية الصادقة والحقة حقها في أن تشرق مثل الشمس وأن ننتصر، و كان ذلك جليا في الانطلاقة التي بدأت في البرلمان ابتداء من نهاية عقد الثمانينات، وبدأ الشعب يتابع حقيقة الأوضاع من خلال الحراك الذي كانت تقوم به المعارضة في البرلمان. وكان الحسن الثاني رحمه الله قد أعطى أوامره أن يمر كلام المعارضة على التلفزيون كما يمر كلام الأغلبية. وهكذا بدأ الشعب المغربي يفهم أن هناك اختلالا بالنسبة إلى الديمقراطية،و بالنسبة إلى حقوق الإنسان. وأنتم تعرفون أننا لا نعيش وحدنا معزولين في هذا العالم، فنحن نعيش اليوم في عالم بمثابة قرية صغيرة، وسقوط جدار برلين وانتهاء الحرب الباردة أدى إلى التأثير في الداخل من أجل أن يقع التغيير ومن أجل أن يرجع الجميع إلى المنطق السليم، وهو أنه لا بد أن نبحث عن تعايش يحفظ للبلاد قيمها وفي الوقت ذاته لا بد أن يوضع المغرب على السكة القوية والقويمة التي تضمن له كسب رهاناته الأساسية. كانت تلك معركة حقيقة في البرلمان وكانت مردوديتها على زخم الأحداث حاسمة اذ كانت بمثابة مقدمات لنصل إلى سنة .1998 تلك السنة التي تعني بالنسبة إلى تاريخ المغرب السياسي تسوية جل المشاكل التي تعترض المغرب ويتجلى ذلك في: أ ولا: جاء دستور سنة 1996 الذي صوت عليه بالاجتماع باستثناء فصيل واحد من رالحركة الوطنية، وانتهى بذالك الجدل الذي طال حوالي ثلاثة عقود حول المسالة الدستورية. ثانيا: ألغينا في البرلمان القانون المعروف بكل ما من شانه. ثالثا: أعلن عن معتقل تازمامرت و أبيد وانتهى أمره. رابعا: أعلنت الحريات بالنسبة إلى كل المعتقلين وكل الأحزاب التي كانت تخضع إلى الحصار أو الحظر القانوني أو العملي. خامسا: رجع كل الذين كانوا منفيين قسريا بسبب آرائهم و معتقداتهم السياسية. سادسا: أطلق سراح كل المعتقلين الذين دخلوا إلى السجن بسبب أفكارهم و أرائهم السياسية. وأكثر من هذا، تقرر تأسيس هيئة الإنصاف والمصالحة، و تقرر أيضا أن تدفع الدولة ملايير الدراهم لجبر الضرر وطي صفحة سنوات الرصاص إلى غير ذلك من الإصلاحات بهدف تصفية الإرث السيء الذي تراكم على بلادنا بسبب التدبير الخاطئ للشأن العام من تلك الزاوية العليا للمثلث الذي نتحدث عنه . التخلي عن المنهجية الديمقراطية حين وصلنا إلى سنة ,1998 وتحققت هذه المكتسبات، كنا نظن أن كل ممارسات الماضي لا يمكن أن نعود إليها سواء من قبل الدولة مشخصة في القوة المهيمنة والمتحكمة أو الأحزاب السياسية ذاتها. وهكذا تأسست حكومة التناوب أو حكومة الانتقال الديمقراطي أو غير ذلك من الألقاب التي حملتها عند تأسيسها والتي كانت بدون شك، نقلة نوعية في تاريخ المغرب. ولعلكم تذكرون أن الصف الوطني الديمقراطي أوفى بكل التزاماته. إلا أنه بعد انتهاء فترة حكومة اليوسفي،أجهضت فكرة المنهجية الديمقراطية،وذهب السيد عبد الرحمان اليوسفي إلى بروكسيل،وألقى محاضرته المشهورة والتي حاول من خلالها تشخيص الوضع السياسي من موقع تجربته السياسية كوزير أول وقدم نقدا ذاتيا،ثم قرر بعد ذلك الاعتزال السياسي مع أن الاعتزال السياسي بالنسبة إلى رجل مثل عبد الرحمان اليوسفي تعني منعه من استنشاق الهواء لأن الرجل كان يستنشق السياسة كما يستنشق الهواء .لماذا هذا الاعتزال ؟ هذه علامة استفهام كبيرة من الواجب أن تطرح بصددها الأسئلة الضرورية. أسئلة تلخص مشهدا سياسيا كئيبا في مارس من سنة 1998 وقع هذا التحول . لكن بكل أسف بعد12سنة من تجربة الانتقال الديمقراطي، لا نزال نقول بأن مشهدنا السياسي يعيش نفس العطب القديم. فهل الحكومة التي قادت تجربة الانتقال الديمقراطي هي التي أدت إلى ما هو عليه حالة المغرب اليوم؟ هل تكوين تلك الحكومة وما أعقبها من حكومة يرأسها تقنوقراطي ثم حكومة يرأسها رجل حزبي هو السبب ؟ هل حصيلة السنوات الاثنى عشر فى مجال الديمقراطية هي التي تسببت فيما يعانيه اليوم المشهد السياسي من عطب؟ ويمكن أن تساءل على نحو آخر،ونقول هل تخلت الأحزاب الوطنية الديمقراطية عن مبادئها وأهدافها؟ ويمكن أن نلقي هذا السؤال بصيغ أخرى: هل تشبثت هذه الأحزاب بكراسي السلطة وانحيازها إلى الاستكانة والرضوخ إلى الأمر الواقع تحت ستار البرغماتية ودعوى أنه ليس بالإمكان أكثر مما كان؟ هل تخلت الأحزاب الديمقراطية عن تحليلاتها ومعايشتها للواقع المغربي بكل مراراته وتجلياته وانخرطت في سلك أولئك القوم الذين يرون كل شيء جميلا مادامت حياتهم جميلة بدون حسيب في النهاية ولا رقيب؟ ودعنا نطرح التساؤل المر بكل صراحة ووضوح أطرحه كرجل ملتزم سياسيا: هل أدى التناوب التوافقي إلى نزوع بعض المسؤولين في أحزابنا الوطنية انطلاقا من واقعهم في ممارسة السلطة إلى تشكيل قوة ضاغطة داخل أحزابنا ربطت مصالحها ومستقبل أحزابها بتلك القوى النافذة التي تدير كل شيء من وراء حجاب؟ هذه أسئلة مباشرة ومهمة، وربما هذه الأسئلة بوضوحها وصراحتها وموضوعيتها تقينا حتى شر ما تتداوله بعض الصحف بدون أن تكون عارفة بالطريق التي تخدم أو أنها تخدم تلك الطريق بوعي وبسبق إصرار.إننا نعتقد أن هذه الأسئلة هي التي ستساعدنا على فهم ما جرى، وكيف آل البعض إلى الدعة والاستكانة. ولربما كانت انتخابات 2007 هي نتاج كل ما جرى، إذ لا يمكن فهم خلاصات هذه الانتخابات ودلالاتها دون الإجابة عن هذه الأسئلة الواضحة والمباشرة. لفهم ما جرى فهذه الانتخابات لم تكن نزيهة ولم تكن تتوفر على الشروط الموضوعية ولا المواصفات والمعايير الدولية للنزاهة على الأقل في المنطقة التي أعرفها تمام المعرفة والتى نلت ثقتها على الدوام لمدة ثلاثين سنة رغم كل الأساليب الجهنمية التي ابتكرت في هذه الدائرة لإقصائي من المشهد السياسي الوطني عن طريق الانتخاب. هذه الأسئلة هي التي تمكننا أيضا من فهم ما جرى أيضا في انتخابات .2009 بكل أسف، المغرب اليوم يعيش فترة ملتبسة، بفعل الوضعية الهشة التي يعيشها الجميع لاسيما ما يتعلق بالوضعية الاجتماعية، نعيش تراجعا سياسيا قاسيا ومريعا، ونعيش أيضا ترددا صاعقا على مستوى اتخاذ القرارات أو عند تنفيذها. وهنا لا بد أن أقف وقفة لأقول: يمكن أن تقع أخطاء وجل من لا يخطئ رغم أن الدولة لا ينبغي أن تخطئ في قراراتها،لأن قراراتها ينبغي أن تكون نابعة من دراسة وتقدير للموقف، ولكن القرارات التي تتعلق بالمصالح العليا للوطن لا ينبغي أن يقبل أن يكون فيها التردد. وأمامنا مثال القرار الذي اتخذ بشأن أمنتو حيدر التي جعلنا منها بطلة وهي سيدة بكل أسف ارتكبت الخيانة في حق وطنها لا يمكن أن يقبل التردد مع جماعة التامك، مئات الشهداء الذين سقطوا من أجل أن نحافظ على وحدتنا الترابية ومئات الذين ضحوا واعتقلوا عند الجزائر في تندوف ليأتي ولد التامك وجماعته ويذهب من أجل الاحتفالات معهم، وعندما يتم اعتقالهم تقوم قيامة البعض. لا يمكن أن نقبل سياسة تعتقل التامك وجماعته وتحاكمهم وسياسة أخرى تتسامح مع مجموعة الإحدى عشر.. هذا النوع من القرارات تخلق ارتباكا قويا و الناس تتساءل.؟؟؟ التعددية الحزبية تاريخيا والقطبية الحقيقية المشهد السياسي يعرف أيضا تراجعا وارتكاسا بالنسبة إلى حرية الصحافة. فما هي مسؤوليتنا كأحزاب وطنية ديمقراطية؟ أتحدث هنا عن الأحزاب الوطنية الديمقراطية، ولا أتحدث عن الأحزاب الإدارية التي أسميها دائما ''الحزب الأغلبي''، أي الذي يخلق ليغلب كل الأحزاب ويتصدر المشهد السياسي بقدرة قادر. فالأحزاب السياسية الوطنية الديمقراطية مدعوة اليوم، من أجل تكسير الهشاشة والتردد والتراجع الديمقراطي الذي تحدثنا عنه، إلى القيام بدور وطني كبير في تاريخ البلاد. إن الحرب القائمة اليوم ضد حزب العدالة والتنمية لا يقبلها لا شرع ولا قانون ولا أخلاق سياسية ولا ديمقراطية. لا أقول هذا من باب الصداقة التي تجمعني ببعض قيادات هذا الحزب، ولكني أعبر عن هذا الموقف بنزاهة ومسؤولية انطلاقا من ان كل من يستطيع أن يذهب إلى الشعب المغربي ويؤطره وينتج قادة وأطرا، ينبغي أن نرحب به لتحريك المشهد السياسي، ولتكن مائة حزب في المغرب من هذا النوع،لأنه في الأخير ستكون هناك قطبية حقيقة، وسيجمع هذا الشتات، والتجارب الديمقراطية تؤكد ذلك،وأمامنا تجربة إسبانيا وتجربة البرتغال التي كان فيها مآت الأحزاب السياسية عند بداية الانفتاح الديمقراطي والانتقال من الديكتاتورية إلى الديمقراطية كل هذه التجارب بدأت بأحزاب كثيرة ومتناسلة واليوم انتهت إلى حزبين أو ثلاثة أحزاب كبيرة تشكل أقطابا سياسية . لندع الأزهار تتفتح، ثم يقول الشعب بعد ذلك هذا الحزب يبقى أو لا يبقى. وأنا هنا حين أتحدث عن الأحزاب الوطنية أتحدث عن القطار الذي يدخل في وقته، ولا أتحدث عن القطار الذي لا يدخل فى وقته، وأقصد بذلك الحزب الأغلبي . هذا الحزب أصبح له تاريخ متجدر في المغرب،ولكن بعض الناس الذين لا يعرفون تاريخ المغرب دائما يتجنون على هذا التاريخ .فهذا الحزب الإداري كان موجودا في عهد الاستعمار لخدمة أهدافه،فقد كانت الحركة الوطنية تتشكل من حزب الاستقلال وحزب الشورى والاستقلال وحزب الإصلاح في الشمال وحزب الوحدة بقيادين وطنيين بارزين ومعروفين لدى الشعب المغربي،وكان في المقابل الحزب الذي يتستر وراء جريدة ''الوداد'' ويتستر وراء جريدة '' العزيمة '' ويتستر وراء جريدة ''القيامة'' وحتى لا يغالطنا البعض،فان المغرب منذ الاستعمار عرف التعددية الحزبية، ولا ينبغي أن نمارس الكذب والتضليل على المغاربة ونقول لهم بأن الدستور سنة 1962 هو الذى جاء للمغاربة بالتعددية الحزبية لأن حزبا ما كان يريد أن يقيم الدكتاتورية قي البلاد؟!!!أهدافه،فقد كانت الحركة الوطنية تتشكل من حزب الاستقلال وحزب الشورى والاستقلال وحزب الإصلاح في الشمال وحزب الوحدة بقيادين وطنيين بارزين ومعروفين لدى الشعب المغربي،وكان في المقابل الحزب الذي يتستر وراء جريدة ''الوداد'' ويتستر وراء جريدة '' العزيمة ''.