أكد محمد يتيم الكاتب العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب أن الحوار الاجتماعي المركزي مع الحكومة متعثر مما انعكس سلبا على مجموعة من الحوارات المرتبطة بالمقاولات والمؤسسات الاتماعية على اختلاف أنواعها بالإضافة إلى الحوارات القطاعية، وآخذ يتيم في حوار ل التجديد على أن الحكومة لم تقم بواجبها في إيجاد هذه الدينامية وفي الالتزام بمأسسة الحوار الاجتماعي التي تبقى الطريق الوحيد لخلق هذه الدينامية ، وسجل عدم التزام حكومة الفاسي بمقتضيات مأسسة الحوار الاجتماعي خلال كل سنة في دورتين الأولى في شتنبر والثانية خلال شهر ابريل بجدول أعمال محدد وبمنهجية محددة قوامها أن كل جولة تنتهي بمحاضر وإعلانات مشتركة بين الطرفين تحدد الجوانب التي حصل فيها تقدم والجوانب التي حصل فيها التعثر،كما أنها لم توجه الدعوة إلى جولة شتنبر 2010 كما هو متفق عليه ، بل إن الحكومة مررت عددا من المراسيم ذات الصلة ببعض الأنظمة الأساسية رغم أنها مدرجة في جدول أعمال الحوار الاجتماعي وكانت تنوي تمرير بعض المقتضيات الإصلاحية لنظام التقاعد في القانون المالي لهذه السنة رغم أن إصلاح نظام التقاعد خاضع لآلية تشاورية تشاركية متوافق عليها هي اللجنة الوطنية لإصلاح نظام التقاعد واللحنة التقنية المنبثقة عنها .وفيما يتعلق بالتنسيق مع الكنفدرالية الديمقراطية للشغل أكد يتيم أنهم وجهوا كمركزيات أربع نداء للإخوة في هذه المركزية العتيدة في هذا الشأن ، متمنيا تهييء الشروط لتوسيع دائرة التنسيق النقابي بانضمام الكدش . هل صحيح أن حوار الحكومة مع المركزيات النقابية دخل في نفق مسدود ؟ أولا وجب التذكير أن الحوار الاجتماعي له عدة مستويات ويتم من خلال عدة آليات : يتم أولا، عبر مؤسسة المندوب ومؤسسة الممثل النقابي على مستوى المقاولة ، هذا المستوى يعاني من عدة مشاكل وصعوبات بسبب وضعية الحريات النقابية والمواقف السلبية لعدد كبير من المقاولين من العمل النقابي مع الإشارة إلى أن هناك فئة من المقاولات هي مقاولات مواطنة وأخذت تأخذ بعين الاعتبار مسؤوليتها الاجتماعية ووجب أن توجها لها التحية بالمناسبة واستطاعت من خلال الحوار مع النقابات أن تصل إلى اتفاقات جماعية لكن هذا النموذج لا يزال محدودا في حين أن الواقع يبين أن العدد الأكبر من المقاولات إما أنها تشتغل في القطاع غير المهيكل أو لا تطبق الحد الأدنى من التزاماتها أو تتهرب منها بطرق مختلفة من قبيل التصريح بعدد الأيام الحقيقية لأيام العمل وتمكين العمل من بطائق الشغل والتعويض عن العمل ايام الأعياد والعطل إلى غير ذلك . المسألة الثانية أن العدد الأكبر من المقاولات التي تم '' تنظيم '' فيها انتخابات لمناديب العمال ، كان تدخل إدارة المقاولة فيها واضحا سواء من خلال فرض منذوبين موالين لإدارة المقاولة أو من خلال وضع لوائح منافسة للوائح النقابية وذلك من أجل التحكم في تمثلية العمال وإفراغها من محتواها ، لذلك يبقى الحوار الاجتماعي من خلال هذه الآلية التي كان من الممكن أن تكون آلية أساسية في إرساء السلم الاجتماعي داخل المقاولة محدودا . وما يظهر من أنه تراجع في عدد الاحتجاجات والإضرابات في القطاع الخاص لا يرجع إلى استقرار مرده استقرار العلاقة بين العمال والمقاولات نتيجة مفاوضات جماعية واتفاقات جماعية بقدر ما يرجع إلى وضع الحريات النقابية واستهداف التمثيلية النقابية داخل المقاولة . وعلى هذا المستوى يوجد جانب من المسؤولية الحكومية ألا وهو التدخل لتفادي النزاعات من خلال برنامج الملاءمة الاجتماعية الذي كشف عن محدوديته أو من خلال تفادي تطورها من خلال آليات البحث والمصالحة التي يبقى دورها أيضا محدودا جدا مع ملاحظة أن بعض العناصر في جهاز تفتيش الشغل هي جرء من المشكلة وليست آلية من آليات تنشيط وتسهيل الحوار وحل النزاعات ولا أضيف أكثر من ذلك . المستوى الثاني من الحوار الاجتماعي هو المستوى الذي يتم من خلال تمثيلية النقابات في عدد من المؤسسات الاجتماعية مثل المجالس الإدارية لبعض صناديق التقاعد أو التعاضديات أو المجالس الاجتماعية مثل المجلس الأعلى لطب الشغل أو التعاضد أو الوكالة الوطنية للتغطية الصحية والتي يبقى بعضها استشاريا وأثر عمله على مستوى توطيد السلم الاجتماعي محدودا فضلا عن أنه في بعض الحالات التي يكون تسيره من طرف النقابات قد عرف ويعرف عدة مشاكل بسبب الطابع عير الديمقراطي لتكوين هيئاته المسيرة كما هو الشأن في عدد من التعاضديات وجمعيات الأعمال الاجتماعية المستوى الثالث هو الحوار القطاعي أي بين المنظمات النقابية الأكثر تمثيلية فطاعيا وبين القطاعات الحكومية المعنية ، على هذا المستوى نلاحظ أن هناك تفاوتا بين القطاعات في مسار هذا الحوار ومدى مواكبته للحوار المركزي ، كما نلاحظ أنه في كثير من القطاعات قد وصل إلى الباب المسدود بسبب تنكر القطاعات المعنية لنتائج اتفاقات والتزامات سابقة كما هو الشأن اليوم في قطاع التعليم وقطاع الجماعات المحلية وقطاع العدل . أما المستوى الرابع فهو الحوار المركزي الذي يعتبر أساسيا وحيويا لعدة أسباب منها طابعه الأفقي أي لكونه يتناول قضايا تهم جميع فئات الشغيلة ، ثانيا لأنه يتناول قضايا حساسة تتعلق مثلا بالحماية الاجتماعية وأنظمتها كالتقاعد والتغطية الصحية وبالقدرة الشرائية للطبقة العاملة والسياسات الاجتماعية على العموم . هذا المستوى من الحوار يمثل الجانب السياسي ويعكس مدى التزام الحكومة اجتماعيا ومدى مصداقيتها في تطبيق قوانين الشغل وتحسينها ومدى توفرها على رؤية اجتماعية . كما أن هذا المستوى ومن زاوية المسؤولية السياسية هو الذي يعطي الدينامية المطلوبة للمستويات السابقة وتعثره ينعكس بقوة على المستويات السابقة ، وهذا هو الحاصل اليوم بالنسبة للحوار الاجتماعي. ما هي مؤاخذاتكم على الحكومة الحالية خصوصا في تدبيرها لملف الحوار الاجتماعي؟ مؤاخذتنا الأساسية أن الحكومة لم تقم بواجبها في إيجاد هذه الدينامية وفي الالتزام بمأسسة الحوار الاجتماعي التي تبقى الطريق الوحيد لخلق هذه الدينامية ، وهذا يسائل الإرادة السياسية للحكومة على هذا المستوى . نحن لا نتلكم عن النوايا أو عن التصريحات ولكننا نتكلم من واقع الممارسة ومن الملاحظات الميدانية . والدليل على ذلك ما صرح به أمين عام لمركزية نقابية قريبة من حزب يسير الحكومة من أن الحوار الاجتماعي تعثر بسبب وجود حكومة سياسية تريد أن تمضي قدما في الحوار وأخرى إدارية لها إرادة معاكسة ، وما صرح به السيد وزير العدل بأنه وهو المقتنع بمشروعية مطالب شغيلة العدل وعرضه لمشروع النظام الأساسي لكتاب الضبط على الأمانة العامة للحكومة طلب منه عرضه على وزارة المالية وأنه لما فعل ذلك قدمت وزارة المالية غلافا ماليا لا يجيب على المطالب المشروعة لهيئة كتاب الضبط وخير بين أن يأخذ أو أن يدع وأن ذلك هو العرض الأخير الممكن . وهذا يطرح سؤالا حول المسؤولية السياسية والإرادة السياسية للحكومة في إنجاح الحوار بمستوياته المشار إليها . ومن أجل الجواب التفصيلي على جوابكم يمكن القول إن مؤاخذاتنا على الحكومة تكمن في عدم التزامها بمقتضيات مأسسة الحوار الاجتماعي التي تعني أنه بالإضافة إلى المستويات المؤسساتية التي أشرت إليها أن ينتظم الحوار الاجتماعي خلال كل سنة في دورتين الأولى في شتنبر والثانية خلال شهر ابريل بجدول أعمال محدد وبمنهجية محددة قوامها أن كل جولة تنتهي بمحاضر وإعلانات مشتركة بين الطرفين تحدد الجوانب التي حصل فيها تقدم والجوانب التي حصل فيها التعثر، وتم التأكيد فيها على أن تلتزم الحكومة بتوفير المعطيات ذات الصلة بالقضايا المطروحة إضافة إلى ضرورة مواكبة الحوارات القطاعية للحوار المركزي على أن يتناول الحوار المركزي القضايا الأفقية وأن تعرض عليه القضايا القطاعية العالقة . كل هذا تم الاتفاق عليه خلال شهر أبريل 2009 غير أن الحكومة سارت عكس هذا كله حيث خرجت بتصريح أحادي الجانب يحدد تقييمها الخاص لمسار ونتائج الحوار كما أن الحكومة خلال جولة أبريل 2010 بعد أن ظهر بأن الحوار لا يسير في الاتجاه الصحيح ولا يستجيب للحد الأدنى من مطالبنا كمركزيات نقابية لم تستجب لطلب ثلاث مركزيات لعقد لقاء على مستوى الوزير الأول والأمناء العامين للمركزيات النقابية من أجل تقييم مسار الحوار ، والأدهى من ذلك أنه لم يتم الدعوة إلى جولة شتنبر 2010 كما هو متفق عليه ، بل إن الحكومة مررت عددا من المراسيم ذات الصلة ببعض الأنظمة الأساسية رغم أنها مدرجة في جدول أعمال الحوار الاجتماعي وكانت تنوي تمرير بعض المقتضيات الإصلاحية لنظام التقاعد في القانون المالي لهذه السنة رغم أن إصلاح نظام التقاعد خاضع لآلية تشاورية تشاركية متوافق عليها هي اللجنة الوطنية لإصلاح نظام التقاعد واللحنة التقنية المنبثقة عنها . خضتكم محطة انذارية مشتركة يوم 3 نونبر المنصرم، ولحدود الساعة لا اتصال ولا دعوة ولا استئناف للحوار، ما هي ردود فعلكم اتجاه صمت الحكومة؟ في الحقيقة لم تتوصل المركزيات النقابية بأية دعوة رسمية من السيد الوزير الأول مباشرة لاستئناف الحوار الاجتماعي لكن أخبرنا بأن الوزير الأول عازم على استئناف الحوار الاجتماعي بعد التحضير له بين المركزيات النقابية والوزيرين المكلفين بإدارته على مستوى القطاع العام والقطاع الخاص .هذا الإشعار جاء متزامنا مع المؤتمر الذي تنظمه منظمة العمل العربية في المغرب هذه الأيام حول الحوار الاجتماعي .ونحن نرى أنه كان من الأفضل أن يكون واقع الحوار الاجتماعي في المغرب ومساره في وضع أفضل خلال هذه المناسبة وأن يكون مساره عاديا وليس متعثرا وأن تكون جولة شتنبر قد انعقدت وحققت اختراقات فيما يتعلق بالاستجابة لمطالب الشغيلة . نحن ننتظر استنادا إلى الاتصال المشار إليه أن يستأنف الحوار الاجتماعي ، على أسس جديدة وبنفس جديد تؤدي إلى إخراجه فعلا من النفق المسدود . الحكومة تقول أنها خصصت مبلغ يفوق 16مليار درهم للحوار الاجتماعي،كيف تعلقون؟ ط هذا التصريح يندرج فيما تمت الإشارة إليه أي في التسويق الدعائي للحوار الاجتماعي أكثر من الحرص على إنجاحه بالشكل الذي يؤدي إلى خلق مناخ عام من الاستقرار الاجتماعي . كان من الممكن لو أن ما خصصته الحكومة كما تقول كتكلفة للحوار الاجتماعي فتحا للطبقة العاملة أن نكون نحن النقابيين أول المبشرين والمدافعين عنه . لكننا ونحن نعاين يوميا واقع الشغيلة ومطالبها المستعجلة لا نرى أن شيئا من واقعها قد تغير بل إن وضعها وقدرتها الشرائية يزدادان تدهورا يوما عن يوم . وأعود إلى قضية المعطيات ، فقد طالبنا الحكومة بالكشف عن حقيقة هذه المبالغ و كيفية استفادة الشغيلة . والحقيقة أن هذا التصريح قد يغالط من يستمع له ، والواقع أن المبلغ المشار إليه هو كلفة نتائج الحوار الاجتماعي كما أرادتها الحكومة لا كما تم التوافق حوله في الحوار ، وهي تكلفة إجمالية تشمل سنوات الولاية الحكومية أي من أول جولة للحوار إلى سنة 2012 . هذا المبلغ ليس ناتجا عن زيادات مباشرة في الأجور بل هو أيضا ناتج عن الاسترجاعات الضريبية المترتبة عن تخفيض بعض النسب المعتمدة في الضريبة على الدخل التي تبقى مع هذا الإصلاح من بين الضرائب الأكثر ارتفاعا وحيفا في المنطقة ، فضلا عن أنها تفرغ من محتواها بالزيادة المتواصلة في كلفة المعيشة حيث تأكلها من جديد الضريبة على القيمة المضافة وبالتالي فإن الحكومة تأخذ باليد اليسرى ما أعطته باليد اليمنى . سبق لكم أن عقدتم لقاء تنسيقيا بمقر الكنفدرالية الديمقراطية للشغل بحضور كاتبها العام نوبير الأموي خلال الإعداد لمسيرة الدارالبيضاء،ألا تفكرون في عقد لقاء مماثل حول الحوار الاجتماعي وتنسيق المواقف بانضمام ال ''ك دش'' إلى جانب المركزيات الأربع التي خاضت الإضراب الأخير وعقدتم ندوة صحفية مشترك؟ وجبت الإشارة إلى أن لنا مع الإخوة في الكنفدرالية تنسيق في عدة محطات نضالية في عدد من القطاعات من قبيل التعليم قطاع العدل وغيرهما ، كما أن هناك تنسيق بيننا قطاعيا على المستويات المجالية . وما أشرتم إليه صحيح ونتمنى أن يتعزز التنسيق النقابي بإخواننا في الكنفدرالية وسبق أن وجهنا نحن المركزيات الأربع نداء للإخوة في هذه المركزية العتيدة في هذا الشأن ، ونتمنى أن تتهيأ الشروط لتوسيع دائرة التنسيق النقابي ونحن واثقون بأن ذلك سيتحقق إن شاء الله . وسنناضل جميعا من أجل فرض المطالب الجوهرية المشروعة التي لا تنازل عنها وفي مقدمتها تحسين دخل الشغيلة وتعزيز قدرتها الشرائية وصيانة الحقوق والحريات النقابية. أقدمت وزارة التربية الوطنية أخيرا على الاقتطاع من أجور رجال ونساء التعليم المضربين بجهة سوس ماسة درعة، مما دفع بالنقابات بالجهة إلى مزيد من الإضرابات بل أكثر من الإضرابات السابقة،ما موقفكم مما اتخذته الوزارة؟وألا يعتبر هذا الإجراء تعدي على الحريات النقابية؟ الاقتطاعات التي أقدمت عليها وزارة التربية الوطنية من أجور رجال ونساء التعليم المضربين في جهة سوس ماسة ذرعة خطأ في خطأ وزادت على عناصر الاحتقان في الجهة مصدرا آخر حيث انتقل الأمر اليوم من المطالبة بتحسين ظروف العمل وتحسين الحكامة إلى الدفاع عن الحق في الاحتجاج . ومخطئة الوزراة إن هي ظنت أنها بهذا الإجراء ستحد من الاحتجاجات بل إنها ستوسع من دائرتها ومن حدتها نحن مع مبدأ ترشيد الاحتجاجات والمحافظة على الزمن المدرسي ولكن السؤال الأكبر الذي يطرح : من المسؤول الأول عن هدر الزمن المدرسي؟ الجواب واضح هدر الزمن المدرسي يسأل عنه الاكتظاظ ونقص الأطر وضعف البنيات وسوء التدبير وغياب الشفافية في التنقيلات والتعيينات وغير ذلك من السلبيات التي تعوق تحقيق أهذاف البرنامج الاستعجالي . الاقتطاع من أجور أسرة التعليم خطأ على مستوى التدبير السياسي وخطأ في المقاربة فضلا عن أنه باطل من الناحية القانونية لأنه تم على غير أساس قانوني لأن الإضراب حق دستوري مطلق لم يقيد لحد الساعة بأي قيد قانوني ، من جهة ثانية تم الاقتطاع دون احترام المساطر القانونية ، أي دون استفسار أو إشعار ومن ثم ندعو من هذا المنبر التراجع عن هذا القرار الخاطئ .