شكلت مناسبة اليوم العالمي للماء التي يحتفل بها العالم كل يوم 22 مارس من كل سنة، فرصة للحديث عن أهمية التدبير المعقلن لهذه المادة الأساسية والضرورية لاستمرار الحياة وللتذكير بشبح الجفاف الذي يهدد البشرية على المستوى القريب. وتجدر الإشارة إلى أن 5 ملايين شخصا معظمهم من الأطفال يموتون سنويا متأثرين بشكل أو بآخر بأمراض متصلة بالماء، ذلك أن تقارير طبية كشفت عن أن الإنسان يحتاج يوميا إلى كمية من الماء تفوق لترين ونصف ليتر من الماء وهي الكمية التي لا تتوافر عند الفرد في عدد من الدول. وإذا كان الاحتفال باليوم العالمي للماء هذه السنة رفع شعار "الماء والتنمية" فإن إحصاءات مقلقة تؤكد أن العالم مهدد بندرة المياه وخاصة دول الجنوب، فالمغرب يعد من ضمن 17 بلدا إفريقيا من المرجح أن تعرف نقصا وخصاصا في أفق نهاية العشرية الحالية بحيث قد لا يتجاوز فيها معدل الاستهلاك الفردي من الماء 1000 متر مكعب سنويا بعجز 600 متر مكعب عن المعدل العالمي للاستهلاك المقدر ب 1600 متر مكعب. وكشفت نتائج التقرير الوطني الأول بشأن الاتفاقية الإطار حول التغيرات المناخية، التي احتضن المغرب أشغالها في أكتوبر من السنة الماضية بمراكش، أن حاجيات المغرب من المياه في أفق حلول سنة 2020 ستقدر بحوالي 16.2 مليار متر مكعب. كما ذكر التقرير نفسه من ناحية أخرى أن ندرة الموارد المائية وعدم انتظامها الزمني والمكاني يجعلها دون مستوى سد الحاجيات بسبب الضغط السكاني المرتفع والانتشار المتزايد للزراعة المسقية فضلا عن التنامي الصناعي المستمر. كما أن ارتفاع تكلفة تحلية ماء البحر وغياب القطاع الخاص عن القيام بدوره في تدبير المياه يزيد الأمر خطورة.وهذا يعني أن كمية الماء المخزون تعرف تراجعا ملحوظا. وحسب النتائج ذاتها فإن الوضع في المغرب القروي سيسجل عجزا قويا في التزود بالماء الشروب، وهو عجز مرشح للاستفحال أكثر بسبب ارتفاع مستوى البحر والتبخر وندرة الأمطار ونضوب المياه الجوفية. وفي نفس السياق كشفت مؤخرا السكرتارية الدولية للماء والشبكات التابعة لها بمناسبة تخليد اليوم العالمي للماء أن العالم استقبل سنة 2002 وبه ما يزيد عن 1.5 مليار إنسان يفتقد إمكانية التزود بالماء الصالح للشرب، وأن 2.5 مليار فردا في العالم لا يستفيد من أي خدمة تتعلق بمعالجة المياه والتطهير وأن 5 ملايين شخصا من الأطفال والنساء يموتون كل سنة بسبب أمراض ترتبط بشكل أو بآخر بجودة المياه. فضلا عن ذلك نسجل أن 23 دولة بما فيها دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا والصين وروسيا وبعض الدول الأخرى، تتحكم وحدها في ثلثي مصادر المياه العالمية. وهو ما يجعل بعض التوقعات المستقبلية تحذر من مخاطر نشوب حروب وحدوث بؤر توتر مختلفة ومتعددة بسبب ذلك. والنتيجة أن تكلفة الحصول على المياه في الدول الفقيرة تفوق عشر مرات تكلفة حصوله في الدول الغنية. وللإشارة فإن الندوة الدولية التي انعقدت بمراكش على هامش مؤتمر حول الاتفاقية الإطار بشأن التغيرات المناخية في أكتوبر الماضي دعت إلى ضرورة إدماج المشكل المائي في نقاشات قمة الأرض المقبلة التي ستنعقد كما هو مقرر لها في جوهانسبرغ في شتنبر القادم للعمل على إيجاد حلول لمواجهة شبح الجفاف القادم واقتراح حلول يجب أن يكون على قائمتها التفكير في حل سيطرة الدول الغنية على مصادر المياه وتوزيعها بشكل عادل. عبد الرحمان الخالدي