كشفت إحدى الوثائق التي نشرها موقع ''ويكيليكس'' الشهير أن التصريحات الرسمية في كل من الجزائر والمغرب الرافضة لأي وجود لقواعد عسكرية أمريكية دائمة في تراب المنطقة، لا تعبر عن ''الحقيقة''. وهي التصريحات التي تم الاعلان عنها عندما زار قائد القوات الأمريكية في إفريقيا ''وليام وورد'' كلا من المغرب والجزائر، في أواخر شهر نونبر من سنة ,2009 ولم ينف المسؤول العسكري الأمريكي ولم يؤكد مضمون البرقية التي بعثتها سفارة الولاياتالمتحدةالأمريكيةبالجزائر إلى وزارة الخارجية بواشنطن يوم 12 دجنبر ,2009 والتي نشرها موقع ''ويكيليكس''. وسبق للباحث المغربي المتخصص في الحركات الإسلامية محمد ضريف أن صرح عندما عملت الجزائر على إقصاء المغرب من اجتماع لدول الساحل والصحراء الذي احتضنته الجزائر في غشت الماضي، بما ينفي من خلاله أن يكون في الأمر نية لإقصاء المغرب من طرف الحكام الجزائريين بغرض التقرب أكثر من الأمريكيين ومحاولة الحلول في موقع المغرب من العلاقات الإستراتيجية مع الولاياتالمتحدةالأمريكية. وقال في تصريح نقلته عنه وكالة ''قدس بريس'': ''الخطوة الجزائرية بإعلان قيادة مشتركة بين مالي وموريتانيا والنيجر، ليست خطوة استفزازية ضد المغرب، وإنما هي رد فعل على مبادرة تريد أن تنخرط فيها أمريكا والاتحاد الأوروبي لمحاربة الإرهاب في المنطقة بتشكيل قيادة مشتركة في واغادوغو عاصمة بوركينافاسو''، نافيا بذلك أن: '' يكون إعلان الجزائر عن تشكيل قيادة أركان مشتركة مع عدد من الدول الإفريقية رسالة استفزاز موجهة للمغرب''، وأكد أنها تأتي ''رد فعل على إعلان الإدارة الأمريكية عن تأسيس قيادة أركان مشتركة لمحاربة الإرهاب في واغادوغو''. وأوضح ضريف أن الجزائر ترى أنها مؤهلة لمواجهة تحديات الإرهاب في المنطقة من دون الحاجة إلى تدخل أمريكي أو أوروبي، وقال: ''الخطوة الجزائرية بإعلان قيادة مشتركة مالي وموريتانيا والنيجر، ليست خطوة استفزازية ضد المغرب، وإنما هي رد فعل على مبادرة تريد أن تنخرط فيها أمريكا والاتحاد الأوروبي لمحاربة الإرهاب في المنطقة بتشكيل قيادة مشتركة في واغادوغو عاصمة بوركينافاسو''. وتؤكد وثيقة ''ويكيليكس'' أن المحادثات مع المسؤولين العسكريين الأمريكيين لم تكن كما أعلنت عنها رسميا وسائل الإعلام. فالرئيس الجزائري حسب البرقية التي بعثتها سفارة الولاياتالمتحدةالأمريكيةبالجزائر إلى وزارة الخارجية بواشنطن يوم 12 دجنبر ,2009 قال للمسؤول الأمريكي بأنه يسعى إلى أكثر من مجرد قاعدة عسكرية، إلى علاقات صداقة استراتيجية بين الجزائروالولاياتالمتحدةالأمريكية. غير أن قائد القوات الأمريكية في إفريقيا ''آفريكوم'' الجنرال ''وليام وورد'' رد بأن ''استراتيجية آفريكوم تتمثل في مساعدة الأمم الإفريقية، على توفير حماية أمنها بنفسها وليس القيام بالعمل مكانها''. وبأن الولاياتالمتحدةالأمريكية تعترف بزعامة الجزائر في المنطقة، وأن آفريكوم مُعَدَّة لمساعدة الجزائر وجيرانها في محاربة الإرهاب. فأكد له بوتفليقة بأن الجزائر تريد أن تكون شريكا استراتيجيا وليس خصما. وأن العلاقات العسكرية تتضمن أصلا التدريب والتعاون التقني. وأن الجزائروالولاياتالمتحدةالأمريكية يتقاسمان هدفا مشتركا من محاربة الإرهاب. ولم يفت بوتفليقة الإشارة إلى أن الجزائر هي ثاني أكبر شريك اقتصادي للولايات المتحدةالأمريكية بالعالم العربي بعد المملكة العربية السعودية. وأنها الشريك التجاري الأكبر في إفريقيا. وتؤكد البرقية أن بوتفليقة قد عبر عن إيلائه للاهتمام البالغ بضرورة تطوير التعاون العسكري، ولكن على ألا يبدو ذلك متعارضا مع استقلالية القرار السيادي الجزائري. وأكد مع ذلك أنه: '' لن تكون هناك حدود لمدى التعاون'' وقال بوتفليقة: ''قولوا لنا ما الذي تريدونه، وسنقول لكم ما الذي يمكننا فعله'' فالجزائر، يضيف بوتفليقة تريد أن تصبح شريكا استراتيجيا للولايات المتحدةالأمريكية''. فأكد له ''وورد'' مع ابتسامة واسعة بأنه على الرغم من الكلام السيئ الذي يقال عن ''آفريكوم'' فإن قيادة القوات الأمريكية في إفريقيا لم تنشئ لاحتلال إفريقيا، وأجاب بوتفليقة في الحين وبابتسامة أوسع بأنه لم يكن متأكدا من هذا الأمر بنفسه قبل مجيئ ''وليام وورد''. وأكد ''وورد'' بأنه في ظل مواصلة الحوار العسكري هذا فإن الأمريكيين يريدون أن يقوموا بالأشياء التي يقول لهم الجزائريون بأنها الأهم. ف''آفريكوم'' سوف تقوم بما عليها لمساندة الجزائر التي خبرت منذ مدة تحدي التطرف وأبانت عن قدراتها على محاربته ومحاربة أي عودة له. واقترح أن تركز الجهود على مجالات المساعدة المتاحة والمتعلقة بالتدريب والتجهيز. مؤكدا على أن بعض القوانين والمساطر الأمريكية من شأنها أن تعيق حاليا المشاركة المباشرة للجزائر في صيغ الانخراط الأخرى في العمليات. وفيما يخص العلاقة بين السلطتين العسكرية والمدنية في الجزائر أكد بوتفليقة على أن الجيش الجزائري يحترم السلطة المدنية بشكل ''مطلق'' (جاءت الكلمة هكذا بين مزدوجتين في البرقية). وأن الأمر ليس على الإطلاق كما هو الحال في تركيا، مؤكدا على أن الجيش كان مضطرا لاتخاذ تدابير قاسية خلال سنوات العنف في التسعينات بهدف إنقاذ الوطن، ولكن قد تمت اليوم العودة إلى العمل بالدستور. وشدد على القول إن: ''البيت اليوم مرتب جيدا'' وأضاف:''وأستطيع أن أقول لكم إن الجيش اليوم يطيع المدنيين بالكامل، فهناك دستور واحد والجميع يخضع له''. وفيما يخص الحرب على ''الإرهاب''، أكد بوتفليقة بأن الإرهاب اتخذ في إفريقيا شكلا خطيرا، فالوضع في الصومال أصبح ميئوسا منه. كما أن منطقة الساحل الإفريقي تعرف أنواعا معقدة من المشاكل، ولكن مما يدعو للاستبشار هو كون أغلب دول الساحل مصممة على التعاون ولها القدرة على محاربة الإرهاب إذا ضافرت جهودها وعملت مجتمعة، فموريتانيا والنيجرأبديا استعدادهما للتعاون، ولكن انخراط مالي الكلي يبقى أمرا غير مؤكد بالكامل. مما ينتج عنه وضع من الفوضى التي تسود المنطقة، فيعم التهريب، سواء تهريب السلع أو السلاح، مما يمَكِّن للإرهاب. وعندما أكد ''وورد'' لمضيفه بأنه ينوي زيارة مالي بعد الجزائر، عبر له بوتفليقة عن امتنانه للمساعدة الأمريكية لمالي في هذا المجال وأكد على أن الجزائر أيضا مستعدة لتقديم بعض الدعم، متمثلا في بعض التجهيزات، وحثه على أن يقول للرئيس المالي ''أحمادو توماني توري'' بأنه: ''لا يمكنه أن يكون صديقا للصوص وللضحايا في نفس الوقت'' فقد اكتشفت الجزائر أن هناك مفوضات تجري بين مسؤولين أمنيين ماليين ومنظمات إرهابية في نفس الوقت الذي نتعاون فيه جميعا في محاربة الإرهاب، وأضاف بأنه:''من الصعب التعاون في مثل هذه الظروف''. وأكد بوتفليقة على أن الجزائر ستكون منفتحة لتبادل المعلومات المتعلقة بالتعاون بينها وبين جيرانها مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، ورد الجنرال ''وورد'' بأن ''آفريكوم'' سوف تقوم بنفس الشيء مع الجزائر فيما يخص مبادراتها في المنطقة. وفيما يخص سياسات مصر مع قطاع غزة قال بوتفليقة بأن الجزائر تدعم جهود مصر و سياساتها الإقليمية في المنطقة، وتتفهم إجراءات مصر مع القطاع الفلسطيني، وأنها: '' لو كانت في نفس موقع مصر المجاور للقطاع لنهجت نفس السياسة''. وأما فيما يخص مشكل الصحراء فقد قال بوتفليقة ل''وورد'': ''لا يمكن أن تكون لكم مجموعة من المبادئ لفلسطين وأخرى غيرها للصحراء'' وعاد بوتفليقة للقول إنه لا يريد أن يكون ''خصما للولايات المتحدةالأمريكية، ولكن شريكا كامل الشراكة يساهم معها في إيجاد الحلول في إفريقيا والشرق الأوسط والعالم الإسلامي''. ويخلص محرر البرقية إلى أن لقاء ''بوتفليقة خ وورد'' كان مهما من عدة أوجه، ف:''الرئيس الجزائري تكلم عدة مرات عن رغبته في علاقات استراتيجيه مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، وأرسل إشارات واضحة عن الرغبة الملحة في تعاون جد لصيق فيما يخص مشاكل منطقة الساحل، ومجرد اللقاء مع بوتفليقة كان في حد ذاته عبارة عن ضوء أخضرللإدارة العسكرية لتكتيف التعاون العسكري الثنائي- يقول محرر البرقية-. ثم إن الاستقبال الحار وعلى أعلى مستوى قدم دليلا واضحا عن تلاشي الاعتراض الذي كان باديا والموقف السلبي الذي رافق بدايات الإعلان عن قوات أمريكية في إفريقيا''.