لا زال موقع ''ويكيليكس'' يفضح الكثير من خبايا الغزو الأمريكي للعراق وأفغانستان، ومن أسرار علاقة الولاياتالمتحدةالأمريكية خصوصا ، والغرب عموما، مع الإسلام. وعلى الرغم مما يمكن أن يقال عن قيمة أغلب الوثائق التي ينشرها هذا الموقع، وعن السر وراء تسريبها في هذه الظروف بالضبط، فإن وثائق الموقع لا تخلو من معطيات هامة، خصوصا بالنسبة لنا نحن العرب والمسلمين في علاقاتنا مع ''أصدقائنا'' من دول الغرب والتي نقفز في هذا العدد على ما ورد في يومية لوموند في عدد أمس الأربعاء. لقد كشف موقع ''ويكيليكس'' جزءا من حقيقة الموقف الفرنسي من التدخل الأمريكي في العراق ومعه الحرب على الإرهاب. فمعروف أن فرنسا كانت رافضة لهذا التدخل بشكل قاطع، وهو الرفض الذي تسبب رسميا في فتور كبير في العلاقات الدبلوماسية بين باريس وواشنطن قبيل وخلال السنوات الأولى للغزو. غير أن هذا الرفض الفرنسي الظاهر لم يمنع الأجهزة المخابراتية الفرنسية من أن تعمل منذ البداية في تناغم وثيق مع المخابرات الأمريكية في مجال محاربة ''الإرهاب''، فحسب برقية تم إرسالها من سفارة الولاياتالمتحدةالأمريكية بباريس يوم السابع من أبريل ,2005 فإن الأمريكيين وجدوا في فرنسا خبراء استعلاماتيين في المغرب العربي، مستعدين لتقديم الخدمة المناسبة بما يتوفرون عليه من شبكة بوليسية واسعة في المنطقة، ومن تشريعات ذات خصوصية تمكن القضاة المتخصصين في الإرهاب من مجالات تصرف فريدة من نوعها في أوروبا، فالتشريعات الفرنسية في هذا المجال حسب البرقية التي حصل عليها موقع ''ويكيليكس''، لاتحتاج لأكثر من مجرد الشك، ولا تحتاج لأي دليل أو قرينة ثابتة لتجريم شخص ما. وحسب السفارة الأمريكية فإنه في فرنسا ''معايير الأدلة فيما يخص توجيه التهمة بالإرهاب ضعيفة جدا مقارنة مع تهم الأعمال الإجرامية الأخرى''. ويؤكد الموقع أن القضاة والأمنيين المتخصصين في الإرهاب بفرنسا يعتمدون ''قرينة الشك'' عوض قرينة البراءة التي هي مبدأ أساسي من مبادئ العدالة. ويقدم أحد هؤلاء القضاة الفرنسيين وهو ''جون- فرانسوا ريكار'' لمخاطبيه الأمريكيين خلال لقاء في السفارة الأمريكية بباريس يوم التاسع من ماي ,2005 كمثال على ذلك حالة ملف ''جمال بغَّال'' الذي حكم عليه بتهمة ''النية'' في القيام بعملية إرهابية ضد السفارة الأمريكية بباريس، بحيث يؤكد هذا القاضي بأن الأدلة ضد هذا المتهم ومن معه لم تكن كافية لاتهامهم ولا للحكم عليهم في محاكمة عادية''، ولكن أجهزة الأمن الفرنسية تستفيد من حالة الرُّهاب من الإسلام في أوساط المجتمع الفرنسي. ما يهمنا نحن في المغرب أن ما كشفه موقع ويكليكس حول خلفية الشك واستبعاد البراءة والتي توجه الأداء الأمني المغربي في غالبية الحالات مع الشبكات الإرهابيةالمفككة هي خلفية تتقاطع كثيرا مع النموذج الفرنسي وتطرح سؤلا عريضا حول احتمالات استيرادها من هناك؟