أجمع المشاركون في ندوة دولية حول ''دور للإعلام والصحافة في التأثير على أجندة السياسات العمومية'' أن تأثير الإعلام يتطلب توافر شروط مهنية ذاتية مرتبطة بالكفاءة وأخلاقيات المهنة، وأخرى موضوعية مرتبطة بالإطار القانوني وهامش الحرية المتاح للإعلام، كما أكدوا أن هذا التأثير ليس من مهمة الإعلامي لوحده، وإنما هي عملية تشاركية تتطلب تفاعلا إيجابيا بين مختلف الفاعلين المعنيين بهذا الأمر من مؤسسات الدولة ذاتها وصحافة وأحزاب سياسية ومجتمع مدني. ودعا المشاركون في الندوة التي نظمتها مجموعة البحث حول الإدارة والسياسات العامة التابعة لكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة القاضي عياض في مراكش، يومي 12 و22 أكتوبر الجاري إلى تعزيز آليات تواصل منفتحة ومسؤولة بين الفاعلين السياسيين ووسائل الإعلام على مستوى السياسات العمومية، مطالبين بتطوير الاجتهادات في المجالات المرتبطة بالإعلام السياسي بمنأى عن كل التيارات والأجهزة الرسمية وغير الرسمية داخل الدولة. وشددوا على أن تفعيل قوانين حرية تلقي المعلومات يحتاج إلى تغيير في العقليات والثقافة السياسية. من جهة ثانية، طالب المشاركون بتمكين المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري من السند القانوني تشريعيا وتنظيميا في مجال الإعلام السياسي، ودعم دوره في ترسيخ مبدأ المساواة والتعددية في التعامل مع الفرقاء السياسيين سواء خارج فترات الانتخابات أو خلالها، مع التأكيد على دور الجامعة في تعزيز دور الإعلام في جانب البحوث العلمية المتخصصة وفتح وحدات للبحث والتكوين تدعم الإعلام المتخصص. وفي مجال آخر، دعوا إلى التعجيل بتقويم النصوص القانونية التي تؤطر حقل الإعلام على طريق تمتين دوره في بلورة رسالة إعلامية نبيلة تخدم المجتمع، ونوهوا بضرورة تمكين الإعلام من رؤية واضحة حول الاستراتيجات التي تتوخّى الحكومة تطبيقها في مجال السياسات العمومية، وبالدور الهام الذي يمكن أن يلعبه الإعلام الإلكتروني في تشكيل الرأي العام، والتأثير في السياسات العمومية والمطالبة بوضع تشريعات تدعم مصداقيته وفاعليته. يشار أن المداخلات مكنت من الوقوف على أهم الإصلاحات التي باشرها المغرب في مجال الإعلام والاتصال، والتي تنسجم مع التحولات التي شهدها المغرب في العقدين الأخيرين والرهانات الكبرى والمسؤوليات الجسام المطروحة أمام الإعلام. كما سمحت الأوراق المقدمة في هذه الندوة بالوقوف أيضا على مجمل الاختلالات والعراقيل التي تعتري المشهد الإعلامي بشكل عام بالصورة التي تؤثّر في مردوديته على مستوى التأطير والتنشئة وتشكيل الرأي العام والتأثير في السياسات العمومية والدفع بمسلسل التحديث والدّمقرطة، ومواكبة مختلف الأوراش التي تم إطلاقها، سواء تعلق الأمر بالإعلام الرسمي أو الصحافة الحزبية أو ''المستقلة'' أو الإلكترونية.