السفياني يتضامن مع قناة "الميادين" بعد استهدافها بقصف إسرائيلي    مراكش تحتضن حفل جوائز "الكاف 2024"    اللاعب المغربي أمين عدلي يغيب عن مباراتي الغابون وليسوتو جراء إصابته    الزمالك يتقدم باعتذار رسمي للإمارات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    وزارة التعليم العالي .. تسليم السلط بين ميداوي والميراوي        السجن 8 أشهر لجزائرية بسبب تصريحاتها المحرضة على "الهروب الكبير" من الفنيدق نحو سبتة المحتلة    دول تعاني أزمات وحروب تتفوق على المغرب في ترتيب الجامعات    وزارة التربية الوطنية.. تسليم السلط بين برادة وبنموسى    شرطة سبتة تُحبط محاولة تهريب شحنة من الحشيش بميناء المدينة    لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب تصادق بالأغلبية على مشروع القانون المتعلق بالصناعة السينمائية وإعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي    المنتخب المغربي يرتقي في تصنيف "فيفا" إلى المركز 13 عالميا        بنك المغرب: ارتفاع بنسبة 22 % في عمليات الأداء عبر البطاقات البنكية خلال سنة 2023    جلال بنحيون.. عامل إقليم النواصر الجديد القادم من مهام ناجحة بالمركز الجهوي للاستثمار بالشمال (نبذة)    خيبة أمل تصيب المغاربة بعد استثناء وهبي من لائحة التعديل الحكومي    بوتين: حرب شاملة تهدد الشرق الأوسط    تأجيل مناقشة مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    المتوسط الشهري الصافي للأجور بالوظيفة العمومية بلغ 9.500 درهم    ارتفاع أسعار الذهب يؤجل أحلام الزواج في الأردن    المجمع الشريف للفوسفاط يعتزم إنجاز استثمارات تتجاوز 139 مليار درهم برسم الفترة 2025-2027    فرط صوديوم الدم .. الأعراض والأسباب    التغير المفاجئ للطقس بيئة خصبة لانتقال الفيروسات    عودة ياسين بونو إلى الهلال: تفاصيل جديدة حول تعافيه    ريال مدريد يعلن إصابة كورتوا        المغرب يؤكد أمام مجلس السلم والأمن بأديس أبابا على العلاقة بين الجماعات الإرهابية والانفصاليين    عنتريات عزيز هناوي    دراسة: أن تكون مسلما اليوم في الاتحاد الأوروبي "يزداد صعوبة"    "لارام" ترتقب اختتام سنة 2024 بتسجيل 7,5 مليون مسافر        كيوسك الخميس | الحكومة تعتزم رفع عدد المستفيدين من برنامج التكوين بالتدرج المهني    ارتفاع أسعار الذهب وسط إقبال على الملاذ الآمن    ماء العينين: فصل معركة المساواة والمناصفة عن معركة الديمقراطية جعلها بدون معنى    تقرير: مؤشر أسعار الخدمات البنكية ينخفض بنسبة 1% عند نهاية 2023    إسرائيل تستهدف مخازن لحزب الله    هاريس تصف ترامب ب"الفاشي" وتحذر من سعيه للسلطة المطلقة    مصطفى الفن يكتب: هكذا تصبح وزيرا بوصفة سهلة جدا    من وراء الهجوم المسلح على شركة الصناعات الجوية في تركيا الذي أسفر عن قتل 4 و14 جريحا؟    سجن تركي يأذن بزيارة زعيم الأكراد    التعديل الحكومي في المغرب.. إعادة هيكلة الحكومة لتعزيز الفعالية ومواجهة التحديات    ملاطي: الذكاء الاصطناعي بالتوثيق يساعد على مواجهة جريمة غسيل الأموال    كلمة .. وزراء يغادرون دون تقديم الحصيلة    مؤتمر دولي لتكريم الدكتور حنون    استطلاع: المغاربة يعتبرون الصلاة متفوقة على التلقيح في الوقاية من "كوفيد"    شيرين عبد الوهاب: أول فنانة عربية تكتب اسمها في موسوعة غينيس    الدورة الثامنة لتحدي القراءة العربي تتوج ممثلي ‬فلسطين والسعودية وسوريا    منظمة الصحة العالمية تعلن تعليق حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في غزة    المغرب الثقافي .. حب واحتراق    وفاة وحالات تسمم ببكتيريا في أحد منتجات "ماكدونالدز"    تغييب الأمازيغية عن تسمية شوارع العروي تجلب انتقادات للمجلس الجماعي    كمال كمال ينقل قصصا إنسانية بين الحدود المغربية والجزائرية في "وحده الحب"    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشكل والجوهر في تدين أبناء الصحوة الدينية
نشر في التجديد يوم 07 - 10 - 2010

يسجل كثير من المهتمين إقبال المغاربة على التدين من خلال عدد من المظاهر والمؤشرات من قبيل ارتداء الحجاب وإطلاق اللحية والإقبال على أداء الحج ومشاهدة القنوات الفضائية الدينية والإقبال على الصلاة في المساجد بكثافة خلال شهر رمضان والحرص على الاحتفال بالأعياد والمناسبات الدينية .. وغير ذلك من المؤشرات التي رصدها تقرير الحالة الدينية بالمغرب لسنتي 2007 و2008 والذي أصدره المركز المغربي للدراسات المعاصرة. لكن في المقابل يرى مراقبون أن هذه الصحوة الدينية وتزايد الإقبال على التدين كشفت عن بعض مظاهر الخلل في معاملات بعض المتدينين في السلوك والأخلاق والمعاملات البيع والشراء وغيرها، بعض الشهادات التي استقتها التجديد من مواطنين مغاربة أشارت إلى هذا التناقض بين الشكل والجوهر، بشكل يفسد للتدين معناه ومفهومه الحقيقي، ويرسم صورة غير صحيحة عن المتدينين، ومما يزيد تكريس الصورة السلبية الذين يتخفون خلف هذه المظاهر لأغراض مشبوهة.
***
عبد الله شيخ في السبعينيات من عمره ترسخت لديه فكرة يقول إنها لن تتغير، ومفادها أن أصحاب اللحي بشكل عام ليسوا أهلا للثقة بل هم يقنعون أنفسهم بهذا الشكل حتى ينجحوا في استغفال الآخرين، وهذه الفكرة، يقول، علقت بذهنه عبر تجارب متعددة وأحداث وقعت له مع بعض هؤاء الملتحين وجلهم في الغالب من الباعة والجزارين. ورغم تعميمه الذي قد يكون مجحفا، فإن عبد الله متشبت برأيه ويصر على أن هذا المظهر المتدين ليس سوى وسيلة لنيل ثقة الناس وإيقاعهم في مصائدهم.
من جهتها استنكرت فتيحة وهي ربة بيت في الثلاثينات، التناقض الذي ترصده لدى عدد من الفتيات بين تغطيتهن لرؤوسهن وارتدائهن لملابس كاشفة أو ضيقة تبرز جميع معالم جسدهن، وتضيف أنها تعتبر هذا التدين مغشوش، وغير كامل.
أما محمد وهو موظف في الأربعينيات فيؤاخذ أحد جيرانه المعروف بحرصه على الصلاة في المسجد وبتجنبه الشبهات، كونه إنسانا فظا لا يحسن التعامل مع جيرانه ويعاملهم بنوع من الجفاء والبرود، مشيرا إلى أنه منذ أن تعرف عليه لم ير من ابتسامته قط.
من جهته يرى عبد الرحمن وهو أستاذ بالثانوي أن كثيرا من الناس لا يعرفون المفهوم الصحيح للتدين، وبعضهم يحسب نفسه متدينا فقط لأنه يقيم الصلاة ويقرأ القرآن و يذكر الله كثيرا، في حين لا يلقي بالا لأخلاقه ولأهمية حسن التعامل مع الناس، فتراه يسرق في الميزان ويسب الناس ويأكل أموالهم بالباطل وغير ذلك من السلوكات. ويتفق عبد الرحمن مع عبد الله في القول بأن البعض يتظاهر بهذه الصورة فقط ليغري الناس ويخدعهم ويتلاعب بثقتهم.
نجوى تلميذة في الثانوي ارتدت منذ سنتين الحجاب تقول إنها كانت ملتزمة بشكل كبير بكل مظاهر الدين وبخاصة العبادات عند ارتدائها الحجاب لكن مع مرور الأيام خفتت حدة تدينها حتى إنها أحيانا تجمع كل صلوات اليوم وتؤديها ليلا، ولا تبالي في نوعية ملابسها لكنها لا تتهاون في وضع غطاء الرأس أمام الأجانب من الرجال. لا تجد نجوى تفسيرا لما تعيشه لكنها تقول بأن وضعها أفضل من غيرها فهي على الأقل لا تمارس كبائر الذنوب ولا تقع في أخطاء قد يراها المجتمع والدين قاتلة.
لكن في مقابل ذلك يرى الكثيرون ممن التقتهم التجديد أن هذه الصورة التي تحدث عنها البعض محدودة ومحصورة عند البعض وأن في أوساط المتدينين فسحة أكبر للثقة والمعاملات الحسنة والسلوك السوي.. وأن الصورة التي يحاول البعض تكريسها عن عالم المتدينين مبنية على المثل الشعبي الذي يقول حوتة كتخنز الشواري أو بإيعاز من بعض المغرضين الذين تضايقهم أجواء التدين ومظاهره.
من جهته يرى الدكتور عز الدين توفيق أستاذ الدراسات الإسلامية وخطيب مسجد عقبة بن نافع في الدار البيضاء، أن هذه الظاهرة - أي التناقض بين الشكل والجوهر في التدين- ليست جديدة فهي موجودة دائما منذ بدأت الرسالات السماوية ومنذ قيل للإنسان أن يكون هواه تبعا لما جاء به الأنبياء وما نزل من عند الله، فالإنسان - كما يوضح توفيق- يميل إلى اتباع هواه وما يحبه وما يرى أنه مصلحة له، وتأتي الرسالات لتفطمه عن أهوائه وتجعله عبدا لله تعالى في اختياره كما هو في الحقيقة عبد لله بلا اختيار. ويشير المتحدث في حديثه ل التجديد إلى أن الناس يتفاوتون في ذلك، فمنهم من يكون خضوعه إلى هواه غالبا عليه ومنهم من يغلب عليه اتباع الحق المنزل ولكن تخونه عزيمته أحيانا فيتبع هواه، مؤكدا على أنه يصعب جدا أن يوجد الإنسان الذي لا يطيع هواه بالمرة، والمجال مفتوح للتنافس والاقتراب من هذا النموذج.
ويقول الخطيب توفيق، إن الإنسان قد يكون مسلما ومع ذلك لا يكون منضبطا في بعض التصرفات أي لا يكون مستقيما في بعض أفكاره أو بعض خواطره أو بعض أقواله أو أفعاله، ويفسر توفيق هذا التناقض في التدين إلى مسألة التربية والتزكية مشددا على أنه لا يمكن أن يجد المرء نفسه مخالفا لهواه ومطيعا لربه ومولاه بدون مجهود يتعاون فيه المربي والمتلقي، ويرى أنه عندما تستفحل هذه الظاهرة ويكثر هذا التناقض بين الظاهر والباطن ويهتم الناس بالأشكال ويفضلون السهل على الصعب من الدين، ويكون المقياس عندهم هو أن يأخذوا مرادهم من الإسلام وليس مراد الإسلام منهم، تكون الحاجة ملحة إلى إعادة الاعتبار للتدين الصحيح الذي يجعل المرء في سره أفضل منه في علانيته وليس العكس.
ويقول إن التحذير من هذا التدين المتناقض جاء في القرآن الكريم والسنة، مشيرا في هذا الصدد إلى حديث المفلس الذي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وحج وبر، ولكنه يأتي وقد شتم هذا وضرب هذا وأكل مال هذا فتضيع منه حسناته بسبب هذا التناقض.
ويمضي الدكتور عز الدين في تشريح هذه المسألة بالقول عندما يشهد الإنسان أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فالمفروض أن يتنازل عن هواه ويتبع ما جاءه من ربه، وإلا فسيكون في أمور مطيعا لله تعالى وفي أمور مطيعا لغيره، وتحقيق شهادة لا إله الا الله هو أن يخلص العبودية له وحده سبحانه، وقبل أن نشنع على هؤلاء لا بد أولا ان ننبههم ونرشدهم، فربما يستدرجهم الشيطان من حيث لا يشعرون، ويزين في عيونهم الهامش الذي يتبعون فيه أهواءهم ويملأ صدورهم بالأماني الكاذبة ويشيع فيهم الغرور والاستهانة بالعقوبة واستكثار الحسنات وتحقير السيئات، ويخلص توفيق إلى أنه حيث يكون التدين يكون معه هذه الحالات فإما أن تكون محدودة ومعزولة وقليلة وإما أن تستفحل وتتوسع وتنتشر، فإذا صارت غالبة وصار الناس يقتدي بعضهم ببعض في ذلك احتجنا إلى ترشيد وتقويم فهم الدين والعلاقة بين الأمر الإلهي والإرادة البشرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.