ولد محمد بن الحسن الحجوي، سنة 1874 بمدينة فاس في أسرة عالمة ومتفتحة، ودرس، في جامعة القرويين، العلوم النقلية والعقلية، ولكن كان له انفتاح على الثقافات الأجنبية القديمة منها والحديثة. وعاصر مرحلة حاسمة في تاريخ المغرب (مرحلة التدخل الأوروبي وفترة الحماية ومرحلة الحركات الاستقلالية)، وكان عنصراً فاعلاً بحكم الوظائف المخزنية (الحكومية) المتعددة التي تقلدها. كان أول نشاط مارسه هو التدريس بجامعة القرويين، وبعد سنتين وظف عدلاً في صوائر المخزن بمكناس ثم أمين ديوانه بوجدة ثم نائباً للسلطان المولى عبد العزيز في الحدود المغربية الجزائرية ثم سفيراً عن المغرب بالجزائر. وكان رحمه الله عالماً متمكناً في مختلف فروع المعرفة وقد خلف آثاراً علمية غزيرة تفوق عشرة ومائة مؤلف بين صغير وكبير على حد قوله لا تزال أغلبيتها مخطوطة. وليست كتابات الحجوي كلها كتباً مسترسلة بل جلها عبارة عن تقاييد ومذكرات ومحاضرات ألقاها في عدة مناسبات داخل المغرب وخارجه. أو فتاوى لأسئلة فقهية كانت ترد عليه من مختلف بلدان العالم. وقد تعدت أصداء مؤلفاته حدود المغرب إلى الجزائر وتونس ومصر والشام والعراق والهند ويوغسلافية، وكانت في حجم مؤلفات محمد عبده وخير الدين التونسي كتب الحجوي في موضوعات شتى: في الفقه والسيرة والتوحيد والتصوف والأدب والتاريخ والرحلات، واتسمت مؤلفاته بالتجديد والتفتح. من آثاره كتاب الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي، الذي يعتبر مرجعاً أساسياً لتاريخ الفقه منذ عصر التشريع إلى الآن، والنظام في الإسلام وهي: محاضرة في الأصل ألقاها للدفاع عن الإسلام وللرد على من قال إن المسلمين لم يعرفوا نظاماً منذ ثلاثة عشر قرناً. والتعاضد المتين بين العقل والعلم والدين، حاول أن يبين فيه أن الدين لا يشكل عرقلة أمام العلم والعقل . مذكرات تاريخية عن الثورات العديدة التي قامت بالمغرب في مطلع القرن العشرين وانتحار المغرب بيد ثواره. ونظام القرويين الأساسي المؤسس لمجلسها الانتخابي والذي يتضمن برنامج الإصلاحات التي اقترحها لتحسين وضعية هذه الجامعة. وإصلاح التعليم، وتعليم البنات المسلمات، ومستقبل التجارة المغربية، والرحلة الأوروبية. حاول الحجوي أن يفند ادعاءات منظري الحركة الاستعمارية التي ترجع أسباب تأخر المسلمين إلى الإسلام، فبين أن الإسلام ليس بدين جمود، فهو يدعو إلى التكيف مع تغير الأحوال والأزمنة والمكان، والتأخر الذي عرفه المسلمون ناتج عن عدم مسايرة المسلمين للتطور، لذلك دعا إلى الاقتداء بالسلف والأخذ بمبدإ الاجتهاد للتأقلم مع الأوضاع الجديدة. ويحمل الاجتهاد عند الحجوي دعوة إلى الانفتاح على أوروبا، ولاسيما على الدولة الحامية والأخذ بكل ما يشكل أسس قوتها لدخول الحداثة، مع المحافظة على أسس الشخصية المغربية الإسلامية المتجدرة في أعماق التاريخ، ذلك ما سيطبع مشاريعه الإصلاحية التي تميزت بطابعها الشمولي، والتي تضمنت اقتراحات كانت تتجاوز العصر الذي كان يعيشه. وتميز الحجوي بالجرأة والصرامة في التعبير عن رأيه ومواقفه، ذلك ما جعله عرضة لعدة انتقادات واتهامات.