أثارت التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية المصرية أحمد أبو الغيط بشأن التكلفة المادية للتسوية بين سلطة عباس والصهاينة حفيظة الكتّاب الفلسطينيين، حيث وجهوا انتقادات لاذعة وهجومية أدانوا خلالها تلك التصريحات. وكان أبو الغيط قد أشار في مقابلة مع التلفزيون المصري إلى أن مبلغ من 40 إلى 50 مليار دولار، هي التكلفة المادية لأي تسوية بين الفلسطينيين والصهاينة، مرّوجا لتمرير المفاوضات بالإشارة إلى أن الشعب الفلسطيني سيكون "قادر على أن يشبع نفسه وله خدماته وتعويضاته على الأراضي التي فقدها". احسب مع أبو الغيط ! الكاتب والصحفي الفلسطيني مصطفى الصواف كتب مقالا حول الموضوع بعنوان "احسب مع أبو الغيط"، حيث شبه الصواف وزير الخارجية أبو الغيط بالطالب الراسب والساقط في الحساب، مبينًا أن أبو الغيط ساقط سياسيًّا وأخلاقيًّا، "وذلك من خلال حساباته لتكلفة التسوية، أو باللفظ الصحيح التصفية للقضية الفلسطينية التي تشارك فيها حكومته". بحسب الصواف. وقال الصواف: "فات أبو الغيط أن الأوطان لا تباع ولا تشترى، فقد تشترى الذمم والضمائر، وقد تباع المواقف والسياسات في سوق النخاسة السياسية، وفي زمن الرويبضة ، والرويبضة هو الرجل التافه والذي رغم تفاهته يتكلم في أمر جليل جداً يمس الناس كلهم"، مؤكدًا على أن "الوطن والأرض والمقدسات لا تقدر بثمن، وأن من يفرط بالقدس والأقصى بثمن بخس، ليس غريباً عليه أن يفرط بما هو أدنى من ذلك". واستنكر الكاتب الصحفي تصريحات أبو الغيط مبينا أن الأوطان تولد بالدماء والشهادة والمقاومة وعدم التفريط، متسائلا: "هل يقبل المصريون ب (إسرائيل) جارة". الحرة لا تأكل بثدييها وأكد الكاتب أن الشعب الفلسطيني ليس جائعًا، (كما أفاد أبو الغيط)، وقال: "الحرة يا سيد أبا الغيط لا تأكل بثدييها، ونحسب أن الشعب الفلسطيني شعب حر لن يقبل التعويض أو الثمن عن أرضه، والشيء الوحيد الذي يقبله هو التحرير والحرية، أما إذا كنت وأمثالك تعتقد أن كل شيء قابل أن يباع ويشترى فهذا شأنك". وطالب الصواف "الحكومة المصرية أن تطلب من وزير خارجيتها أبي الغيط بالكف عن هذه الترهات فهي ضارة بمصر أولاً، لأن حسابات أبو الغيط مختلفة عن حسابات غالبية الشعب الفلسطيني والمصري، وإن توافقت مع البعض من الفلسطينيين والمصريين". نصيب الفرد عشرة آلاف دولار! أما الكاتب د. فايز أبو شمالة فكتب مقالا حول الموضوع ذاته بعنوان " تعالوا نتقاسم أربعين مليار دولار"، وقال في مطلعه: "أفهم من كلام السيد أبو الغيط أن القضية الفلسطينية قد حسم أمرها، وقد تم ترتيب الحل قبل أن تبدأ المفاوضات، وأن التسوية متفق عليها سلفاً، وأن مبلغ أربعين مليار دولار قد تم تحديدها لإغراء الفلسطينيين بالتوقيع على بيع أرضهم، وهذا شيء رائع لا يختلف عليه عاقلان في السياسة الواقعية!". أوافق على بيع نصيبي من فلسطين وأشار د. أبو شمالة في مقاله إلى حقوق اللاجئين الفلسطينيين في دول الشتات، على اعتبار أن الحديث يدور عن قطاع غزة والضفة الغربية، ويقول الكاتب متهكما: "بالرجوع إلى الحاسبة؛ فإن نصيب كل فرد هو مبلغ عشرة آلاف دولار!، ولما سبق، فأشهد أنا الموقع أدناه اللاجئ الفلسطيني فايز أبو شمالة أنني موافق على بيع نصيبي من فلسطين إن وجدتم لي وطناً بديلاً يمنحني الهوية، والكيان، والعمل، والبيت والأمان الاجتماعي، والاطمئنان النفسي، والاستقرار العائلي، وحفنة تراب عند الممات، هاتوا لي مكاناً آخر تحت الشمس يمنحني اسمي، وشخصيتي، وأنا جاهز للتوقيع!". واختتم د. أبو شمالة مقالته بالقول: "أوصي كل من يوافق على التوقيع أن يحمل فأسًا، وينبش قبر أبي عمار، وينثر عظمه، وعظم فيصل، وأبوه عبد القادر الحسيني، ويدوس بحذاء الإسرائيلي على قبور كل الشهداء، ثم يخرج عاريًا من تاريخه العربي، ليتسلم شيئًا بمبلغ أربعين مليون دولار. سيأكلها الفساد جميعها في غضون سنتين، ثم نعود إلى البنوك كي نستلف منها مبلغ مليار دولار بالفوائد؛ كي نصرف رواتب الموظفين".