تتابع ابتدائية البيضاء ملفا آخر عن التعذيب الذي تلاقيه خادمات البيوت الصغيرات، لتنضاف حالة فاطمة، الخادمة القاصر (12 سنة) إلى مئات خادمات البيوت القاصرات، ضحايا الاعتداء والعنف والاغتصاب من طرف مشغليهم. وحسب جمعية إنصاف التي تبنت ملف فاطمة، فقد تعرضت هذه الأخيرة لعنف متواصل، واحتجاز من طرف مشغلتها؛ ففرت هاربة إلى مصير مجهول، في حالة نفسية وجسدية مؤلمة، أثارت انتباه واستنكار سكان الحي الذين سلموها إلى مصالح الشرطة. وأكد الطبيب الذي فحص الفتاة، تعرض هاته الأخيرة لكدمات، إذ ظهرت جليا آثار التعذيب على جل أنحاء جسد الفتاة، والذي طال - حسب ذات المصدر- جهازها التناسلي كذلك، مما استدعى إيداعها مؤقتا إلى الإسعاف الاجتماعي المتنقل. وفي الوقت الذي كانت فيه فاطمة تحت الرعاية الطبية، استقدم زوج المشغلة المتهمة والد فاطمة من إمينتانوت لتوقيع تنازل كتابي عن الدعوى، تقدمت به المشغلة (ص.خ) أمام النيابة العامة لتبرئة ذمتها، إلا أن إصرار جمعية إنصاف كطرف مدني، وعدم اقتناع الجهات المعنية بالتنازل الذي أمامها، تمت متابعة المشغلة بتهمة الإيذاء العمد والضرب والجرح في حق قاصر. وتعيد قصة فاطمة إلى الواجهة آلاف القضايا المتعلقة بتشغيل الأطفال، فقد نظم الائتلاف من أجل حظر تشغيل الطفلات كخادمات في البيوت - أخيرا - حملة لجمع التوقيعات لمناهضة تشغيل الطفلات كخادمات في البيوت، للحد من اغتصاب حقوق الطفلات والبالغ عددهن 60 ألف طفلة. وأوضحت منسقة الائتلاف، مريم كمال، أن الهدف من هذه المبادرة هو كسر الصمت عن ظاهرة تشغيل الطفلات الخادمات في البيوت، والعمل على إقرار إطار قانوني يحمي الأطفال من التشغيل والاستغلال، ويلائم التشريعات الدولية والاتفاقيات والمعاهدات التي صادق عليها المغرب، انتشال حوالي 60 ألف طفلة دون 15 سنة من مافيا المتاجرة بالأطفال، والعمل على حمايتهن وضمان احترام حقوقهن في التعليم والصحة والأسرة. وأفاد تحقيق، قامت به المفوضية العليا للتخطيط، أن 170 ألفا من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سبع إلى 15 سنة في المغرب، كانوا يعملون خلال ,2009 منهم 151 ألفا ينحدرون من الأوساط الريفية. ومن آخر قصص التعذيب، التي شغلت الرأي العام الوطني، قضية زينب شطيط (11 سنة)، الفتاة التي أقدمت مشغلتها على إحراق جسدها بالزيت الساخن في كل أطرف جسدها، بما في ذلك جهازها التناسلي. وفي السياق ذاته، ناشدت جمعية إنصاف الحكومة المغربية بالتعجيل في سن قانون يجرم ويعاقب بشدة تشغيل الطفلات في البيوت، وطالبت في بلاغ لها - توصلت التجديد بنسخة منه - الهيئات المنتخبة للدفع بتفعيل مشاريع القانون، وملاءمة محتواها مع الالتزامات الدولية للمغرب، كما دعت كل المواطنين إلى كسر حاجز الصمت حول هذه الظاهرة اللاإنسانية، وحول الانتهاكات التي تعاني منها الطفلات الخادمات. وكان وزير التشغيل والتكوين المهني، جمال أغماني، قد أكد بمجلس النواب على أن الوزارة بادرت إلى وضع مسودة أولية لمشروع حول خادمات البيوت، ويتوخى هذا المشروع - حسب أغماني - تقنين عمل خدم البيوت وتوفير الحماية الاجتماعية والقانونية لهذه الفئة من الأجراء التي تربطها علاقة بصاحب البيت من نوع خاص، تشمل شروط تشغيل خدم البيوت، والتزامات الطرفين، وحقوق خادم البيت، وسن القبول في العمل بالنسبة لهذه الفئة، والأجر، والمراقبة ووسائل التنفيذ والإجراءات الزجرية، وهو القانون الذي يجب التعجيل به في ظل استمرار تعنيف الفتيات واغتصابهن من طرف مشغليهن.