أوردت حركة التوحيد والإصلاح في البيان الختامي لمؤتمرها الرابع المنعقد بالرباط أيام 20-19-18 من الشهر الجاري، فقرة أوجزت فيها، في كلمات دالة، نظرتها للقضية الأمازيغية. فقد جاء في الفقرة السابعة منه ما يلي: وإذ ينوه المؤتمر بالجهود المبذولة للنهوض بالأمازيغية وإعادة الاعتبار لها كمكون حيوي للهوية المغربية، يدعو إلى تعزيز هذه الجهود في مختلف مجالات الحياة العامة، ولاسيما التعليمية والثقافية والإعلامية والاجتماعية منها، وذلك وفق مقاربة وطنية تقوي الوحدة في إطار التنوع، وترفض كل استغلال ضيق للأمازيغية لخدمة مشاريع استهداف مكانة العربية والهوية الإسلامية للمغرب. يلاحظ هنا التنويه بالجهود المبذولة للنهوض بالأمازيغية والمطالبة بإعادة الاعتبار لها كمكون حيوي للهوية المغربية والدعوة إلى تعزيز جهود إدماجها في مختلف مجالات الحياة العامة وفق مقاربة وطنية تقوي الوحدة في إطار التنوع وترفض كل استغلال ضيق للأمازيغية.. ما يسترعي الانتباه في الفقرة التي تناولت الأمازيغية في هذا البيان هو استعمال عبارات ذات أبعاد دلالية بالغة التأشير على التطور الهائل في تعامل الحركة مع ملف مرتبط بالتنوع اللغوي (النهوض بالأمازيغية/ المطالبة بإعادة الاعتبار لها/ مكون حيوي للهوية/ تعزيز جهود إدماجها/ إغناء التنوع).. في الحقيقة وللتاريخ لا بد من التنويه إلى أن الحركة التي تجتاز عقدها الرابع لم يسجل عليها أو على قادتها أي تصريح أو موقف يمس الأمازيغية لغة وثقافة وتاريخا وحضارة بل كانت أدبياتها تؤكد على أن الوحدة تقوي التنوع. وهذا ليس بدعا على حركة نصف أعضائها أمازيغ أو ذوو أصول أمازيغية.. البلاغ إذن، عزز قدرات الحركة الاستشرافية للتعاطي مع ملف ساخن. فالكلمات القليلة- في نظرنا- تحمل في طياتها نظرة عميقة للمسألة الأمازيغية وطرحا متقدما على باقي فصائل الحركة الإسلامية، بالرغم من كون مهمة الحركة تنحصر أساسا في الدعوة والإصلاح إلا أن اهتمامها بالأمازيغية كمكون لغوي وطني أساسي يزيد من قربها من الأطراف الفاعلة في الساحة الأمازيغية. يمكن لهذا البيان، إذن، أن يشهد على انسجام الحركة مع التطور الإيجابي المتسارع الذي تشهده الأمازيغية اليوم في كل المجالات، وهو ما لم يعد ممكنا لا للحركة الأمازيغية ولا لمؤسسات الدولة أن تواكبه لوحدها، لأن تدبير المسألة الأمازيغية بالمغرب أصبح يتسم بالتعقيد و التشعب.. فالأمازيغية تمر بطفرة لافتة في مجال تطورها إدماجا وتقعيدا ومعيرة، إذ لم يعد الأمر مقتصرا على لغة شفوية كما كان عليه منذ عقود. مما يؤكد أن الأخيرة ليست حكرا على أحد، بل هي لكل المغاربة.إن النهوض بالأمازيغية مسؤولية وطنية(خطاب أجدير:71 أكتوبر2001). مقاربة الحركة للقضية مؤشر آخر على اتساع مجال رؤيتها للتطورات الراهنة في حقل الدعوة والإصلاح والتحديات التي تعترض مسيرة بلادنا في التجديد والنهضة، إذ أكدت من خلالها الحركة تفاعلها مع متغيرات واقعها ومحيطها بواقعية مطلوبة. باعتبارها مشروعا إصلاحيا دعويا رساليا، يسعى للإسهام في إقامة الدين وإصلاح المجتمع.. إذ لا يخفى الجهد الذي تقوم به الحركة من أجل استقرار المغرب السياسي ووحدته المذهبية والدينية والإسهام في إشاعة قيم الاعتدال والوسطية، وفي ترسيخ منهج المشاركة والانفتاح، والتدافع في قضايا القيم. وكذا دورها المشهود في مجال التربية والدعوة.. وعلى الرغم من الجهد النوعي الذي بلورته عدد من فعاليات الحركة الإسلامية ومواقف ورؤى مختلف الجمعيات القريبة منها، إزاء مختلف الأبعاد التي يطرحها هذا الموضوع، فإن الأمر يستدعي المزيد لفهم الظاهرة والتفاعل الإيجابي معها.. لذلك، فإن الحركة مدعوة لتهييء خطاب إسلامي أمازيغي، ينتظر منه أن يستوعب جماهير الأمازيغ الذين استهوى عشق الإسلام قلوبهم، ولم يجد دعاة العلمانية المتطرفة منفذا إليها.. وبناء على ما سبق أدعو الحركة إلى: - اعتماد اللغة الأمازيغية إلى جانب العربية في وسائل عملها الدعوي والإصلاحي واتخاذها وسيلة لإقامة الدين وإصلاح المجتمع. - اعتبار أي جهد لتقوية الأمازيغية يندرج في التمكين للغة وطنية أصيلة طالما خدمت الإسلام علوما ودعوة. - إحداث التخصص الأمازيغي ضمن تخصصاتها المعتمدة، نظام التخصص هذا الذي أصبح إبداعا من إبداعات الحركة تعرف به بين الحركات الإسلامية داخل البلد وخارجه. ومطلوب هنا دعم التخصص بالطاقات، التي تزخر بها صفوف الحركة، والوسائل اللازمة لإنجاحه. - الإسهام بقوة في إبعاد الملف الأمازيغي عن كل توظيف أو استغلال أجنبي وفضح كل محاولة للتغلغل الصهيوني الساعي إلى إحداث شرخ في وحدة المغاربة الدينية و الوطنية. - ضرورة استئناف الحوار مع الحركة الأمازيغية، الحوار الذي انطلقت بوادره في نهاية الثمانينات (ذ.حسين وعزي في كتابه عن نشأة الحركة الثقافية الأمازيغية بالمغرب (الرباط 2000). وتجددت المبادرة في أواخر التسعينيات على إثر الحوار الذي دشنته الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي مع الحركات الإسلامية، وصولا إلى الدعوة التي أطلقها محمد بودهان، بغض النظر عن مدى اتفاق أو اختلاف الطرفين حول أطروحتيهما.