مع انتهاء امتحانات الباكالوريا يتوجس التلاميذ خيفة من مستقبلهم المهني، ويجدون أمامهم العديد من الشعب التي ستحدد طبيعة العمل خلال سنوات قليلة من التحصيل العلمي، فما هي متطلبات سوق الشغل حاليا، وما هي القطاعات التي ستوفر مناصب للشغل خلال السنوات المقبلة، لاسيما في القطاع الخاص. قطاعات واعدة بدأت العديد من القطاعات بالمغرب تطفو على السطح وتوفر مناصب للشغل بعدما كانت إلى حد قريب ليس لها وجود، ومن المنتظر أن ترتفع حصتها خلال السنوات القادمة. وتتمثل هذه القطاعات أساسا في المجال الخدماتي، والسيارات والإلكترونيك والطائرات والنسيج والجلد والصناعة الغذائية. ويراهن المغرب على هذه القطاعات، خصوصا أن الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي سطر العديد من أهداف في هذا الإطار. وبخصوص ترحيل الخدمات؛ فإنه يبرز كأحد المهن الجديدة التي تشغل أكثر بالمغرب، وهو ما يتطلب نوعية محددة من الموارد البشرية التي لها كفاءة عالية في التواصل وإتقان أحد اللغات الأجنبية. وأبرز تقرير للاتحاد العام لمقاولات المغرب حول الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي أن قطاع الخدمات المرحلة سيوفر حوالي 70 ألف منصب شغل إلى حدود ,2015 ونفس العدد بقطاع صناعة السيارات وحوالي 15ألف منصب جديد بصناعة الطيران، و9000 بالإلكترونيك و32 ألفا بالنسيج والجلد و24 ألفا بالصناعة الغذائية. وهو ما يعني أن فرص الشغل من خلال الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي الممتد ما بين 2009 و2015 سيوفر حوالي 220 ألف منصب شغل. ويرى أحد المهتمين بقطاع التشغيل بأن العديد من القطاعات تبحث عن التخصص في مجال التسويق. بالإضافة إلى أن المغرب مقبل على دخول غمار العديد من المشاريع، مما يتطلب نوعية خاصة من التخصصات المالية والمحاسباتية. الوضع الحالي أبرزت المندوبية السامية للتخطيط أن قطاعات الفلاحة، الغابة والصيد والبناء والأشغال العمومية والصناعة وراء معظم المناصب المحدثة خلال الفصل الأول من السنة الحالية. وعلى المستوى القطاعاتي، انحصرت المناصب المحدثة على قطاعات الفلاحة، الغابة و الصيد ب43 ألف منصب (أي بارتفاع حجم التشغيل بهذا القطاع ب %0,1) والبناء و الأشغال العمومية ب 31ألف منصب جديد (%3,3+) والصناعة ب 11 ألف منصب (0,9%+). وفي المقابل عرف الشغل بقطاع الخدمات تراجعا ب26 ألف منصب (أي 0,7%) ناتج بالأساس عن تراجع التشغيل بأنشطة الخدمات الشخصية والمنزلية والخدمات الاجتماعية المقدمة للمجتمع وارتفاع حجم التشغيل على مستوى أنشطة المطاعم والفنادق ب16 ألفا و700 منصب وعلى مستوى الأبناك، والتأمينات، والأنشطة العقارية والخدمات المقدمة للمقاولات ب14 ألف منصب. مخططات قطاعية من المنتظر أن توفر المخططات القطاعية التي أطلقها المغرب العديد من فرص الشغل. وحسب وزارة التشغيل والتكوين المهني فإن المخطط الأخضر سيوفر مليونا و500 ألف فرصة شغل؛ والمخطط الأزرق رؤية 63 2020 ألف فرصة شغل؛ ورؤية 2015 لقطاع الصناعة التقليدية: 105 آلاف فرصة شغل؛ ومخطط أليوتيس للصيد البحري: 20 ألف فرصة شغل؛ ومخطط رواج: 21 ألف فرصة شغل؛ والاستراتيجية الوطنية في مجال اللوجستيك: 36 ألف فرصة شغل. وتتيح هذه المخططات العديد من الفرص للشباب المغربي، خصوصا أنها تهم العديد من التخصصات. إكراهات يعرف سوق الشغل بالمغرب العديد من الإكراهات، تتمثل في الخصاص في بعض المهن، وهو ما جعل البلد يؤشر لحوالي 5684 عقد عمل لفائدة الأجراء الأجانب سنة ,2008 فضلا عن عدم ملاءمة المنظومة التعليمية مع متطلبات القطاعات، واستمرار تخريج أفواج كبيرة في شعب، بمجرد الانتهاء يجدون البطالة تستقبلهم بالأحضان. ويرى بعض الباحثين في مجال التشغيل أن غياب ثقافة البحث عن عمل في القطاع الخاص والاقتصار على الإدماج في القطاع العام، أحد أبرز التحديات لدى خريجي التعليم العمومي بالمغرب. وبين هذا وذاك، فإن المبادرة الحرة والتشغيل الذاتي هي الحلقة المفقودة، ولعل أبرز مثال على ذلك محدودية مقاولتي، وغياب برامج تعليمية في هذا الاتجاه. وسبق لجمال أغماني وزير التشغيل والتكوين المهني أن أكد أن البرامج العديدة التي انطلقت بالمغرب، سواء المخطط الأخضر أو الأزرق أو مخطط إقلاع يطرح تحديا مرتبطا بالموارد البشرية وجودة التكوين، بالإضافة إلى الملاءمة بين حاجات الشغل والتربية والتعليم. ولعل غياب أفق تطوير الذات وضعف الأجور جعل العديد من الأطر المغربية تختار الهجرة إلى الخارج. قطاعات تشكو من الخصاص فتح المغرب العديد من الأوراش، وهو ما جعل تحدي الموارد البشرية يقف أمامه، فهناك خصاص في مهندسي الطرقات والقناطر، وبعد المهن التقنية مثل الهندسة الحديدية، بالإضافة إلى القطاع الإشهاري، والعديد من المهن الأخرى. ومع إعلان المغرب عن مشروع القطب المالي بالدار البيضاء، فإن ذلك يتطلب تكوينا خاصا في هذا المجال. ويرى عدد من المحللين أنه على الرغم من أن قطاعي الخدمات والبناء والأشغال العمومية يحدثان مناصب للشغل، إلا أنه لا يمكن الرهان عليهما؛ على اعتبار أن العمل بهما يتسم بالموسمية. وعلى الرغم من أن الحكومة بالمغرب تراهن على القطاع الخاص من أجل امتصاص الكم الهائل من الخريجين فإن الظرفية الاقتصادية بعثرت الأوراق وبات من الضروري إعادة ترتيب الأولويات.