لقد أقدم الكيان الصهيوني مرة أخرى على تنفيذ وعيده وتهديده في تحد واضح لمشاعر أحرار العالم في كل مكان. الرسالة من الوضوح بحيث لا تحتاج إلى فك لرموزها. لقد أراد أن يقول للناس جميعا بأنه كيان ولد خارج القانون ويستمر خارج القانون. وما كان لهذا الكيان أن يقدم على جريمته لولا ما يشعر به من دعم وتغطية، ولا يبعد أن تكون أيضا بإذن وفي أحسن الأحوال تدخل في باب لم آمر بها وسرتني. الجريمة الحالية تقع في المياه الدولية في استهداف واضح لعزل من السلاح، وفي سفن تحمل مساعدات إنسانية كل التقارير تشير إلى حاجة غزة الماسة إليها وبإلحاح شديد: إنما مواد طبية ومواد بناء وبيوت مجهزة... إن الكيان الصهيوني يشدد حصاره على الغزة لمنع الحياة ويقطع شريان الحياة ويحول دون وصول قافلة الحرية... قافلة الحرية ستظل محافظة على اسمها الذي انطلقت به، لكني أرى أن تسمى من اليوم قافلة الحرية والشهداء، وما الشهادة إلا ترجمة لأعلى درجات الحرية ... وهي شهادة بمعنيين: بمعنى الفداء الذي يجعل أهله أحياء كما قال تعالى: وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ آل عمران : 169 والمعنى أنها شهادة على عدوانية هذا الكيان الذي ولد على يد العصابات ويستمر بمنطق العصابات والقرصنة... إنها شهادة على جريمة في المياه الدولية. الكيان الصهيوني أفلت من العقاب مرات، والذي نرجوه ألا يفلت من العقاب هذه المرة، إن تقرير جولدستون الذي يشهد بارتكاب إسرائيل لجرائم حرب سيجد الآن تتمته في تقرير أممي آخر عاجل يوثق للجريمة التي اشتغلت الآلة الإعلامية لطمس معالمها ... الحدث يفجر سيلا لا ينقطع من الأسئلة: هل يبقى بعد هذا مبرر لمبادرة السلام العربية التي لقيت من الإهمال ما يكفي وما تزال، أين الخيارات الأخرى البديلة؟ هل يكفي ما جرى للتراجع عن المفاوضات غير المباشرة التي باركتها جامعة الدول العربية فجاء الجواب سريعا هذه المرة، فكيف يكون الرد؟ على المستوى المغربي يتزامن هذا الحدث مع الإجماع الوطني على مقاومة التطبيع الذي احتضنته المكتبة الوطنية، والتي احتضنت من قبل لقاء يريد تعميم تدريس المحرقة في تجاهل للمحارق الحية والموثقة، فهل سيكون هذا اللقاء الأخير ناسخا لما سبقه ومانعا من العودة إلى مثل تلك الدعوات التي تريد أن تمرر خطابها؟ هل سيكون ما جرى فرصة لكل الفعاليات التي لم تنخرط صراحة في مقاومة التطبيع لتعيد ترتيب أولوياتها وترى بعين الإنصاف خطورة الجريمة التي تجعل من التطبيع إبادة حضارية بكل ما تهنيه الكلمة؟ هل سيكون ما جرى فرصة لبعض المخترقين من التيار الأمازيغي لمراجعة مواقفهم وليكونوا صفا واحدا مع كل الأمازيغيين الأحرار الذين يرفضون المتاجرة بالمسألة الأمازيغية ويقطعون الطريق على كل الذين يريدون توظيف مطالب مشروعة لاتنفيذ مخططات مشبوهة؟ هل سيكون ما جرى فرصة لإعادة إطلاق حملة شعبية قوية لمقاومة التطبيع، والتي تجتهد أطراف عديدة بوعي أو بغير وعي في التقليل من أهميته وجدواه، ولهم نقول كيف يقبل عاقل أن يوجد على الأرض كيان يحاصر شعبا ويفرض على العالم أن يسهم في الحصار، ويمنع أي محاولة لكسر الحصار، ولا يسمح لنا إلا بمتابعة التطورات دون أدنى مقاومة ولو كانت سلمية بمقاطعة البضائع الإسرائيلية أساسا والأمريكية باعتبار الانحياز الكلي غير المبرر للولايات المتحدة الأمريكية؟ لأهلنا في غزة نقول وإن لم يعودوا في حاجة إلى من يقول لهم فهم بصبرهم ومقاومتهم قالوا للجميع بأن غزة عصية على الاستسلام، ومع ذلك نقول لهم ما قال الله عز وجل: وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ، إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ، وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً النساء: 104 التحية لقافلة الحرية والشهداء، والشفاء العاجل لكل الجرحى، والمجد والخلود لكل الشهداء، والذل والعار لكل من يسهم في استمرار الحصار. لكن الحذر كل الحذر من أن تصير القضية هي قافلة الحرية، إن رفع الحصار عن غزة هو القضية وقافلة الحرية هي النقطة التي نرجو أن تكون أفاضت كؤوس من لم تكفهم كل جرائم إسرائيل السابقة، إن السكوت على الحصار حصار، وهي رسالة لكل المنظمات الحقوقية لكل رجال القانون لكل أحرار هذا العالم ...وللحديث بقايا.