يتدخل فهمنا للدين بشكل قوي في تحديد الوظائف المنزلية بين الزوجين. ويتم أحيانا ترويج بعض التصورات التي أفرزها المجتمع على أنها قواعد دينية تحسم اقتسام الأدوار والسلط في البيت. ويمكن إجمالا تحديد الأسس الدينية للفهم المؤطر للعلاقات الزوجية فيما يتعلق بموضوعنا في ثلاثة أمور رئيسية. يتعلق الأمر الأول بمفهوم القوامة انطلاقا من قوله تعالى: الرجال قوامون على النساء. والأمر الثاني يتعلق بمفهوم الرعاية انطلاقا من أحاديث للرسول صلى الله عليه وسلم منها ما رواه البخاري رحمه الله: ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام الأعظم الذي على الناس راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل راعى على أهل بيته وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهى مسئولة عنهم ... والأمر الثالث يتعلق بمفهوم الطاعة من مثل قوله صلى الله عليه وسلم إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت. ولا شك أن فهم القوامة بالسيادة والسيطرة وفهم الرعاية بالخدمة وفهم الطاعة بالخضوع، لا يمكن إلا أن ينتج تصورا يجعل الزوجة هي من يتحمل جميع أعباء البيت، وخاصة أن كل الوظائف المنزلية ترجع بالفائدة بشكل أو بآخر على الرجل، مما يجعلنا أمام صورة تجعل المرأة في وضع الخادمة النشطة، والرجل في وضع السيد الخامل المخدوم. وتتكرس هذه الصورة أكثر حين تنضاف إلى الأسس التأصيلية لها في الدين مفاهيم أخرى مثل مفهوم القرار في البيت في قوله تعالى وقرن في بيوتكن وجعله موجها لكل النساء المسلمات. فما حظ الدين من هذه الصورة وما حظ العرف منها؟ (يتبع)