البر بالوالدين بعد الزواج، سواء بالنسبة للرجل أو المرأة، يجب مناقشته والتحاور الصريح فيه في مرحلة الخطوبة أو في المراحل الأولى من الزواج؛ لأنه يرهن الحياة الزوجية بكاملها، خاصة إذا استحضرنا أن مؤشر القيم في الأسرة المغربية يتجه بشكل تصاعدي نحو الفردانية كما أثبتت الدراسات ذلك، وخصوصا إذا كان الزوجان سيعيشان في نفس البيت مع أهل الزوج، وعلما أن الأب والأم يكونان في غالب الأحيان في سن يحتاجان فيه إلى رعاية خاصة من الناحية النفسية، واستعداد الزوجين لهذا الأمر حاسم في الموضوع. وقد نجد في بعض التجارب أن هناك تفريطا أو إفراطا في جانب من الجوانب، إذ إن بعض الأزواج بحجة البر بالوالدين يلغي بشكل فيه من نوع من الظلم زوجته وأبناءه، أي يصبح وجود الزوجة في البيت للخدمة وليست ربة بيت لها كلمتها وذاتيتها واختياراتها، وهنا تبقى الزوجة بين خيارين: إما لعب هذا الدور (الخدمة) مع ما يستتبعه من معاناة ذاتية له أثر على العلاقة الزوجية وعلى الأبناء وعلى الجو العام للأسرة. أو أن تنتفض الزوجة ضد هذا الوضع فيكون الخيار إما الانفصال بين الزوجين أو الخروج من بيت العائلة إلى بيت مستقل، وهو ما يكون له في غالب الأحيان آثار سلبية على علاقة الزوج مع والديه. وخلاصة هذا الأمر أن الحوار والصراحة في هذا الأمر عاصم من قواصم كثيرة ستؤثر على مآل الحياة الزوجية.