الهاتف المحمول أو النقال اسم لجهاز ملك على الناس النفوس، وصار موضة الشباب والشابات، وغدا الجري نحو امتلاك آخرموديلمنه معيارا للتحضر، أما الاكتفاء بجهاز أي كانت ماركته لتيسير التواصل من التقليدية والتأخر، أما من لا يمتلكه فهو خارج التاريخ بوجه من الوجوه. فامتلاك الهاتف المحمول يخفي تعاملا ثقافيا فريدا، يدور مع مقاصد الاستعمال تحريما وحلا، دوران العلة بالمعلول وجودا وعدما كما يقول فقهاؤنا، فهو سيف ذو حدين، يكون شيئا ضروريا إذا يسر مصالح الناس، ووفر عليهم متاعب الحياة الحديثة، وحقق التواصل وصلة الرحم بينهم ولو شفويا، وهو وسيلة الحرام لعقد اللقاءات المحرمة بين من سول لهم الشيطان بسوء الأفعال، أو إيذاء الآخرين، لأن الإسلام حرم كل وسيلة تؤدي إلى حرام. لكن بعض الآباء استسلموا للوضع الجديد، فمكنوا الأبناء والبنات والإخوة والأخوات من هاتف مستقل، وقد تجد بيتا صغيرا، ولكنه يحتوي على عدة هواتف محمولة وبأنواع مختلفة، وبذلك دخلت مصاريف الهواتف كجزء لا ينفصل عن مصاريف ميزانية الأسرة، ومع كل عملية عرض خاص المتعلق بالتعبئة المضاعفة، أوالتخفيض من ثمن وحدة الاتصال، تثقب ميزانية الأسرة. الهاتف النقال أصبح أيضا مصدر تشويش في مساجدنا، على الرغم من أن بعض الملصقات زينت جدرانه ترشد المصلين بضرورة قطع الاتصالات البشرية وربط الاتصال مع ملك السماوات والأرض، واحتاج أئمتنا مع الوضع الجديد إلى أن يقرنوا تسوية الصفوف وسد الفرج بالتذكير بإغلاق الهواتف المحمولة. ويزداد التشويش عندما يغفل بعض المصلين عن إغلاق هاتفه وترن موسيقاه المثيرة التي تفنن مخترعوها في تقليد أشهر الأغاني المتداولة، وسط خشوع المصلين، ومنهم من يضطر إلى إيقاف رنينه وسط الصلاة، مبررا سلوكه بالضرورة القصوى. بعض الدول العربية والإسلامية، بعدما تنبهت لما يمكن أن ينتج عن سوء استعمال الهاتف الذي يمكن من التقاط الصور، من تبعات اجتماعية، إلى تشريع قوانين تفرض غرامات مالية عن سوء استعماله وأنذرت المخل باستعمالها بعقوبات سجنية. ولكن هذا الموقف يبدو متشددا، إذ لا يمكن الحجر عن حرية الناس، ولكن بالمقابل لابد من استحضار ما يمكن أن يقوم به مستعملو هذه الأجهزة غير الراشدين من التقاط صور حميمية لأشخاص بدون إرادتهم ثم إذاعتها عبر الإنترنيت، أو يعمدون للاتصال بأرقام لا يعرفون صاحبها وتشويشه..لقد أصبحنا نتعايش مع الوضع الجديد دون أن نحيط أنفسنا بآداب الاستعمال وترشيده، وهذا ما يستوجب علينا امتلاك ثقافة ترشدنا إلى التفريق بين الوظيفة وامتلاك الجهاز، وذلك بطرح بعض الأسئلة: ما الغاية التي تدفعني إلى امتلاك هاتف؟ أي موسيقى أختار لهاتفي؟ هل تحتاج أسرتي إلى هاتف واحد أم عدة هواتف؟ نحن في حاجة إلى هذه الثقافة ضرورة، فإذا عجزنا عن صنعه، فلا يمكننا أن نعجز عن حسن استعماله. عبدلاوي لخلافة