تكشف عملية ترحيل أمريكيين من حملة الفكر الإنجيلي ثبت أنهم كانوا يستغلون ميتما خيريا بعين اللوح بضواحي مكناس عن واقع تنصيري يستغل الفقر واليتم وصغر السن ليسرب خطابه التنصيري، وتقدم رسالة واضحة عن حجم الاستهداف التنصيري الجديد؛ وآليات اشتغاله ودرجة تمكنه، ويبطل بذلك دعاوى التهوين من هذا الخطر، أو محاولة الدفاع عنه باعتباره يتم بين راشدين لهم كل الحرية في معرفة الأديان الأخرى وتغيير دينيهم. رسالة عين اللوح واضحة، وهي أن المشروع التنصيري اليوم بالمغرب لا يتورع عن استغلال اليتم والفقر وصغر السن لمصلحة أهدافه، وهذا ليس بجديد، بل الجديد هو أن نجده في صورة فاقعة في مغرب القرن الواحد والعشرين. والعمل الذي قامت به السلطات في عين اللوح بترحيل المسئولين عن القرية النموذجية دار الأمل يستحق كل تقدير ودعم. مع أنه جاء متأخرا واقتصر على قرية نموذجية واحدة من بين العديد من هذا النوع من القرى التي تشتغل بأسلوب بيداغوجي متقدم ومغرٍ، وتهيكل مؤسساتها على أساس عائلات وهمية فيها الأم والخالة وغيرها، تتكفل بالطفل اليتيم أو المتخلى عنه، وتقوم هاته العائلات المكونة من أجانب مسيحيين يتم اختيارهم بعناية من أوساط متدينة جدا على رعاية هؤلاء الأطفال وفق التعاليم المسيحية. وأغلب الأطفال المكفولين في هذه القرى النموذجية مولودون خارج مؤسسة الزواج. وتنحدر الأسر الكافلة، حسب ما هو منشور في الموقع الإلكتروني للجمعية، من الولاياتالمتحدةالأمريكية وبلدان غربية أخرى كبريطانيا. ويوجد من بين الأهداف المسطرة لهاته الجمعية في قانونها الداخلي العمل على تكوين الأطفال المكفولين وفق التعاليم المسيحية المقدسة، علما أن هؤلاء الأطفال يقضون معظم أوقاتهم وسط العائلات الكافلة، وهي العائلات ذاتها التي تشرف على تسيير الجمعية، أو لها علاقة بمسيري الجمعية. ويعتمد القيمون على الجمعية في التسيير على الفصل 336 من إنجيل ماتيو. ولكن تحت هذا الأسلوب البيداغوجي المعلن غالبا ما تتخفى أهداف أخرى غير معلنة، أبرزها التنصير. مما يثير السؤال حول مدى احترام القانون المتعلق بكفالة الأطفال المهملين؛ الذي ينص على الإسلام كشرط أساسي للأشخاص الراغبين في كفالة الأطفال المغاربة، ويشترط على المؤسسات العمومية المكلفة برعاية الأطفال والمنظمات والجمعيات ذات الطابع الاجتماعي المعترف لها بصفة المنفعة العامة تربية هؤلاء الأطفال وتنشئتهم تنشئة إسلامية. المثير فيما حدث، هو طريقة تناول بعض وسائل الإعلام الإسبانية، والتي عرضت الخبر في سياق قمة غرناطة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وعلى الرغم من محاولة استغلال الحادث بالتدليس في سرد أحداثه من قبل بعض الدوائر الإسبانية؛ نتساءل في نفس الوقت عن إحجام بعض دعاة الحريات عندنا والواقفين ضد ما يسمونه استغلال العمل الخيري لأغراض دعوية عن التعبير عن أي موقف من هذا الحدث. أليس استغلال الوضع الاجتماعي لأطفال متخلى عنهم أكبر جرما من أي جرم؟ أم أن المنصرين ليس عليهم في أطفال المسلمين من حرج؟