كشف أستاذ علم الاجتماع عبد الرحيم عنبي أن المجتمع المغربي يعيش ازدواجية في تعاطيه مع موضوع الدعارة، إذ من جهة يرفضها انطلاقا من قيمة مبادئه وتقاليده، وفي الوقت ذاته يشجعها بحجة مساعدة أقارب المرأة التي تتعاطى الدعارة. وأوضح عنبي في ندوة وطنية نظمها منتدى الزهراء للمرأة المغربية أمس الخميس بالرباط في موضوع: الاستغلال الجنسي للنساء في المغرب: مقاربة تشخيصية وآفاق العلاج أن نتائج بحث ميداني أجراه أخيرا أن 76 امرأة من أصل 420 من ممارسات الدعارة يساعدن أقاربهن ماديا. وهو ما يعني أن قرابة 80 في المائة لا يمارسن الدعارة بدافع الفقر. وفند عنبي في مداخلة له بعنوان: إشكالية التوافق السيكو سوسيولوجي لدى ممارسة الدعارة ربط الدعارة بعامل الفقر، مستندا في ذلك على دراسات ميدانية تؤكد أن الكثير من ممتهنات الدعارة يمارسنها من أجل الترقي الاجتماعي وليس بالضرورة الفقر الذي ينسحب على فئات قليلة. وقال عبد السلام بلاجي في كلمة عن المجلس البلدي للرباط إن الدعارة هي المصدر الثالث للأموال غير المشروعة، مضيفا أن من أقدم الاتفاقيات الدولية التي ينبغي تفعيل مضامينها اتفاقية مناهضة الدعارة، بالإضافة إلى تفعيل الدور التربوي والإعلامي وخطب المساجد. ومن جانب آخر كشف تقرير فريدوم هاوس، المنظمة الحقوقية الأمريكية، غياب تطبيق القانون في كثير من القضايا ذات العلاقة بالمرأة المغربية، والتي تؤدي إلى انتهاك حقوقها في مجالات عديدة كحمايتها من الاستغلال الجنسي، وتفشي الدعارة في المراكز الحضرية. وأكدت فريدوم هاوس في دراسة لها، حول حقوق المرأة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، نشرت بواشنطن على موقع المنظمة، أن الاستغلال الجنسي والدعارة على الرغم من كونها محظورة بموجب المادتين 184 أ و184 ب من قانون العقوبات، إلا أنها ظلت شائعة، لا سيما في المراكز الحضرية، والحكومة لا تحاكم ولا تحمي النساء اللائي أجبرن على تقديم خدمات جنسية، أو الاتجار في الأشخاص، خاصة الخادمات، فلا زال يشكل معضلة. وكشفت الدراسة، التي قدمتها الدكتورة فاطمة صديقي ويقع الجزء المخصص منها للمغرب في عشرين صفحة، عن ضعف كبير في تطبيق مدونة الأسرة، وتفشي الرشوة في القضايا التي ترفعها النساء في قضايا الطلاق، وغياب التوعية في البوادي والأرياف بالتعديلات الجديدة، ووقوعها في تضارب مع التقاليد السائدة في هذه القرى والأرياف، مما أدى، بحسب الدراسة، إلى تعقيدات كبيرة في تطبيقها. وبالرغم من أن فريدوم هاوس أشارت في دراستها أن المرأة بالمغرب تواصل تحقيق مكتسبات على الصعيد السياسي، مذكرة بالكوطا (12 في المائة) التي تم تطبيقها خلال الاستحقاقات المحلية في يونيو ,2009 والتي مكنت من زيادة واضحة في التمثيلية السياسية للنساء، إلا أنها قدمت مجموعة من الملاحظات حول طبيعة التقدم الحاصل، والاعتراضات التي تعوقه. واعتبرت الدراسة أن من بين العوائق التي تعترض تمكين النساء من حقوقهن الطبيعية تفشي ظاهرة الأمية والجهل في القرى والأرياف المغربية، مما يؤثر سلبا على التعريف بحق المرأة والرجل. وأكدت الدراسة أن المرأة المغربية في القرى والأرياف تعاني من ضعف تقديم الخدمات الصحية، مقارنة مع الثريات في الحواضر والمدن، وأرجعت الدراسة هذه الفوارق إلى عدم الحصول على الرعاية الصحية الكافية، ونقص البنى التحتية للرعاية الصحية، وهو واقع مشترك بين الرجال والنساء في القرى.