دق مشاركون في يوم دراسي ناقوس الخطر حول استفحال ظاهرة الدعارة المنظمة والاستغلال الجنسي للمرأة في المغرب، على هامش لقاء نظمه "منتدى الزهراء للمرأة المغربية"، أول أمس الخميس بالرباط، حول "الاستغلال الجنسي للنساء في المغرب: مقاربة تشخيصية وآفاق العلاج".وأظهرت دراسة، أنجزت سنة 2008، وهمت 500 عاملة في الجنس، أن 2.59 في المائة منهن مصابات بداء فقدان المناعة المكتسبة (سيدا)، فضلا عن أن الدعارة تقود إلى بعض السلوكات السلبية، مثل تعاطي المخدرات. وأشار المشاركون إلى تطور الدعارة المعاصرة، لتصبح مختلفة نوعيا عن دعارة الماضي، إذ بات متاحا للمستهلكين الحصول على أجساد "مجلوبة" عبر العالم، وأصبحت المجتمعات أمام صناعة للتجارة الجنسية، متنوعة ومعقدة ومتخصصة، بإمكانها الاستجابة لكل أنواع الطلبات، إذ تستند الدعارة والصناعات الجنسية التابعة لها، من الحانات، ونوادي الراقصات والمواخير، وبعض صالونات التدليك ودور إنتاج الخلاعة، على اقتصاد خفي ضخم، يراقبه قوادون مرتبطون بالجريمة، وبالتالي، ظهور شكل جديد من العبودية. وقالت نادية بزاد، رئيسة فرع المنظمة الإفريقية لمكافحة السيدا، إن "قضية الدعارة أصبحت تشغل بالنا كمجتمع، نتيجة ارتفاع نسبتها وضخامة آثارها الصحية والاجتماعية والنفسية والأخلاقية"، مشددة على أن الموضوع ينبغي أن يعالج بمقاربة شمولية، ويتجاوز الانحصار ضمن الطرح الأخلاقي، ليطال الأبعاد الأخرى. وأفادت بزاد أن المنظمة الإفريقية لمحاربة السيدا تشتغل مع هذه الفئة منذ سنوات، في مجال تحسيس عاملات الجنس بمخاطر الأمراض المنقولة جنسيا والسيدا، وفي تكوين البعض منهن كمربيات أو متدخلات. وقالت إن "التجربة علمتنا أن خير وسيلة لمساعدتهن، هي تفادي إصدار أحكام قيمة عليهن"، مشيرة إلى أن عاملات الجنس فتيات ونساء، ضحايا لعوامل اجتماعية وتربوية، وممارسات سلوكية وعصابات إجرامية. من جهته، يرى عبد السلام بلاجي، مستشار بمجلس مدينة الرباط، أن الاستغلال الجنسي للمرأة مرتبط بأوقات العمل المتأخرة في المحلات الليلية، إذ أن خروج النساء في أوقات متأخرة يعرضهن للاستغلال الجنسي، مشيرا إلى أن "المجلس يثير هذه الإشكالية في دوراته، خصوصا أن مظاهر الإكراه الجنسي، والشذوذ، وغيره، أصبحت تتفاقم، في المغرب وخارجه". وأفاد بلاجي أن بحثا، أنجز أخيرا، أظهر أن الدعارة مصدر ثالث للأموال غير المشروعة، بعد تجارة الأسلحة والمخدرات، وأنه يدر ملايير الدولارات سنويا، مشيرا إلى أن "المرأة أصبحت تجلب بثمن بخس، يقدر ب900 أورو، من أوروبا الشرقية إلى أوروبا الغربية". وأشار إلى أن المرأة الإفريقية المهاجرة أصبحت، بدورها، تتعرض لشبكات الاتجار في أجساد النساء، وأن وسائل الإعلام تثير هذه المواضيع، وبينها الاتجار في الفتيات القاصرات، وأن هناك شبكات منظمة تتبع الفتيات في المدارس والجامعات، وتجعل منهن مادة تجارية مربحة. وذكر بلاجي بوجود اتفاقية دولية، وضعت منذ سنة 1949، لمحاربة الدعارة واستغلال جسد الغير، وأنها من الاتفاقيات النادرة التي تخص الجزاءات. وطالب جمعيات المجتمع المدني، التي تعنى بالظاهرة، بالترويج لهذه الاتفاقية وتفعيلها. وقال عبد الرحيم عنبي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر بأكادير، إن بحثا ميدانيا أجري بمدينة أكادير ومحيطها، حول عينة من 124 ممارسة للدعارة، من أجل تبين صعوبة التوافق النفسي والاجتماعي لهذه الشريحة من المجتمع. وأوضح الباحث أن العديد من الدراسات السوسيولوجية ترى أن للعوامل الاجتماعية والنفسية أثرا كبيرا في ممارسة الدعارة، وتهيئة الظروف، التي تدفع الفتاة إلى الدعارة، أو تدفع، أحيانا، الأسر إلى تقبل هذه الممارسات. وقال "من خلال هذه الدراسات، نجد أن أهم عوامل احتراف البغاء بالنسبة للفتاة، تكمن في سوء التنشئة الاجتماعية، وظروف الفقر، والمحيط البيئي".