يرى الأستاذ مولاي عمر بن حماد أن ما يجب التركيز عليه بداية في موضوع الجريمة هو التشخيص،الذي لا يزال يعاني من نقوص كثيرة، وتبيان الأسباب التي تقف وراءها، لأنه إذا أخطأنا في التشخيص فإننا سنخطئ في المعالجة، والتفسير الأحادي للظواهر يعد مدخلا من مداخيل الخطأ في تفسيرها، وهو ما يفرض حسب بن حماد البحث في كل الأسباب، خاصة كل ما يؤدي إلى المس بالعقل، مثل الخمور والمخدرات، فالذي يتحدث عن المخدرات ويسكت على الخمر، يضيف بن حماد، يطبع مع وضع غير طبيعي، فكل ما يذهب بالعقل يمكن أن يدخل في الأسباب، لكن مع ذلك لابد من البحث في كل الأسباب، دون التركيز على سبب ونفي أسباب أخرى. والعنصر الثالث في التشخيص، حسب بن حماد، هو ضرورة الابتعاد عن التهوين أو التهويل في عملية التشخيص، مع ضرورة إشراك الأطراف القادرة على الإسهام في تحليل الظاهرة، ويجب أن لا نسير في مسار معين في التحليل، وبالتالي تكون العملية منذ البداية منطلقة بشكل خطأ وانطلاقة غير صحيحة. أما في ما يتعلق بقراءة الأرقام، يرى بن حماد أن تلك الأرقام يجب أن تعكس الواقع كما هو بدون مبالغة، وبدون التقليل من بعض المعطيات، وبدون الانكفاف في مسار ضيق في التحليل، أو تقييد هذه الظاهرة بسبب معين أحادي يهمل باقي الأسباب. وفي مقاربة إعادة إدماج السجناء، قال بن حماد: تتطلب إعادة إدماج الذين وقعوا في الجرائم، استثمار رصيد المغرب التربوي وفتح أبواب التوبة والتشجيع عليها، وإعطاء شروعات إضافية، والتوجيه التربوي والإرشاد لمن وقع في الجريمة يعتبر حاجة ملحة، ونحن نعلم أن هناك دروسا للوعظ في المؤسسات السجنية، لكن نطالب بزيادته واختيار كفاءات له، وكذا التدقيق في ما يختار من مواد في المستوى الإعلامي أو المقروء، فيجب أن تمضي المادة التي يتلقاها هؤلاء في اتجاه إعادة إدماجه. غير أن الخطير والفكرة الشائعة، حسب بن حماد، هو أن الفرد قد يدخل السجن المرة الأولى مبتدئا ويخرج منه محترفا، وهو أمر خطير جدا، صحيح لا توجد معطيات دقيقة على هذا الأمر، لكن مسألة العود (الذين يخرجون من السجن ويعودون إليه)، ونسبته العالية حسب التقارير الإعلامية لا يدفع في اتجاه الحد من الجريمة وإنما في اتجاه الاحتراف في الجريمة. وألقى بن حماد بالمسؤولية على جهات خارج السجون، لتكتمل المقاربة التربوية، للمجتمع الذي يجب عليه إدماج من وقع في الخطأ باعتباره واردا، ومحملا المسؤولية لجمعيات المجتمع المدني والمنظمات والإعلام والتعليم والحركات الإسلامية ووزارة الثقافة، مضيفا أن إعادة الإدماج تحتاج إلى حركة فكرية وتربوية، وإلى حركة دؤوبة من قبل المؤسسات الثقافية والفكرية والإعلامية، باعتبار أن انتشار الجريمة معطى يهم الجميع، خاصة في ظل التطور في الجريمة على مستوى الأرقام وعلى مستوى الأشكال وأنواعها.