أصدر العلامة عبد الله بن بيه، نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، كتابه الجديد "مقاصد المعاملات ومراصد الواقعات"، وفيه يعرض فضيلته مبادئ العدالة والأمن، خاصة في المجال الاقتصادي، بعد أن عصفت الأزمة المالية التي تسبب فيها النظام الرأسمالي الربوي باستقرار هذا العالم. يحتوي الكتاب على سلسلة محاضرات وفعاليات، بدأها ابن بيه عن الاقتصاد الإسلامي، ودوره في خروج العالم من أزمته، التي سببتها الرأسمالية الربوية. أبرز هذه المحاضرات كان قد ألقاها ابن بيه في دورة المقاصد الشرعية، التي نظمتها كلية الحقوق بجامعة الإسكندرية بالتعاون مع مركز المقاصد بلندن، وقد طلب منه تعميق رؤيته الشاملة التي بلورها في محاضراته تلك، حول مفهوم المقاصد، ودور الفقه في تنظيم المعاملات على اختلافها، فكان هذا الكتاب، الذي حمل اسم "مقاصد المعاملات ومراصد الواقعات". اعتمد منهج هذا الكتاب على الدليل مع مراعاة مقاصد الشريعة، وبخاصة مقصد التيسير والتسهيل، وتأتي أهمية هذا الكتاب في اعتماده على هذا المقصد، الذي يمكن إعماله في قضايا جديدة بعضها مشمول بعموم، وبعضها محمول بقياس، وبعضها في موضع لا نص فيه وموضوع لا بيان يجلِّيه. تكمن أهمية هذا الكتاب في مدى حساسية الموضوع الذي يعالجه، حيث تحتاج قضايا المعاملات والأموال إلى تشخيص واقعي، خاصة أن المعاملات المعاصرة تأسست على عناصر لم تكن معروفة في عقود الفقهاء، وهنا يجب أن يتوقف الفقيهُ فترة من الوقت للتعرّف على مكوّنات عقود المعاملات وردها إلى عناصرها الأولى لتقرير طبيعتها، وهل هي مشتملة على شرط ينافي سنن العقود المجمع عليها والمختلف فيها. وبعد تلك المرحلة تأتي مرحلة المعالجة الفقهية لإصدار حكم شرعي في تلك المعاملات ومحاولة "تكييفها" فقهيًّا، وذلك عن طريق تلمس الدليل عليها من كتاب أو سنة أو قياس أو اجتهاد حسب مقاصد الشريعة. وقد تناول الشيخ في كتابه هذا، مسائل معاصرة في قضايا الأموال والمعاملات، عنونها في مجموعة من البحوث تميزت بشيوع الروح المقاصدية التي بثت فيها، وذلك باعتبار المقاصد مرجعا أعلى ومعيارا أسمى من جزئيات الأدلة في مواقع الاجتهاد ومجاري الظنون التي تغلب على جل القضايا المعاصرة. من أمثلة هذه القضايا الأزمة المالية، حيث يعرض لهذه الأزمة في ضوء الشريعة الإسلامية. الكتاب جاء إفرازًا لجهود الشيخ بن بيه في مجال شرعنة المعاملات المالية على وجه الخصوص، ليتبوأ الفقه الاقتصادي الإسلامي مكانه مرة أخرى كقاطرة للأنشطة المالية والاقتصادية الآمنة في العالم كله، بعد أن انحرفت البشرية دهرًا خلف قطار الرأسمالية المتوحشة البعيدة عن العدل والمنطق.