كيف تقيم الحصيلة التي تحققت بعد نصف سنة من بداية برنامج تأهيل أئمة المساجد في إطار خطة ميثاق العلماء؟ بعد نصف سنة من انطلاق خطة ميثاق العلماء، قد يقال إنه لا شيء تحقق، وهذا في حد ذاته جواب ظالم وغاشم، بل إنه جواب غير منصف، لكن لم يتحقق كل شيء، فقد كانت فقط هذه البداية التي وحدت صف الأئمة والعلماء من جديد، وجمعت كلمتهم تحت ميثاق الإمامة العظمى، وهي أيضا البداية التي كشفت استعجال الفاعلين في تنزيل الخطة قبل إعداد العدة الكاملة والنهائية لها، فعرت عجز أغلب الأئمة في فهم مضامين الخطة. ويمكن تقييم حصيلة الدورات العشر لبرنامج تأهيل الأئمة الذي انطلق في يونيو المنصرم بالنظر الى المكتسبات التي تحققت والإكراهات القائمة. بخصوص المكتسبات فقد تم توحيد صف الأئمة والعلماء تحت ميثاق الإمامة العظمى، إضافة إلى تحقيق تواصل ودينامكية بين الأئمة والعلماء، وتمكين هؤلاء من إدراك شرف وظيفتهم الشرعية والتاريخية، هذا وقد نجحت هذه الخطة بشكل ما في جعل الأئمة يضبطون ثوابت المملكة الأربعة جملة، كما أن التعويضات المادية التي تصرف تشجع الأئمة على الحضور إلى حصص البرنامج. وأرى أن هذه الحركية وهذه الرعاية للأئمة والاهتمام بوضعهم العلمي والعملي كان لهم تأثير معنوي كبير. وماذا عن الإكراهات؟ بالنسبة للإكراهات التي برزت خلال الممارسة والاشتغال على تطبيق الخطة، يمكن حصرها بلسان بعض الأئمة في النقط الآتية، أن بعض الأئمة لم يتمكنوا من فهم تفاصيل هذه الثوابت التي يركز البرنامج على تعليمها لهم، كما أن عددا مهما منهم لا يتوفر على تكوين في العلوم الشرعية يجعله يفهم المصطلحات التي يوظفها العالم المؤطر خلال التكوين، مما يجعل التواصل بين طرفي التكوين أي الإمام والعالم صعبا. هذا الضعف العلمي لدى الأئمة ينعكس على استفادتهم من الدروس، خاصة وأنها تلقى بطريقة مركزة وملخصة، في حين يحتاج هؤلاء إلى التبسيط والتفصيل وشرح المصطلحات بداية، ثم بعد ذلك الدخول في عمق الدروس. وقد أظهر هذا البرنامج ضعفا كبيرا لدى الأئمة على مستوى العلوم الشرعية. كيف يمكن تجاوز هذه الإكرهات؟ لابد من استراتيجية ذات بعدين، بعد تنظيمي تنفيذي : تقوم بإحداث مصلحة البرامج والتنفيذ: والتي يتم تشكلها من بعض العلماء الأعضاء بالمجلس العلمي الأعلى، هذه المصلحة تكون تابعة لشعبة تحدث بالكتابة العامة للمجلس العلمي الأعلى تحمل اسم ميثاق العلماء، ويسهر هؤلاء العلماء على وضع الحلول الممكنة لتجاوز تلك الإكراهات التي تعترض نجاح الخطة. ويمكن تقديم تصور لعمل هذه المصلحة على الشكل التالي: - كتاب يضم مداخل لمواد العلوم الشرعية يكون مرجعا للأئمة والمؤطرين. - تحديد جدول زمني لهذه المواد حسب الأولوية البيداغوجية ليتحقق الفهم والإدراك لدى الأئمة. - إعداد مجموعة قصصية بالصور عن أبي الحسن الأشعري والأمام مالك والجنيد السالك ..... - طبع كتاب آخر يضم رموز المملكة المغربية عبر التاريخ في العقيدة والفقه والتصوف. وبعد هذا كله يمكن جمع هذه المواد كلها في كتاب واحد يصطلح عليه ميثاق العلماء. ثم البعد الثاني هو بعد ذو طابع تحليلي تقييمي، ويمكن تركه لمصلحة ثانية يتم إحداثها داخل قسم ميثاق العلماء تسمى: مصلحة التتبع والتقويم، وتتشكل من ستة أو سبعة باحثين في علم الاجتماع. يوكل إليهم إنجاز دراسات التحليل والتقويم عن طريق التشخيص المستمر للأئمة والمؤطرين من أجل الوقوف على المستجدات من المشاكل والأخطاء التي تكشف عليها الممارسة، ثم العمل على تصحيحها وتصويبها في مقترحات ترفع إلى السادة العلماء في مصلحة البرامج والتنفيذ، لتعمل على إعدادها ضمن الكتاب الأم الذي يحمل اسمميثاق العلماء، كما تقوم شعبة ميثاق العلماء عبر مصلحتيها بالتنسيق مع المجالس العلمية والمؤطرين من أجل خلق برنامج لدورات تكوينية حول المشاكل والإكراهات التي تعترض تنزيل الخطة.