اسمه مروان محمد عايش أبو راس، أو مروان أبو عاصم، كما يحب أن يسمي نفسه، تيمنا باسم نجله الذي نال الشهادة، قبل خمس سنوات، في حي تل الإسلام جنوب غرب غزة، حصل على الدكتوراه في الدراسات الإسلامية من جامعة محمد الخامس بالرباط، بعد أن كان أستاذا جامعيا في كلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية بقطاع غزة، ليصبح بعد عودته من المغرب إلى غزة، نائبا لعميد كلية أصول الدين، ثم رئيسا لرابطة علماء فلسطين، وعضوا في المجلس التشريعي الفلسطيني.. زار المغرب قبل أيام، في إطار جولة عربية وإسلامية نظمها المجلس التشريعي الفلسطيني بقطاع غزة، للالتقاء بالبرلمانيين المغاربة من أجل شرح آخر التطورات الحساسة التي تمر منها القضية الفلسطينية، ومن ضمنها الدعم المطلوب لدعم قضية النواب المختطفين والمعتقلين في سجون الاحتلال الصهيوني للإفراج عنهم... نناقش معه في هذا الحوار، الوضع في قطاع غزة، في الذكرى الأولى للمحرقة، وسبل الدعم الشعبي والرسمي للقضية الفلسطينية، وانتظارات الشعب الفلسطيني من نظيره المغربي، وكذا دور علماء الأمة الإسلامية في استنهاض الهمم، من أجل نصرة الشعب الفلسطيني. بعد مرور سنة على محرقة غزة، حدثنا عن الوضع الإنساني، وجهود الإعمار هناك؟ ذكرى حزينة على قلوبنا، هذه الذكرى التي يمر بها الشعب الفلسطيني، ويمر بها أهل غزة، ويمر بها أحرار العالم، ودعاة حقوق الإنسان، الذي ينادون دائما بهذا الشعار الكبير، ولا يوجد من يجيب، فتنتهك حقوق الإنسان، ويهدر الدم الفلسطيني هدرا، فيخلط الدم بالعظم بالأرض بالحجر بالشجر، دون أن يتحرك الإنسان لنصرة أخيه الإنسان، هذا كله يمر في هاته الأوقات، وفي هذه الذكرى الحزينة، هذه الذكرى وبالرغم من أنها حزينة، إلا أنها كذلك تعطي الأمل بهذا الصبر والصمود الذي عاشته غزة، لأن الحق لا بد أن ينتصر، والباطل والظلم والطغيان والإجرام إلى زوال حتما بإذن الله، الواقع في قطاع غزة هاته الأيام واقع مرير، فالقتل والدمار والاغتيالات لازالت مستمرة، وإن كانت قليلة ومتفرقة، والذي يزيد المعانات هو الحصار الظالم، ذلك أن المعابر مغلقة تماما، ولا يمكن إدخال أي بضاعة للإعمار من مواد البناء، سواء أكانت إسمنتا أو حديدا أو خشبا أو ألمنيوم. من قبل كانت تدخل بعض المواد من هذا القبيل، لتغطية بعض الاحتياجات البسيطة عبر الأنفاق، الآن الجدار الفولاذي لاقدر الله، ربما يحول بين المواطن وبين تغطيته لاحتياجاته، المعانات كبيرة ومتواصلة ومتزايدة، والصبر يكون أشد من هذه المعانات وأقوى بإذن الله. ما تقييمكم لحجم الدعم المغربي، الشعبي والرسمي، للقضية الفلسطينية؟ أولا، دعني في البداية أتوجه بالشكر إلى المغرب، إلى أمير المؤمنين ملك المغرب، الذي أرسل أول طائرة للمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، إبان الحرب العدوانية الإجرامية على غزة، وكان له بالفعل السبق في ذلك، فسبق الدول والحكام والملوك، في هذا التصرف الأخوي الذي فعلا نشعر بأنه يكون معنا في المحطات المهمة، ونتوجه بالشكر الجزيل أيضا إلى الأحزاب المغربية التي زارتنا أثناء الحرب، وكان لها دور في تثبيت الشعب الفلسطيني، وقد اطلعواعلى آثار الدمار الهائل الذي نتج عن الحرب العدوانية الإجرامية على غزة، والشكر موصول إلى الشعب المغربي برمته، الذي فعلا نشعر بأنه معنا في وقفاته ومسيراته ومظاهراته. أقول إن أي عمل يدعم القضية الفلسطيمية، يرفع معنويات الشعب الفلسطيني، ويزيد من ثباته وصموده وصبره، من أجل التحدي لهذا العدوان الظالم، وهذه المظاهرات والوقفات الشعبية لها قيمة كبيرة، وأثر بالغ في دعم صمود وثبات هذا الشعب، بالرغم من ذلك نرجو المزيد من الدعم، والمزيد من الوقوف بجانبنا، لأننا بغير أمتنا العربية والإسلامية لا يمكننا أن نتحرك. هل هناك ثغرات للدعم لن تنتبه إليها الأمة الإسلامية، فيما يخص طرق دعم القضية الفلسطينية؟ لا نقول ثغرات، وإنما كل إنسان يعرف واجباته، فعلى الجميع أن يبحث عن هاته الواجبات إن كان لا يعرفها، الشعب الفلسطيني ينوب عن الأمة، فلسطين ليست ملكا لنا وحدنا فقط، وإن كنا نسكنها، لكنها ملك للأمة بأكملها، قد يكون هناك تقصير معين من بعض الجوانب، لكن الأمة تبذل الجهد، ونحن نريد من الأمة أن تزيد جهدها ودعمها، لأنه بغير أمتنا العربية والإسلامية لا نستطيع أن نحرر أرضنا، التي هي أرض الأمة، ولننظر إلى النموذج اليهودي، كيف أن اليهود في أنحاء العالم يدعمون هذه الدولة المحتلة، فعلى العرب والمسلمين أن يدعمونا وأن يقفوا إلى جانبنا. انطلقت في المغرب حملة لتخليد الذكرى الأولى لمحرقة غزة، على مدى شهر كامل، إلى أي حد تسهم مثل هاته الأنشطة في دعم صمود الشعب الفلسطيني؟ كما أشرت، جميع الأنشطة، مثل المسيرات والوقفات وكل الأساليب ووسائل الدعم، لها قيمة كبيرة عندنا، وتخليد هذه الذكرى بالمغرب، له أهمية كبرى في تثبيت صمودنا، ولذلك نحن نقول بأن هذه الوقفة كانت مهمة، ويجب أن تنتشر وتتواصل في جميع الأقطار العربية والإسلامية، فالمغرب تميز بهذه المبادرة الشعبية الأخوية المهمة، التي لا بد منها، لأنها تزيد من ثباتنا وصمودنا في مواجهة عدونا. هناك جالية مغربية مقيمة في القدس، عدد منهم فقدوا هوياتهم، وجنسيتهم المغربية بعد الاحتلال، ولهم الشوق إلى استرجاعها، كيف السبيل إلى ذلك؟ في اعتقادي أن القضية الآن في القدس، ليست تقديرا شخصيا، وإنما هذا واقع مرير تعيشه المدينة المقدسة، حيث يوجد المسجد الأقصى المبارك، المدينة الآن تعيش الحصار والحرمان، وانتزاع الممتلكات والجوازات والهويات، ومن ثم محاربة الفلسطينيين في مدينتهم، ولذلك وضع المقدسيين بشكل عام هو وضع مأساوي حقيقي، وقد ازداد هذا الوضع المأساوي في عهد حكومة أولمرت، التي تغنا بها العرب، وتوهموا أنها الحكومة المخلصة، التي ستقيم الدولة الفلسطينية، وأكثر عمليات هدم البيوت، وأكثر عمليات انتزاع البيوت المقدسية، كانت في عهد هذا المجرم الصهيوني، أولمرت، لذلك نقول، لابد من وقفة صارمة وحازمة، وأنا في تقديري لا يمكن أن يفكر أهل القدس في ترك المدينة المقدسة ومغادرتها، حتى لو فقدوا هوياتهم، نريد أن يبقوا هناك منغمسين، شوكة في عنق عدوهم، والعاقبة لهم بإذن الله تعالى، فهم أصحاب حق، وأصحاب الحق لابد أن ينتصروا طال الزمن أم قصر. للمغاربة حارة في القدس الشريف، كيف تنظرون إلى الارتباط المغربي بالقدس الشريف؟ ارتباط المغاربة نراه ونلمسه، من خلال العاطفة الجياشة التي نجدها عندما تذكر كلمة فلسطين أو كلمة القدس، نجد شعورا مميزا من المغربي، نشعر منه بالانتماء الصادق والحقيقي، لفلسطينوالقدس والأقصى الشريف، ولذلك أقول بأن هذا الانتماء يجب أن يعزز، ويجب أن يزيد، ويجب أن نربط المغاربة بحقهم في هاته المدينة المقدسة، لأن هذا حق ينبغي ألا ينتزع، أو أن يفرط فيه، هناك باب في الأقصى اسمه باب المغاربة، وهناك حي بالقدس، وقد غيره الاحتلال منذ اللحظة الأولى التي دنس فيها المدينة المقدسة، والجدير بالذكر، أنه ليس لدولة عربية أو إسلامية منطقة في القدس إلا للمغاربة. باعتباركم رئيس لرابطة علماء فلسطين، كيف تقيمون دور علماء الأمة الإسلامية، من أجل استنهاض الهمم، دعما للشعب الفلسطيني؟ في اعتقادي هناك دور بدأ العلماء يتحركون من خلاله، قد يكون هذا الدور جاء متأخرا، لكنه جاء بالفعل، وأنا أدرك أن العلماء يجب أن يكون لهم دور فاعل، ودور ريادي في استنهاض الأمة، وزيادة انتمائها لقضيتها، بغير العلماء لن يتحرك أحد، لأن العلماء يضعون الشعوب والحكام عند مسؤولياتهم الدينية والشرعية، ولذلك أعتقد أن العلماء يجب أن يكون لهم دور ريادي، ويجب أن يعودوا لهذا الدور الريادي، الذي كانوا عليه من قبل، بعد أن انقطعوا عنه لمدة من الزمن، قبل أن يعودوا عودة بطيئة، لكنها موجودة ولله الحمد، وستزداد هذه العودة والهمة والنشاط، أعتقد بأن علماء المغرب وعلماء جل الأقطار الإسلامية، الكل يجب أن ينهض نهضة واحدة، هناك دور للشيخ القرضاوي، وللاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي يضم العديد من الدول، منها المغرب، ويضعون القضية الفلسطينية على رأس جدول الأعمال، وتشرفت أن أكون عضوا معهم في الأمانة العامة، فهذا الدور يجب أن يزداد وينشط أكثر مما هو عليه الآن. في أي إطار تأتي زيارتكم للمغرب؟ هذه الزيارة كنا نسعى إليها منذ مدة، لكنها أيضا جاءت في وقت مهم جدا، حيث ينبغي أن نظل على تواصل مع أمتنا، وعلى تواصل مع قادتنا وشعوبنا، ومن الضروري جدا أن نظل نطرق جميع الأبواب، وهذا الباب الذي طرقناه، هو باب دولة عربية إسلامية شقيقة، دولة المغرب الحبيب، المملكة الرائدة، ونحن نعتقد أن فلسطين لها وقع خاص في قلوب المغاربة، يجب أن نتواصل معهم، لنسمع من السياسيين، ومن المسؤولين وأصحاب القرار، يسألوننا ونجيبهم، وهذا كله يجب أن يكون بشكل مباشر، ولا يكفي أن يظل أصحاب القرار أو القادة أو السياسيون، أو حتى الشعب المغربي، يسمعون عنا من الإعلام فقط، هناك ما لا يقال في الإعلام، يجب أن يسمعوه منا بشكل مباشر. كلمة أخيرة للشعب المغربي؟ هي رسالة دائما نقولها لأهلنا وأحبابنا وإخواننا بالمغرب، نعم نحن نرى جهدكم ونشاطكم، ولكن أيضا نريد المزيد من دعمكم ودعائكم، نريد كل شيئ من شعوبنا العربية والإسلامية، دون هذا، لا يمكننا حقيقة أن نفعل شيئا.