طباع هادئة، تريث في اتخاذ القرار، هكذا يصف المقربون من الدكتور محمد يسف شخصيته. ويعتبر هؤلاء أن طبيعة رئيس المجلس العلمي الأعلى الهادئة تتناغم مع صوته الخفيض ومع دعوته المتكررة إلى التشبث بمظاهر التدين المغربي الذي يتميز، حسب يسف نفسه، بالسماحة والاعتدال والانفتاح على الثقافات والديانات الأخرى وذلك لمواجهة المد الوهابي السلفي المتشدد. ولد محمد يسف سنة 1934 في بني لنت بنواحي تازة. درس في المستوى الابتدائي والثانوية في آزرو ثم بفاس وهي المدينة التي حصل منها على شهادة الدكتوراه في الشريعة من جامعة القروين قبل أن ينتقل إلى العاصمة الرباط التي حصل منها على إجازة في الحقوق من جامعة محمد الخامس ودكتوراه الدولة في العلوم الإسلامية من دار الحديث الحسنية. ومنذ 1960 إلى اليوم، عمل محمد يسف، الأب لثلاثة أبناء، في عدة وظائف كانت أولها أستاذ في التعليم الثانوي، لمدة أربع سنوات، ثم رئيس جائزة الحسن الثاني للوثائق والمخطوطات بوزارة الثقافة لست سنوات، وبعد ذلك عمل كملحق بديوان وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والثقافة لسنتين. وفي 1973، أصبح محمد يسف مديرا للشؤون الإسلامية بالوزارة وبقي يشغل هذا المنصب إلى سنة 1980، وفي الوقت ذاته كان يدرس السنة والسيرة النبوية بدار الحديث الحسنية، كما درس الحضارة الإسلامية بالمدرسة الوطنية للإدارة العمومية. بعد ذلك عمل أستاذا بمدرسة استكمال أطر وزارة الداخلية بالقنيطرة إلى غاية سنة 2004، لكنه خلال هذه المدة عمل أيضا أستاذا زائرا في كل من المدرسة الإدارية نواكشط بموريتانيا والمعهد الإسلامي في العاصمة البلجيكية بروكسيل وعضو هيئة التقريب بين المذاهب الإسلامية المشكلة من علماء المملكة المغربية وعلماء جمهورية إيران، كما تم تعيينه سنة 1993 عميدا لكلية الشريعة بفاس. استمر محمد يسف في هذا المنصب ست سنوات قبل أن يتم تعيينه من طرف الملك محمد السادس سنة 2000 كاتبا عاما للمجلس العلمي، ويوكل إليه بذلك مهمة « حراسة الثوابت الدينية للأمة والمتمثلة في: العقيدة الأشعرية، والمذهب المالكي، والتصوف السني» وبالتالي «ضمان الأمن الروحي للمغاربة». غير أن منصبه الجديد، الذي وضعه في قلب السياسة الجديدة للإصلاح الديني التي أطلقها الملك محمد السادس، جرت عليه بعض المتاعب التي أضافت إلى متاعبه الصحية متاعب أخرى لها علاقة بتدبير المجلس للشأن الديني في المملكة إلى جانب وزارة أحمد التوفيق، مثل البيان الأخير للمجلس ضد محمد المغراوي صاحب الفتوى الشهيرة حول تزويج بنت التسع سنوات، والذي جاء خاليا من أي شيء يوحي بأن المجلس غير طريقة تدبيره للشأن الديني، حيث لم بتجاوز البيان مجرد السب والشتم في حق المغراوي، بينما كان منتظرا أن يرد المجلس على تلك الفتوى ويناقشها ضمن الرؤية الدينية الجديدة وفي إطار التوابث التي أصبحت تضبط المجال الديني في المغرب. غير أنه يبدو أن الدكتور يسف أضاف إلى مهمته تلك مهمتان اثنتان وهما عضو المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وعضو المجلس العلمي الأعلى للتعليم. لمحمد يسف، الحاصل على وسام العلوم والفنون من جمهورية مصر، مؤلفات علمية أبرزها «الرواية المغربية للسيرة الذاتية»، «رواية صحيح مسلم بالغرب الإسلامي»، «الحقوق العلمية في الإسلام»، «طفولة المصطفى (ص) وصباه»، و«المرأة في الإسلام».