اولا هنيئا لك بفوزك بجائزة دبي الثقافية، كيف كان إحساسك وكيف تقيم التجربة؟ شكرا لك، أعتقد ان الفوز مهما كان نوعه يخلف إحساسا جميلا وطيبا لدى صاحبه، فنحن لم نكن استثناء لهذه القاعدة، فقد فرحت بهذا الإنجاز باعتدال ولطف، ولم أمنحه أكثر مما يستحقه. أماعن التجربة فهي بالنسبة لي تجربة مميزة، فلأول مرة أشارك في مسابقة عربية في هذا المجال، والحمد لله كللت بالنجاح، فقد اكتسبنا قدرا من الاعتراف بكفاءتنا العلمية والثقافية، وهو أمر حيوي بالنسبة للكاتب، ولو أنه من خارج الحدود، اكتسبنا أصدقاء وعلاقات ثقافية جديدة واعدة إن شاء الله، اقتربنا من المجتمع الثقافي العربي بمعناه العام وخاصة في مجال الآداب. وهذه كلها فوائد ومنافع لم نتمكن من تحقيقها قبل هده المناسبة. لماذا اخترت محور الحوار مع الغرب؟ وكيف تقيم حوار الغرب والشرق اليوم؟ في الواقع لم يكن موضوع البحث من اختيارنا، بل من اختيار دبي الثقافية، فهي التي حددت موضوع البحث وحجمه، أما عن الحوار الجاري حاليا بين الغرب والشرق، إن صح التعبير أن نسميه حوارا، فإنه في أحسن الأحوال حوار نخبة. بمعنى ان أثره في الواقع محدود وضعيف، ومن ثم بالرغم من عدد المؤتمرات والمناسبات الإقليمية والدولية التي اعتنت بقضية الحوار الثقافي مع الغرب فإن المشكلة مازالت مستمرة، إن لم نقل إنها تزداد تفاقما. وبالتالي فالاستراتيجيية التي نقترحها لتفعيل التواصل بين الشرق والغرب ومحاربة الصور النمطية لدى الطرفين هي الحوار القاعدي والثقافي الذي يعتمد مداخيل مختلفة عن تلك التي تنفق عليها الملايين دون جدوى. وهذا يمكن مناقشته في مناسبات أخرى. كيف تقيم وضعية الابداع الادبي في المغرب، وما هي الصعوبات التي تعترض المبدع المغربي، وهل تعتقد ان المغرب يولي اهتماما كبيرا للمسألة الثقافية؟ من المفارقات التي تتميز بها الحياة الثقافية المغربية هي عصامية المثقف المغربي ونشازه، فهو ليس منتوجا مباشرا للمؤسسة الثقافية الوطنية، ونعني تحديدا المدرسة والإعلام الثقافي، فهو عصامي ومغامر ينحت سيرته الذاتية بمعاناة شديدة، وفي الغالب لا ننتبه له إلا من وراء الحدود، وعندما يحتفي به الآخر البعيد. فاليوم نجد ان عددا مهما من الآدباء والكتاب، وخاصة من الشباب، لهم نصوص جميلة جدا ورائعة، ولكنها على هامش المؤسسة الثقافية الرسمية، وهي تجهلهم. على أنه بقراءة هذه العناصر وهذه الكائنات المبدعة نستطيع أن نعيش التفاؤل ونطمئن على مستقبل الثقافة المغربية. اما بخصوص الصعوبات، فيمكن القول انه من الصعوبات الأساسية التي يعاني منها المبدع المغربي مشكلة النشر ومشكلة القراءة ومشكلة الإعلام الثقافي، اضافة الى مشكلة الطائفية السياسية والحزبية المقيتة في المؤسسسات الثقافية الرسمية أوالقريبة من الدولة كاتحاد كتاب المغرب. وقبل كل هذا هناك مشكلة الاعتراف والاحتضان. أما عن اهتمام الدولة المغربية بالمسألة الثقافية فهو اهتمام ضعيف جدا، وقد حسم المغرب اختياره في هذا المجال منذ زمان بعيد عندما اعتبر التعليم قطاعا غير منتج. وكان المقصود بالدرجة الأولى هو العلوم الإنسانية والإبداع. ويتجاهل المغرب في شخص مسؤوليه اليوم الدور الوطني الكبير للمثقف ماضيا وحاضرا. ويتجاهل أيضا دور الدبلوماسية الثقافية في خدمة القضايا الوطنية، في وقت لا يخلو لقاء دولي ثقافي من إثارة مثل هذه القضايا. لكن المثقف المالك لزمام الكلمة، والذي له قدرة حجاجية كبيرة مؤهل للإقناع والتأثير. وأخيرا فإن الإبداع عموما يعكس الانقسامات الاجتماعية الفكرية في المجتمع، ومسألة الهيمنة والسيادة ترتبط بالدرجة الأولى بالهيمنة الثقافية لأي طرف ما. امحمد جبرون فائز بالمرتبة الثالثة لجائزة دبي الثقافية 2008/2009 في محور الحوار مع الغرب