كيف تنظرون إلى تقارير الحرية الدينية التي تصدرها الخارجية الأمريكية سنويا؟ لقد تحولت تقارير الحريات الدينية إلى وسيلة لتوسيع الأقلية الدينية في بعض البلدان، فأصبحت بمثابة سلاح سياسي ورقة للمزايدة السياسية والابتزاز وللاستعمال ضد كل من يعارض سياسات الولاياتالمتحدة في العالم، ، وتتجلى خطورة هذا التقرير في أن المعيارية الأخلاقية لتقييم مجال الحرية الدينية يجب أن يكون ضمن نقاش وطني، وخصوصا بين فضاء العلماء والمفكرين والمثقفين، الملتزمين بمقومات الانتماء الحضاري للهوية بدلالتها المنفتحة. وإلا فإن خضوع المجال الديني لتأثيرات العوامل الخارجية... فإنه سيزيد من ثقافة التطرف، ومن الممكن أن يستثمر قضايا تتعارض مع منطق المصالح الشرعية والثوابت الوطنية لتفجير الخريطة المذهبية باسم الحرية الدينية... وماذا عن تنويه تقرير ,2009 بما أسماه تطورات إيجابية في السياسة المغربية اتجاه الحرية الدينية؟ التقرير يعد بمثابة شهادة تنويه أمريكية، تردد صداها في بعض المنابر الإعلامية، بالإشارة إلى أن المغرب يواصل جهوده الرامية إلى النهوض بإسلام معتدل وتشجيع التسامح، والاحترام والحوار بين الأديان على حد تعبير التقرير نفسه...ومنوها في هذا الإطار باحتضان المغرب مؤخرا ملتقى جمع علماء قدموا من مختلف بقاع العالم، بما فيها الولاياتالمتحدة، حيث انكبوا على بحث الوسائل الكفيلة بالنهوض بالقراءات المعتدلة لنصوص القرآن الكريم وتشجيع التسامح والاحترام المتبادل بين الإسلام والديانات الأخرى، وكذا بعدم وجود أي سجين ديني مسيحي في المغرب. لافت في التقرير الحديث عن 4000 أمازيغي معتنق للمسيحية، هل يعني هذا أن الأمازيغ هم الأثر إقبالا على المسيحية؟ ففي هذا الصدد لا بد من الإشارة إلى بعض الأمور الأساسية... الأولى تتعلق بالكنائس المنزلية، باعتباره أحد الأساليب التي دعا إليها المنصرون في مختلف مؤتمراتهم التنصيرية، وتحديدا مؤتمر كلورادو في الولاياتالمتحدةالأمريكية، كآلية لتسهيل لاصطياد المنتصرين الجدد وعزلهم...أما المسألة الجديرة بالذكر في هذا الصدد فهي ضرورة التمييز بين درجة التعرض و درجة الاستجابة للحملات التنصيرية... لاشك أن المتتبع لظاهرة التنصير في المغرب يلاحظ بأن هناك تركيزا على المناطق الأمازيغية، ويشهد لذلك الكم الهائل من المطبوعات الموجهة للمناطق الناطقة سواء بالأمازيغية، أم السوسية أم الريفية... لوجود عوامل إعداد وتهيئة كما عبر عنها المنصر ديفد أ. فريزر، لكن لا ينبغي أن نفهم أنها أكثر المناطق استجابة وإقبالا، إن القول بذلك لا تدعمه حجج ولا براهين،.. وفي المقابل هناك تقارير تنصيرية نفسها تتحدث عن أن أدنى مستويات التنصر تسجل في الأوساط الأمازيغية سواء في الشمال أم الجنوب... ونموذج ذلك الأرقام التي أوردها مشروع دجوشوا ذزدتش تدسبصء التابع لمركز الولاياتالمتحدة للبعثات التنصيرية العالمية... إن مثل هذه التقارير، لا تعدو سوى أن تكون تطفلا على القضايا الداخلية للدول، كل هذه الأمور إن هي إلا تمهيدات من أجل الوصول للحديث عن مسلمي المغرب مقابل نصارى المغرب باعتباره ندا دينيا وسياسيا قائما. ولا تخفى خطورة الأمر خاصة حينما يتم الحديث عن أقليات نصرانية مغربية تعاني من الاضطهاد الديني، ولا يسمح لها بممارسة حقها في حرية التدين والاعتقاد بشكل علنيوهي نفس الاسطوانة التي جاء تقرير الحرية الدينية الأمريكي الأخير لكتريسها، حين تحدث عن عدد المسيحيين الذين يدينون بالنصرانية بيد أنهم لا يجتمعون بانتظام خوفا من الرقابة الحكومية، وما أسماه التقرير بالاضطهاد الاجتماعي. محمد السروتي هو باحث في قضايا التنصير