مصرع 18 شخصًا في تدافع بمحطة قطار نيودلهي بالهند    نتنياهو يرفض إدخال معدات إلى غزة    إعادة انتخاب نزهة بدوان رئيسة للجامعة الملكية المغربية للرياضة للجميع    حمزة رشيد " أجواء جيدة في تربص المنتخب المغربي للمواي طاي " .    توقيف اثنين من المشتبه فيهم في قضية اختطاف سيدة بمدينة سيدي بنور    هذه توقعات أحوال طقس هذا اليوم الأحد    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    فتح باب المشاركة في مهرجان الشعر    غوفرين مستاء من حرق العلم الإسرائيلية في المغرب ويدعو السلطات للتدخل    ريو دي جانيرو تستضيف قمة دول "بريكس" شهر يوليوز القادم    حقي بالقانون.. كيفاش تصرف في حالة طلب منك المكتري تعويض باش تخرج (فيديو)    ابن كيران: تعرضت "لتابياعت" من وزير لايفقه شيئا في السياسة حاول تحريض النيابة العامة علي    رفْعُ الشِّعار لا يُخفِّض الأسْعار!    مقاييس التساقطات المطرية المسجلة خلال 24 ساعة الماضية    في أول زيارة له للشرق الأوسط.. وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو يصل إلى إسرائيل    قنابل أمريكية ثقيلة تصل إلى إسرائيل    بنعلي تؤكد التزام المغرب بنظام تنموي قوي للأمم المتحدة    الصين: 400 مليون رحلة عبر القطارات خلال موسم ذروة السفر لعيد الربيع    العرائش تتألق في البطولة المدرسية    بنسعيد يفتتح الخزانة السينمائية.. ترميم الأفلام ووثائق "الفن السابع"    الوزير بركة يقر بفشل الدعم الحكومي لمستوردي الأضاحي: الملايير ذهبت هباءً والأسعار بلغت 4000 درهم!    ندوة بمراكش تناقش مدونة الأسرة    الجباري: مشروع قانون "المسطرة الجنائية" يتعارض مع مبادئ دستورية    المغرب يعزز حضوره في الاتحاد الإفريقي والجزائر تحظى بمنصب إداري فقط (تحليل)    البطولة الاحترافية.. الرجاء الرياضي يواصل نتائجه الإيجابية بالفوز على شباب السوالم (3-0)    تفكيك شبكة لترويج المخدرات بفاس وتوقيف شخصين بحوزتهما كميات كبيرة من المواد المخدرة    الأرصاد الجوية تحذر من ثلوج وأمطار ورياح قوية يومي السبت والأحد    الغرابي يدعو وزير الاستثمار لمحاربة الدخلاء على النقل الدولي ويؤكد: القوانين الحالية تعرقل تنافسية المغرب أمام الأسطول الأوروبي    إعلام إسباني: المغرب قوة صاعدة في صناعة السيارات    مخاوف الرايس من منافس غير محسوب تدفعه لترشيح القداوي لرئاسة "الاتحاد العام لمقاولات المغرب" بجهة طنجة    حموشي يوقع تعيينات جديدة في هذه الولايات الأمنية    شعبانة الكبيرة/ الإدريسية الصغيرة/ الزميتة وفن العيش المغربي (فيديو)    مسرح محمد الخامس يقدم مكانش على البال لعشاق ابي الفنون    البطولة العربية للريكبي السباعي بمصر.. المنتخب المغربي يحرز المرتبة الثانية    شاعر يعود للتوجه… بثنائية بالدوري الإنجليزي    مفتشو الشغل يضربون احتجاجا على تجاهل الحكومة لمطالبهم    اتحاد طنجة يتغلب على ضيفه أولمبيك آسفي    "أسبوع ارتفاع" ببورصة البيضاء    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    اللوائح الانتخابية الخاصة بالغرف المهنية‬ تنتظر الطعون    بنعلي: المغرب من بين الدول ذات التنافسية العالية في مجال الطاقات المتجددة    "ليلة شعبانة" تمتع جمهور طنجة    أمطار رعدية وثلوج ورياح قوية مرتقبة بالمغرب يوم غد الأحد    الأسرى الإسرائيليون الثلاثة المفرج عنهم يدعون لإتمام صفقة التبادل    مجلس إدارة أوبن إيه آي يرفض عرض إيلون ماسك شراء الشركة    المغرب يدعو أمام مجلس السلم والأمن إلى إيجاد حل عبر الحوار يضمن استقرار والوحدة الترابية لجمهورية الكونغو الديمقراطية    الجزائر تحتل المرتبة الرابعة بين الدول العربية في صادراتها إلى إسرائيل    حقيقة تصفية الكلاب الضالة بالمغرب    بعد الهجوم عليها.. بوسيل ترد على سرحان: "تعيشين آخر 5 دقائق من الشهرة بطريقة رخيصة وعنصرية"    إطلاق موقع أرشيف السينمائي المغربي الراحل بوعناني أكثر من 12 ألف وثيقة تؤرخ للسينما المغربية    خبير يكشف التأثير الذي يمكن أن يحدثه النوم على التحكم في الوزن    "بوحمرون" يصل الى مليلية المحتلة ويستنفر سلطات المدينة    تفشي داء الكوليرا يقتل أكثر من 117 شخصا في أنغولا    الصحة العالمية: سنضطر إلى اتباع سياسة "شدّ الحزام" بعد قرار ترامب    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    والأرض صليب الفلسطيني وهو مسيحها..    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمريكا والسياسة الدينية بالمغرب
نشر في التجديد يوم 04 - 11 - 2009

منذ أن أصدر الكونغرس الأمريكي سنة 1998 قانونا يلزم وزيرة الخارجية بأن تحيل على الكونغرس كل سنة التقرير سنويا عن الحرية الدينية الدولية المكمل لأحدث التقارير المتعلقة بحقوق الإنسان، بحيث يوفر هذا التقرير معلومات تفصيلية إضافية فيما يتعلق بالمسائل التي تندرج ضمن الحرية الدينية الدولية؛ يتضمن هذا التقرير السنوي تفاصيل عن الحرية الدينية في كل بلد على حدة في العالم، منذ ذلك الحين أصدرت الخارجية الأمريكية 11 تقريرا ابتداء من سنة 1999 إلى غاية آخر تقرير صدر بتاريخ 26 أكتوبر ,2009 وبغض النظر عن تطور منهجية التقرير ما بين 1999 و,2009 مزجه سنتي 2006 و2007 بين حالة المغرب وما أسماه التقرير بالصحراء الغربية، إلا أن الإطار الذي ظل ثابتا في كل التقارير ركز على خمسة نقاط أساسية هي:
الإحصاءات والتقديرات الواردة في تقرير الحرية الدينية 2009 في محور الديموغرافية الدينية، وبشكل خاص ما يتعلق بحجم المسيحيين في المغرب هي الثمرة السياسية والدينية للضغوط السياسية التي تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية، سواء من خلال تقارير حقوق الإنسان أو تقارير الحريات الدينية أو غيرها من وسائل الضغط السياسي على المغرب
تحدد تقارير الحرية الدينية بدقة النصوص الدستورية والقانونية التي تعيق عمل البعثات التنصيرية، وتوجه أنظار الجمعيات الحقوقية إلى الضغط لتغيير هذه المقتضيات
الهاجس الأكبر من ملاحظات تقارير الحرية الدينية المندرجة ضمن خانة الانتهاكات هو إتاحة الحرية لعمل المنصرين دون مراقبة حكومية ودون إعمال للقانون...
الجمع بين التنصير والتشيع والمضايقات التي تمارس في حق جماعة العدل والإحسان في مستوى واحد، وهو جزء من السياسة الأمريكية للضغط على الدولة المغربية لفك مراقبتها على بعثات التنصير ورفع القيود على حركية هذه البعثات
1 يبدأ التقرير بتلخيص ملاحظاته العامة عن الحرية الدينية في المغرب ومدى احترامها. ثم يفصل في هذه الملاحظات في خطوات مرتبة على الشكل الآتي:
2 محور الديموغرافية الدينية، ويتضمن معطيات وإحصائيات عن المسلمين السنيين واليهود والمسيحيين في المغرب وكافة المذاهب والطوائف الدينية الأخرى (بهائيين، شيعة، متصوفة....)
3 محور خاص بوضعية احترام الحكومة للحريات الدينية، ويناقش الإطار القانوني والسياسي (الدستور والقوانين والتشريعات والسياسات العمومية والتدابير الحكومية..)، والقيود المفروضة على الحرية الدينية، والانتهاكات التي ترتكب ضد الحرية الدينية، والإكراه على تغيير المعتقد.
4 وضعية احترام المجتمع للحريات الدينية.
5 محور التطورات الإيجابية التي حصلت على مستوى احترام الحرية الدينية.
6 ثم أخيرا محور سياسة الولايات المتحدة الأمريكية.
أمريكا ومداخل الضغط على السياسة الدينية بالمغرب
من خلال متابعة 11 تقريرا تخص حالة الحرية الدينية في المغرب يتضح من حيث الظاهر أن التقرير يحرص على أن يقدم معطيات عن الإطار الدستوري والسياسي للممارسة الدينية في المغرب، كما يسجل وقائع تعكس السياسات الرسمية في هذا المجال، ويقف على وقائع أخرى يدرجها ضمن ما يسميه التقرير بالانتهاكات التي تمارس ضد الحرية الدينية، وفي المقابل يسجل ضمن ما يسميه بالتطورات الإيجابية مجمل السياسات الحكومية والتدابير التي يرى التقرير أنها تندرج ضمن تشجيع التسامح الديني ومحاربة التطرف ومحاربة ثقافة الكراهية والحقد وثقافة التمييز ضد المرأة أو ضد الأقليات الدينية، لكن الوقائع والحيثيات التي يدرجها التقرير تبرز بشكل واضح الرؤية التي يحملها عن الحرية الدينية والأهداف السياسية التي تسعى السياسة الخارجية الأمريكية إلى تحقيقها بخصوص الشأن الديني في المغرب، ومستقبل ما يسميه التقرير بالأقليات المسيحية بالمغرب.
فعلى مستوى الديمغرافية الدينية، وبغض النظر عن الاضطراب الذي يعتري منهجية استقاء المعلومات والتثبت منها بخصوص الإحصاءات والتقديرات الخاصة بعدد المسيحيين وبقية الطوائف الدينية الأخرى (بهائيين، شيعة..) إلا أن التقارير التي أصدرتها الخارجية الأمريكية حول الحرية الدينية في المغرب على مدى 11 سنة تبرز مدى التطور في نسبة المسيحيين في المغرب، الذين أصبحوا حسب آخر تقرير يشكلون 1,1 في المائة من مجموع السكان، بعد أن انخفضت نسبة المسلمين من أكثر من 99 في المائة سنة 2006 و2007 إلى 99 في المائة سنة 2008 إلى 7,98 في المائة سنة ,2009 بحيث أشار التقرير استنادا إلى من أسماهم بقادة مسيحيي محليين إلى وجود حوالي 5 آلاف مسيحي ممارس، 4آلاف من المسيحيين المغاربة معظمهم من الأمازيغ، وأشارت إلى أنهم يواظبون على حضور كنائس سمتها بكنائس في المنازل في جنوب المغرب. وأضاف التقرير استنادا إلى نفس القادة المسيحيين المحليين إلى أن عدد المسيحيين المغاربة قد يصل إلى 8 آلاف مسيحي في جميع أنحاء البلاد يدينون بالمسيحية؛ لكنهم لا يجتمعون بانتظام خوفا من الرقابة الحكومية، وما أسماه التقرير بالاضطهاد الاجتماعي، كما أورد بعض
التقديرات التي تتحدث عن 25 ألفا من المسيحيين في المغرب معظمهم يقيمون في الدار البيضاء والرباط.
على أن الجديد الذي حمله تقرير سنة 2009 هو تضمنه إحصاءات وتقديرات عن عدد الشيعة في المغرب، فبعد أن اكتفى تقرير 2008 بالحديث عن 3000 شيعي تحدث تقرير سنة 2009 عن رقم يتراوح بين 3000 و 8000 شيعي في المغرب بعد أن اكتفى سنة 2006 و 2007 بمجرد تأكيد اعتراف الحكومة بوجود شيعة في المغرب دون قدرة على تحديد عددهم (حجم مجهول)، أما بخصوص البهائيين؛ فلم تتغير المعطيات الإحصائية التي أوردها تقرير الخارجية الأمريكية منذ سنة ,1999 إذ بقي العدد يتراوح بين 350 و.400 والمثير أيضا أنه لأول مرة تتم الإشارة في تقرير الحريات الدينية (2009) إلى الزوايا الصوفية، وبشكل خاص الطريقة التجانية من خلال الحديث عن زيارة 30 شخص من إفريقيا أسبوعيا لقبر الشيخ أحمد التجاني بفاس، ثم الطريقة القادرية البوتشيشية والتأكيد على أن لها حضور وتأثير قوي في المغرب، بحيث أشار إلى أن هذه الطريقة تحتفل كل سنة بذكرى المولد النبوي، وتحضر للصلاة مع شيخ الطريقة الشيخ حمزة القادري البوتشيشي في مدينة بركان.
وعلى الجملة، يمكن اعتبار الإحصاءات والتقديرات الواردة في محور الديموغرافية الدينية وبشكل خاص ما يتعلق بحجم المسيحيين في المغرب على باعتباره الثمرة السياسية والدينية للضغوط السياسية التي تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية سواء من خلال تقارير حقوق الإنسان أو تقارير الحريات الدينية أو غيرها من وسائل الضغط (يتحدث التقرير في محور السياسة الأمريكية عن لقاءات منتظمة يعقدها المسؤولون الأمريكيون مع مسؤولين في الدولة المغربية من أعلى مستوى كوزير الأوقاف على سبيل المثال لمناقشة قضية الحرية الدينية في المغرب).
وعلى مستوى الإطار القانوني والدستوري:
تركز كل تقارير الحرية الدينية منذ سنة 1999 على ما تعتبره عوائق وقيود دستورية وقانونية تعيق الحرية الدينية في المغرب، وتقف بشكل خاص على النصوص الدستورية والقانونية الآتية:
1 الإسلام هو الدين الرسمي للدولة، والمواطنون بمن فيهم نواب مجلس النواب الذين يتمتعون بحصانة برلمانية يمكن أن يعاقبوا إذا عبروا عن آراء تخالف التعاليم الإسلامية.
2 القانون يحظر البعثات التبشيرية ويمنعها من توزيع المواد الدينية على المسلمين.
3 قانون سنة 2002 يعاقب كل من تعرض للمس بالإسلام أو الملكية أو الوحدة التراببة بالسجن.
4 الفصل 3 الذي غير بمقتضى المادة الثانية من الظهير الشريف رقم 206,02,1 الصادر في 12 من جمادى الأولى (23 يوليو 2002 )) والتي تنص على أن كل جمعية تؤسس لغاية أو لهدف غير مشروع يتنافى مع القوانين أو الآداب العامة أو قد تهدف إلى المس بالدين الإسلامي أو بوحدة التراب الوطني أو بالنظام الملكي أو تدعو إلى كافة أشكال التمييز تكون باطلة.
5 الفصل 41 من قانون الصحافة، والذي ينص على أنه تطبق نفس العقوبة خ يقصد المشرع بالحبس لمدة تتراوح بين ثلاث وخمس سنوات وبغرامة يتراوح قدرها بين 000,10 و000,100 درهم إذا كان نشر إحدى الجرائد أو النشرات قد مس بالدين الإسلامي أو بالنظام الملكي أو بالوحدة الترابية.
6 المادة 220 من القانون الجنائي، والتي تنص على أنه يعاقب بنفس العقوبة خيقصد المشرع بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم كل من استعمل وسائل الإغراء لزعزعة عقيدة مسلم أو تحويله إلى ديانة أخرى، وذلك باستغلال ضعفه أو حاجته إلى المساعدة أو استغلال مؤسسات التعليم أو الصحة أو الملاجئ أو المياتم، ويجوز في حالة الحكم بالمؤاخذة أن يحكم بإغلاق المؤسسة التي استغلت لهذا الغرض، وذلك إما بصفة نهائية أو لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات.
7 قانون مدونة الأسرة ينص على أن غير المسلمين لا يمكن لهم الزواج من مسلمة إلا بعد اعتناقهم للإسلام.
وعلى الجملة، تحدد تقارير الحرية الدينية بدقة النصوص الدستورية والقانونية التي تعيق عمل البعثات التبشيرية، وتوجه أنظار الجمعيات الحقوقية إلى الضغط لتغيير هذه المقتضيات.
أما على مستوى السياسات والتدابير الحكومية، فتسجل معظم التقارير الملاحظات الآتية:
1 الحكومة لا تسمح بتوزيع المواد الدينية غير الإسلامية على الجمهور.
2 لا توجد آليات قانونية تعترف بالطائفة المسيحية بالشكل الذي تعترف الحكومة المغربية بالطائفة اليهودية.
3 الحكومة تطلب تسجيل الطوائف الدينية من أجل إجراء المعاملات المالية والتجارية، وفي هذا الصدد تلاحظ كل التقارير أن الحكومة تسجل الكنائس والجمعيات وتشمل الكاثوليكية والأرثوذكسية الروسية واليونانية الأرثوذكسية والبروتستانتية الفرنسية، البروتستانتية الإنجليزية، والكنائس الإنجيلية، ونفرد تقرير 2009 بتسجيل ملاحظة مفادها أن الحكومة لم تتمكن من الترخيص أو الموافقة على جماعات دينية أو منظمات دينية جديدة.
4 المبشرون يجدون أنفسهم بحكم الرقابة الحكومية أو الاضطهاد المجتمعي مضطرين إلى محاولة القيام بعملهم في تكتم، وتستند الحكومة إلى قانون العقوبات والحظر المفروض على التبشير في معظم الحالات في المحاكم التي تقضي بطرد المبشرين الأجانب.
5 تراقب الحكومة المساجد والجماعات الدينية غير المسلمة، وتضع بعض القيود على المشاركين عندما ترى أفعالهم قد تجاوزت حدود المقبول من النشاط الديني أو السياسي.
6 المبشرون الذين يمتنعون عن التبشير أو يراعون خصوصية المجتمع لا يجدون أي مشكلة، أما الذين يمارسون التبشير بأنشطة دينية علنية يواجهون بالطرد.
ومن خلال هذه الملاحظات التي تسجلها هذه التقارير يتضح أن الهاجس الأكبر منها هو إتاحة الحرية لعمل المبشرين دون مراقبة حكومية ودون إعمال للقانون، والارتفاع بالحالة المسيحية في المغرب إلى نفس حالة الطائفة اليهودية.
أما على مستوى القيود على الحرية الدينية:
فيسجل تقرير 2009 الملاحظات الآتية:
1 الحكومة عموما تفرض قيودا على الحرية الدينية، ويورد تقرير 2009 بعض الأمثلة على ذلك نذكر منها: التضييق على الشيعة واعتبار نشر التشيع يستهدف الوحدة المذهبية القائمة على المعتقد السني والمذهب المالكي. وفي هذا الصدد يسجل التقرير الوقائع التالية (مارس 2009 صادرت الحكومة كتبا شيعية من العديد من المكتبات في أنحاء البلاد، واستند التقرير إلى تقارير تفيد اعتقال المئات من الشيعة وإجراء تحقيقات معهم، وأشار التقرير أيضا إلى إغلاق وزارة التربية الوطنية للمدرسة العراقية الخاصة التي كانت تعمل في البلد لأكثر من 30 عاما، بعد مزاعم بأن هذه المدرسة هو تعليم مبادئ الشيعة مع الإشارة إلى نفي المسؤولين عن المدرسة هذه التهمة).
2 خوض معركة ضد التبشير ، بحيث يسجل التقرير أن الحكومة المغربية تعتبر أن المعركة ضد التبشير المسيحي وفقا للقانون لا تعتبر من بين انتهاكات حقوق الإنسان، لأنه هو عمل يهدف إلى منع محاولات لتقويض القيم الدينية للبلاد غير القابلة للتغيير، وأن حرية المعتقد لا تعني التحول إلى دين آخر.
3 أشار تقرير 2009 إلى أنه في مارس 2009 طردت السلطات خمسة من الإناث للأجانب غير المقيمين، وأربعة إسبانيات وألمانية واحدة، واستجوبت 12 آخرين بينهم 11 من المواطنين، من أجل المشاركة في دراسة الكتاب المقدس في شقق إحدى الزعماء المسيحيين المحليين بالدار البيضاء، واعتقلت السلطات 12 من النساء في 28 مارس، وأطلقت سراحهم في وقت مبكر من صباح اليوم التالي. وفي هذا الصدد يستند التقرير على إفادات تشير إلى أن السلطات ضغطت على النساء للعودة إلى الإسلام، واستهزأت من إيمانهم المسيحي، وأشار التقرير أيضا إلى أنه في 14 مايو، ,2009 منعت الحكومة إسبانيتين من الدخول إلى المغرب.
4 حظر مجلة الإكسبريس الفرنسية في شهر أكتوبر، ,2008 في مجلة الفرنسية، والتي تضمنت ملفا يناقش العلاقة بين المسيحية والإسلام، وتضمن تصوير النبي عليه الصلاة والسلام، وبررت الحكومة منعها للمجلة بخرق المادة 29 من قانون الصحافة.
5 التضييق على جماعة العدل والإحسان، والإشارة إلى حجب جميع مواقعها على الأنترنت.
وعلى العموم، فالملاحظ على هذا المستوى الجمع بين التنصير والتشيع والمضايقات التي تمارس في حق جماعة العدل والإحسان في مستوى واحد، وهو جزء من السياسة الأمريكية للضغط على الدولة المغربية لفك مراقبتها على بعثات التنصير ورفع القيود على حركية هذه البعثات.
أما على مستوى التطورات الإيجابية في السياسة الدينية المغربية،
فهذا المحور يعكس بوضوح أهداف السياسة الأمريكية بخصوص نوع السياسة الدينية التي تريد للمغرب أن يسير على هديها، بحيث تسجل التقارير ما تعتبره خطوات متقدمة في اتجاه إرساء ثقافة التسامح وتعزيز الحوار بين الأديان، ويمكن أن نقف في تقرير 2009 على تسع تنويهات خاصة حظي بها المغرب من قبل الولايات المتحدة الأمريكية بخصوص توجهات سياسته الدينية وهي:
1 عمل الحكومة على التصدي للأفكار المتطرفة باسم الدين من خلال تشجيع التسامح الديني.
2 مراجعة المناهج الدراسية الوطنية لإزالة المقاطع والدروس التي تفسر الآيات القرآنية بطريقة تحرض على الكراهية أو لا تحترم المرأة وغيرها من الثقافات والديانات الأخرى، وبالإضافة إلى ذلك، وإقدام الوزارة على تمكين المساجد من أجهزة تلفاز تبث رسائل وخطب يوميا في أكثر 2000 مسجد.
3 حفل منح الملك لميداليات التقدير لاثنين من أبرز اليهود من أصل مغربي في إطار الاحتفال 12 قرن من تأسيس مدينة فاس، وتنظيم المسؤولين الحكوميين لمؤتمر في الدار البيضاء في أكتوبر 2008 للاحتفال بمساهمات من اليهود في تاريخ الأمة.
4 استمرار الحكومة في تشجيع التسامح والاحترام، والحوار بين الجماعات الدينية. إذ تم في هذا الصدد (في مارس 2009) تأسيس التحالف المدني من أجل المواطنة في العالم العربي. والذي يجمع عدة منظمات غير حكومية وشخصيات نشطة على المواطنة في القضايا ذات الصلة في العالم العربي، بهدف تعزيز التعددية السياسية والدينية والاجتماعية والثقافية، والتنوع اللغوي ومشاركة الحكومة (فبراير 2009) في مؤتمر مكافحة معاداة السامية في لندن.
5 الدروس الحسنية في رمضان والتي يعتبر تقرير 2009 أنها وجهت أهدافها لخدمة تعزيز تفسيرات دينية معتدلة وسلمية وتشجيع التسامح والاحترام المتبادل وداخل الإسلام مع الأديان الأخرى.
6 مشاركة الحكومة في تحالف الحضارات، وقيام مؤسسة آنا ليند (يرأسها أندري أزولاي) ، وغيرها من المجموعات الدولية بدور تعزيز التسامح الديني.
7 تنظيم المهرجان السنوي مهرجان فاس للموسيقى الروحية (ما بين 29 ماي و 6 يونيو 2009) والذي ضم موسيقيين من المسلمين والمسيحيين واليهود والهندوس والبوذيين...
8 استضافة المهرجان السنوي للثقافة الصوفية (ابريل 2518 ، 2009) الذي يحتفل بمبادئ التسامح والسلام، والقيم الروحية من خلال الموسيقى والفن ...
9 تنظيم ما بين 1916 أبريل 2009 المهرجان الربيعي لموسيقى كناوة في مدينة الصويرة والذي ضم موسيقيين ومغنين من الديانات التوحيدية الثلاث وجنسيات مختلفة.
وعلى العموم، يبدو واضحا من خلال هذه التنويهات التسع نوع التوجهات الدينية التي يتم الضغط على الحكومة المغربية من أجل أن تتجه صوبها، والتي يمكن أن نختصرها في عنوانين اثنين: نشر ثقافة التسامح الديني والانفتاح أكثر على الأديان الأخرى، سواء من خلال التعبيرات الثقافية أو الفنية، ودفع عجلة تغيير المقررات والمناهج الدراسية والخطاب الديني بما يعكس هذه الثقافة الجديدة.
أما على مستوى سياسة الولايات المتحدة الأمريكية،
فكل التقرير توضح منذ أول تقرير صدر سنة 1999 إلى آخر تقرير على أن المسؤولين الأمريكيين يلتقون بانتظام مع المسؤولين على القطاع الديني في المغرب ومن أعلى مستوى، كما يلتقون بشكل منتظم مع زعماء الجالية اليهودية، والبعثات التبشيرية المسيحية، وزعماء الطوائف المسيحية المسجلة، والزعماء المسيحيين المحليين، بل وأيضا زعماء ما أسماهم التقرير بالأقليات المسلمة، وأن هذه اللقاءات تندرج ضمن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية وبرامجها لدعم التسامح والحرية الديني وفق النمودج الأمريكي.
المغرب وتحديات حماية الأمن الروحي للمغاربة
وعلى العموم، فما جاء في تقرير الحرية الدينية الأمريكي يحمل معه مخاطر عديدة؛ في مقدمتها توفير الأرضية لاستهداف إنجيلي أمريكي يوظف إمكانات الكونغرس والإدارة الأمريكية من أجل الضغط لمصلحة أقلية مسيحية بالمغرب، إذ تتضمن تقارير الحرية الدينية معطيات تهم ما يوصف في الأدبيات الإنجيلية بالاضطهاد المسيحي، مما يحيل على النموذج المصري القبطي الذي تحولت فيه الحرية الدينية للمسيحيين إلى ورقة مزايدة من قبل الكونغرس الأمريكي للضغط على مصر وابتزازها في عدد من القضايا الداخلية والخارجية، مما دفع بفئة من الأقباط إلى الشعور بوجود دعم خارجي، ومن ثم الانزلاق إلى افتعال توترات مع المسلمين، وكانت النتيجة في نهاية المطاف هي الدفع بمصر إلى أن تعيش تحت وقع ما يسمى زعما بالفتنة الطائفية.
قد يقول البعض إن هذا الوضع ليس واردا بالنسبة للمغرب، وأن المغرب له خصوصياته التي تحميه من أن يسقط في نفس التجربة، وأن التهديد المسيحي لا يستهدف المغرب، سواء على المدى القريب أو المتوسط، لكن هذه الحجة تسقط حين يتم إجراء مقارنة بسيطة بين تقرير الحرية الدينية الأمريكي في أواخر التسعينيات وبين تقرير ,2009 ذلك أن عشر سنوات كافية لكشف حجم التطور في كيفية التعاطي مع موضوع المسيحيين في المغرب، إذ تحدث التقرير عن وجود كنائس في المنازل، بل الأخطر من ذلك، صار الحديث عن وجود 1,1 المائة من سكان المغرب مسيحيين، وتراجع عدد المسلمين إلى 7,98 في المائة، بل تحدث التقرير عن 4000 مسيحي محلي من الأمازيغ، مما يجعل التساؤل مشروعا عن مستقبل الموضوع المسيحي في السنوات العشر أو العشرين سنة القادمة في المغرب.
إن التفكير المستقبلي والاستراتيجي يفرض على المغرب أخذ الموضوع بالجدية اللازمة، والانتباه إلى تطور هذه المعطيات والأرقام، والتفكير في اعتماد استراتيجية مندمجة لمواجهة التحديات التي تستهدف الأمن الروحي والاستقرار الديني للمغاربة.
إن الحديث هنا لا يتعلق بحالات تغيير معتقد تحصل على المستوى الفردي، فهذا الأمر في زمن العولمة لم يعد متصورا إمكانية التفكير في ضبطه والتحكم فيه، كما أنه لا يشكل تحديا حقيقيا بالنظر إلى مقاصد الشريعة التي تضمن حرية الاعتقاد، وتنبذ الإكراه فيه، لكن المشكل يطرح عندما يتم الانتقال من المستوى الفردي إلى المستوى الجماعي العلني المنظم، وحينما تتحول الحريات الدينية إلى وسيلة ابتزاز لتوسيع الأقلية الدينية في المغرب، وحينما يصبح الموضوع المسيحي ورقة للمزايدة السياسية والابتزاز للمغرب في قضاياه الداخلية والخارجية. المهدد للأمن الروحي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.