الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد: جاء في الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة). هذا القيد الذي قيد به الحج ليكون موجبا لدخول الجنة ينبغي على كل من أنشأ سفر الحج أن يعرفه ليكون حجه مبرورا. والمبرور مشتقّ من البر، والبر ضد الإثم، فالحج المبرور هو الذي لا يخالطه إثم، وهذا يفتح مجالا واسعا للحجاج ليتنافسوا على هذه الصفة ويحققوها في حجهم، وإذا رجعنا إلى آيات القرآن الكريم نجد فيها صفات الحج المبرور، وهي: شروط الحج المبرور أولها: الإخلاص لله تعالى، فأول ما يبدأ به الحاج هو تصحيح النية والقصد، حتى لا يضيع جهده وماله بسبب فساد النية، فما المقاصد التي تكون بها النية صحيحة؟! أولاً: أن يقصد بهذا الحج إكمال ركن دينه الخامس، وإجابة نداء إبراهيم الذي أذن في الناس بالحج، فإذا شهد المسلم الشهادتين وأقام الصلوات وأدى زكاة ماله وصام رمضان، فإن نفسه تتعلق بإكمال ركن دينه الخامس وهو الحج، الثاني: أن يرجو غفران ذنوبه، فإنه يذهب إلى الحج ليكون كفارة لذنوبه، فيعود منه وقد تخفف منها، مصداقًا لقول النبي : (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه) متفق عليه، الثالث: أن يكتب اسمه في أهل الجنة، فقد قال النبي: (العمرة إلى لعمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة). هذا الذي يكون في قلب المسلم عندما ينشئ نية السفر إلى الحج، وهذا الذي يدفعه إلى إعداد الزاد والتأهب للسفر، ولا يخلط هذه المقاصد بمقاصد أخرى، مثل تغيير اللقب أو التنافس مع الآخرين على المكانة الاجتماعية أو الشهرة أو أي مقصد دنيوي عاجل. ولا يضره بعد إخلاص القصد أن يكون مع حجه تجارة أو قضاء أغراض ومصالح، قال تعالى: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مّن رَّبّكُمْ) (البقرة:198). هذا الشرط الأول للحج المبرور، وهو تصحيح النية والقصد. أما الشرط الثاني: فهو إتمام الحج وأداء مناسكه على الوجه المشروع، فإن النبي قال: (خذوا عني مناسككم)، فعنه تؤخذ مناسك الحج وأعماله، وهذا يقتضي أن يتفقّه الحاج في المناسك، ويحرص الحرص كله على أن يأتي بها على الوجه المطلوب، فيُحرِم ويلبي ويذهب إلى منى في اليوم الثامن، ويقف بعرفات في اليوم التاسع، ويرمي ويذبح ويطوف في اليوم العاشر، ويبيت بمنى أيام التشريق، ويتجنب ممنوعات الإحرام ومكروهاته، وإذا وقع منه شيء من ذلك جبره، والمقصود أن توافق حجته حجة النبي قدر المستطاع، فإن الحج ليس سفرًا عاديًا، لكنه سفر ديني، وتكلفته من الجهد والوقت والمال تقتضي الحرص على تحقيق هدفه. الشرط الثالث: الأخلاق التي يتخلق بها الحاج خلال رحلة الحج، سواء وهو محرم أو متحلل، فإن أعمال الحج لا تستغرق أكثر من ستة أيام، ولا تملأ الوقت كله، لكن الرحلة تستغرق قريبا من شهر، ففي الإقامة، وفي المسجد، وفي الشارع، وفي المشاعر، وفي الحافلة، وفي الطائرة، وفي أي مكان. شروط أصلها القرآن يجب أن يستحضر الحاج أنه في سفر الحج، وأن صفة البر قد تُسلب من حجه، فلا يكون مبرورا إذا أساء الخُلق مع الحجاج أو مع سكان الحرمين. وهذه الشروط الثلاثة مذكورة في قوله تعالى: (وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) (البقرة:196)، فها هنا شرط الإخلاص في قوله: لِلَّهِ، وشرط الإتمام في قوله: وَأَتِمُّواْ، فقد يُؤتى الحاج من جهة الإخلاص أو من جهة الإتمام، أما الشرط الثالث ففي قوله تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجّ (البقرة:197)، فذكر سبحانه هذه الثلاثة لأنها تهدد الحجاج أكثر من غيرها، خاصة هذا الأخير، وهو الجدال وما يتبعه. وهناك شرط رابع للحج المبرور، وهو أن يكون بمال حلال طيب، فقد قال النبي: (إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا) رواه الترمذي، فليعمد الحاج إلى أطيب مال عنده، فليحج به، وإذا أتم إجراءات التسجيل وسافر فليكن قصده وجه الله والدار الآخرة، وليكن متيقظًا منتبها أيام المناسك حتى لا يفوته ما لا ينجبر منها، وأثناء الرحلة كلها يكون حسن العشرة طيب الخلق، يألف ويؤلف، وإذا رجع حافظ على حجه وصانه، وثبت على توبته، إذا فعل هذا رجا أن يكون حجه مبرورا. إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه، وأَلْقِ سمعك، واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه وإليه، فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله ، قال تعالى: {إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد} (الآية: 37 من سورة ق). وذلك أن تمام التأثير لما كان موقوفاً على مؤثر مقتض، ومحل قابل، وشرط لحصول الأثر، وانتفاء المانع الذي يمنع منه، تضمنت الآية بيان ذلك كله بأوجز لفظ وأبينه وأدله على المراد. فقوله تعالى: {إن في ذلك لذكرى} إشارة إلى ما تقدم من أول السورة إلى هاهنا، وهذا هو المؤثر، وقوله تعالى: { لمن كان له قلب} فهذا هو المحل القابل، والمراد به القلب الحي الذي يعقل عن الله، كما قال تعالى: {إن هو إلا ذكر وقرآن مبين. لينذر من كان حيًّا} (الآيتان: 70 .69 من سورة يس). أي حي القلب. وقوله: {أو ألقى السمع} أي وجَّه سمعه وأصغى حاسة سمعه إلى ما يقال له، وهذا شرط التأثر بالكلام. وقوله تعالى {وهو شهيد} أي شاهد القلب حاضر غير غائب. اعتداء على مسجد في ألمانيا عزا مجلس المسلمين الأعلى في ألمانيا الاعتداء الذي تعرض له مسجد في ولاية بايرن إلى تأثيرات تصريحات عضو مجلس رئاسة البنك الألماني الاتحادي تيو سازارين الذي كان يشغل رئاسة دائرة المالية بولاية العاصمة برلين الذي انتقد فيها الأجانب في ألمانيا وخاصة الأتراك والعرب. وقالت الشرطة في منطقة ايلسينفيلد الواقعة بولاية بايرن جنوبألمانيا إن مجهولين قذفوا مسجد المنطقة في وقت مبكر من يوم الإثنين بزجاجات حارقة مولوتوف كما قاموا بتدنيس مدخله الرئيسي بأسمدة الحيوانات ورؤوس الخنازير، وأوضحت أن الأضرار المادية تصل إلى حوالي 15 ألف يورو. وأعلنت الشرطة أنه لم ينجم عن الاعتداء أي إصابات إذ الاعتداء وقع قبل صلاة الفجر وأنها تبحث عن المعتدين. وكان سازارين قد زعم بأن الأجانب لا يسهمون بالاندماج مع المجتمع الألماني كما أن 60 في المائة من الأتراك و80 في المائة من العرب الذين يحملون الجنسية الألمانية وخاصة في ولاية العاصمة برلين لا يشاركون في الانتخابات ولا يعترفون بالديمقراطية والحرية في ألمانيا ولا يرسلون أبناءهم إلى المدارس ويعيشون بمجتمع منغلق على نفسه وأنه لا يستطيع التعامل مع هؤلاء الذين يريدون استغلال ألمانيا فقط على حد وصفه. وقد تركت تصريحات سازارين هذه انتقادات لدى بعض أقطاب السياسة والمجتمع والاقتصاد في ألمانيا بينما أيدها آخرون الأمر الذي اضطر رئاسة البنك الاتحادي إلى عزله من منصبه.