هل يكفر الحج الذنوب كلها سواء كانت صغائر أو كبائر، في حق الله أو في حق الناس؟ الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وبعد، الحج من أركان الإسلام، ومن أعظم العبادات التي أكرمنا الله تعلى بها، تكفيرا للسيئات ورفعا للدرجات.في صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: +الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا.وَالْحَجّ الْمَبْرُورُ، لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاّ الْجَنّةُ؛ ولا شك أن العبد يتقدم قصده بيت الله حاجا ومعتمرا بتوبة نصوح تتحقق فيها شروط التوبة من ندم وإقلاع وعدم التفات إلى الذنب ثم اجتهاده في ردّ المظالم إلى أهلها.وذلك طاعة له تعالى وابتغاء وجهه الكريم.والملاحظ للأسف أن البعض يستهين بحقوق العباد ولا يقابلها بما يجب عليه من تصفيتها، مع ما خرجه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: +من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها، فإنه ليس ثَمَّ دينار ولا درهم، من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه.؛ فإذا فعل العبد واجتهد ما وسعه الاجتهاد في التوبة، وتوجه إلى حج بيت الله الحرام، فإن الله تعالى سيكفر عنه سيئاته مهما كانت، وسيكفيه سبحانه ما ثقل عليه وعجز عنه.ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يقول: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه)قال الحافظ ابن حجر في الفتح: أي بغير ذنب، وظاهره غفران الصغائر والكبائر والتبعات. أما أن يحج وهو يعلم ما عليه من مظالم لغيره وهو قادر على أدائها، ومع ذلك هو عازم على ألا يفعل فهذه سيئة تحتاج منه إلى توبة أخرى.