بعينين دامعتين، وإصرار على الصمود أبكت أميمة المرواني بنت المعتقل السياسي محمد المرواني، معظم الحاضرين في ندوة حول الاعتقال السياسي وتداعياته على الأسرة والمجتمع، وهي تحكي أنها كانت تعد الأيام فقط ليرجع الوالد الذي يعني لحياتها الكثير، فإذا بالأيام تصير شهورا، وقد تستمر لتصير سنوات.. وقالت أميمة في الندوة التي نظمتها مجموعة من الهيئات الحقوقية مساء أول أمس السبت بالرباط : كان والدي يهتم بنا، لا ينام إلا والبسمة بادية على وجه كل منا، والآن كلما جلست بغرفتي إلا وتخيلت أنه يدخل علي ليساندني، لأستيقظ على حقيقة اعتقاله بدون سبب... لكن وبحزم تشدد أميمة أنه انطلاقا من ثقافة الأمل التي علمني إياها والدي، سنقبض على جمرة الأمل، وسنظل منتصبي القامة.. ولن نرفع الراية البيضاء أمام الظلم .. وسيستمر الكفاح...وأكد خالد السفياني، دفاع المعتقلين الستة في ما يعرف بملف بلعيرج، أن الأسرة هي المعتقل الحقيقي حين يكون الملف سياسيا، موضحا على أن معاناة العوائل في القضايا السياسية مضاعفة لانعدام مقايسس المحاكمة العادلة، ودوس السلطة السياسية على كل القيم، ومن خلالها الدوس على العوائل أثناء زيارة المعتقل، وأثناء حضور المحاكمة... من جهتها، أكدت حورية، زوجة لقمان المختار، المحكوم بالسجن 15 سنة على خلفية نفس الملف، على أن زوجها ليس إرهابيا، وحكت بحرقة وألم مأساة الأسرة منذ مرحلة الاختطاف، إلا يوم الحكم الذي كان قاسيا وصعبا على أفراد الأسرة تقبله..، وحكت حورية وهي تبكي المأساة التي تعيشها وأبناءها لابتعاد الوالد عن البيت، وتأثير ذلك على أبنائها، حيث صارت ابنتها تميل إلى العزلة والوحدة، وهو ما يشعرها بالخوف تقول حورية. وفي كلمة له خلال نفس النشاط، قال عبد الرحمن بنعمرو، دفاع المعتقلين الستة، إن الدفاع في القضايا السياسية يعيش معاناة حقيقية أكثر من معاناته في قضايا الحق العام، لاسيما عند الاصطدام بمدى عدالة النظام السياسي أو السلطة التنفيذية، مشيرا إلى أن هذا الملف عرف الكثير من الخروقات منذ البداية، وكانت ضمانات المحاكمة العادلة ضعيفة ومحدودة بالرغم من محدوديتها، ولا تطبق من قبل القضاة، يؤكد المتحدث نفسه. وقالت الدكتورة بديعة بناني، زوجة المعتقل العبادلة ماء العينين على خلفية ما يعرف بملف بلعيرج، إن تبعات الاعتقال السياسي على المستوى النفسي والاجتماعي للسجين سيئة، على اعتبار أنه يعامل بكل قسوة منذ اختطافه إلى مرحلة الحكم عليه، كما يحدث تداعيات سوسيو اقتصادية وحالات نفسية وصحية وتربوية لدى المرأة، والطفل داخل العائلة، وفي المدرسة.. إنه الوجه الآخر للاعتقال السياسي، إذ يتم الدوس على فصول القانون ويستعمل العنف ضد العوائل.. وعن تأثير الاعتقال على أفراد الأسرة، أكد الدكتور لطفي الحضري، أخصائي علم النفس أن لمصطح الاعتقال السياسي دلالته، مشددا على ضرورة ذكر هذا المصطلح عوض مصطلح الإرهاب لتجاوز الإحساس بالذنب، وذلك لأهمية الإطار النفسي على مستوى العزة عند الحديث على الاعتقال السياسي. وتطرق الحضري في معرضه حديثه، إلى الإحساس بالفراغ واللاحماية لدى عوائل المعتقلين، فلكل فرد من الأسرة دوره، وبغياب أحدها تتغير المسؤوليات ويختل توازن الأسرة، مشددا على أن الاعتقال يخلف الكثير من الآثار والأمراض النفسية الجسدية على كل أفراد أسرة المعتقل، مشيرا إلى أن الاعتقال السياسي ليس إلا حربا على القيم، وعلى الإحساس بالمواطنة والأمان الذين يفتقدان خلال التعامل مع ملفات الاعتقال السياسي.