تعقد وكالة بيت مال القدس يومي 28 و 29 أكتوبر 2009 بالرباط الندوة الدولية حول القدس على إيقاع الاقتحامات المتكررة لقوات الاحتلال وللجماعات اليهودية المتطرفة للمسجد الأقصى وباحاته، وقبل يومين فقط من انعقادها، اقتحمت قوات الاحتلال الحرم القدسي في وقت مبكر من الصباح، واعتقلت عددا من حراسه والمصلين داخله، كما اعتدت عليهم بالعصي وقنابل الغاز؛ مما أوقع عددا من الإصابات، وبقي إلى حدود مساء أمس مئات المصلين محاصرين من قبل جنود الاحتلال في مبنى المسجد الأقصى؛ الذين يحاولون اقتحام أبوابه وسط مقاومة عنيدة من المصلين لمنعهم من ذلك، ويمنعون الدخول إليه أو الخروج منه. وأمام هذه الاقتحامات المتكررة، وهذه الاعتداءات التي لا تطال فقط المسجد الأقصى وباحاته، وإنما تمتد إلى أحياء البلدة القديمة، فقد أصبح من الضروري دق ناقوس خطر كبير، لأن هذه الحركية المطردة من قبل قوات الاحتلال، والتصميم على إخراج المعتكفين من المسجد الأقصى واعتقالهم والسماح بإدخال المستوطنين إليه وتوفير الدعم الكامل لهم لاقتحام المسجد الأقصى، هذه الحوادث أصبحت تضاعف المؤشرات على وجود مخطط صهيوني يجري تنفيذه تدريجيا لاقتحام المسجد الأقصى وتقسيمه على غرار الحرم الإبراهيمي الشريف في الخليل، ولعل عمليات التصوير السرية التي تقوم بها قوات الاحتلال لساحات المسجد الأقصى ومبانيه، والدعوات التي أطلقتها منظمات يهودية دينية وسياسية متطرفة لعقد مؤتمر سيتم من خلاله توجيه دعوات إلى عموم المجتمع الإسرائيلي لاقتحام المسجد الأقصى في الأيام القادمة، لعل ذلك كله يعتبر مقدمات في هذا المشروع الصهيوني الذي يروم تهويد القدس ونفي الطابع العربي والإسلامي عنها. يطرح هذا الوضع الخطير الذي تعرفه القدس تحديات حقيقية، إذ يبدو أن الحاجة أضحت ملحة لاتخاذ مواقف عربية وإسلامية منسجمة وحازمة تقدم رسالة واضحة إلى المنتظم الدولي وإلى قوات الاحتلال؛ مفادها أن قضية القدس ليست قضية الفلسطينيين وحدهم، وأن أي مؤامرة تستهدفه لن تواجه فقط فلسطينيا، وإنما ستفتح معركة واسعة ضد العرب والمسلمين جميعا. ولعل المواقف المغربية المعبر عنها أخيرا، تحمل إشارة واضحة على أن التعامل مع هذه الاعتداءات سيأخذ منحى آخر في اتجاه تطويق المشاريع الاستئصالية التي تهدف إلى تهويد مدينة القدس الشريف، وتهديد عمق الوجود العربي الإسلامي لمدينة القدس مما نعتقد أنه سيشكل البوابة الحقيقية لدور أكبر للمغرب في القضية الفلسطينية يعزز مكانه بلدا يرأس لجنة القدس، في الوقت الذي تصر فيه بعض الأصوات النشاز على خدمة مشروع التطبيع وعزل المغرب عن عمقه العربي والاسلامي. يبدو أن التحديات والتهديدات التي يواجهها المسجد الأقصى، باتت تدفع في اتجاه تغيير استراتيجية التعامل العربي والإسلامي ووقف عملية التطبيع معه بجميع مستوياتها، وتكثيف الدعم للمشاريع التربوية والتعليمية والاجتماعية والعمرانية في القدس لدعم صمود أبنائها فيها، ووقف جميع أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، وإيقاف أي خطوة تندرج ضمن مبادرات إحياء مسلسل التسوية، وتحريك الآليات الدبلوماسية والسياسية لمحاصرة العدو الصهيوني وإدانة جرائمه الحربية وضد الإنسانية التي ارتكبها مؤخرا في قطاع غزة. يتأكد من خلال هذه الاعتداءات المتكررة الحاجة إلى عقد لجنة القدس التي توجب التحديات والأحداث الجارية المسارعة عقدها.