أكد الوزير الأول عباس الفاسي أن تعزيز الطبقات الوسطى يجب أن يصبح هدفا استراتيجيا في السياسات العمومية، سواء تعلق الأمر بسياسة السكن، أو بدعم القدرة الشرائية، والسوق الداخلية من أجل تقوية الاستهلاك، أو بمراجعة أشطر ونسب بعض الضرائب، خاصة منها الضريبة على الدخل. وكان عباس الفاسي يتحدث خلال ترأسه، الخميس الماضي، اجتماعا للجنة الوزارية المكلفة بوضع التدابير العملية لدعم الطبقات الوسطى، خصص لاستعراض المبادرات والإجراءات المتخذة من قبل القطاعات المعنية، ولتدقيق منهجية العمل وتحديد الأولويات، واستكشاف المجالات الممكن توجيهها لفائدة هذه الطبقات. وفي السياق ذاته، أكدت أن 35 في المائة من الأسر المنتمية إلى الطبقة الوسطى، ونفس النسبة في الطبقة المتواضعة، أكدت أن مستوى معيشتها لم يتحسن ما بين 1997 و2007 مقابل 23 في المائة من الأسر في الطبقات الميسورة. وتتشكل أهم انشغالات الطبقات الوسطى في هموم تكلفة المعيشة ومستوى الدخل والجفاف بنسبة %85؛ والمرض والهدر المدرسي وبطالة الشباب بنسبة %33؛ والانحراف واستهلاك المخدرات بنسبة %35؛ والهاجس الأمني بنسبة %,44 حسب الحليمي الذي أضاف أن عدد هذه الطبقة يتراوح ما بين 3,16 مليون و17 مليون درهم. وأبرز دراسة حول الطبقات الوسطى المغربية أنجزت من لدن المندوبية السامية للتخطيط، أن أزيد من 5 ملايين مغربي من الطبقة الوسطى رهينة القروض البنكية، وعلى الرغم من أن الطبقات الوسطى تتوفر على دخل يغطي مجموع نفقاتها الاستهلاكية، إلا أن مستوى الدخل تقريبا يعادل مستوى النفقات، في حين أن الفئة العليا يفوق مستوى الدخل عندها مستوى النفقات بنسبة %8؛ وفي الفئة الدنيا يقل مستوى الدخل عن مستوى النفقات بنسبة %.21 وشدد الفاسي على أن موضوع الطبقات الوسطى يتطلب مجهودا منهجيا وبعدا تنسيقيا بين مختلف المتدخلين والفاعلن الاقتصاديين والاجتماعيين، وأن الإمكانات والخيارات التي يمكن للسلطات العمومية اللجوء إليها، تبقى رهينة بأهداف محددة، وبالحدود التي تفرضها المحافظة على التوازنات الاقتصادية والمالية الكبرى. ودعا الوزير الأول إلى تشكيل فريق عمل يوكل إليه التدقيق في المجالات والتدابير حسب الأولويات، وتقديم مشروع خارطة طريق في هذا الشأن، مهيبا بالمندوب السامي للتخطيط لمواصلة عنايته بإشكالية الطبقات الوسطى في ضوء الدراسة التي أنجزها، وتعميق التحاليل والمحددات المرتبطة بالموضوع، وذلك لما لهذا العمل من آثار إيجابية مباشرة على عمل الحكومة عند وضع السياسات العمومية. ودعا الوزير الأول، خلال الاجتماع، من جديد إلى الأخذ في الاعتبار دوما مسألة التماسك الاجتماعي عند اعتماد المشاريع والبرامج، وهو ما يعني العناية بأحوال الطبقات الوسطى إلى جانب الاستمرار في محاربة الفقر والهشاشة، نظرا للعلاقة الجدلية بين الحفاظ على القدرة الشرائية للطبقات الوسطى وتقويتها، والارتقاء الاجتماعي وما يستوجبه من اعتناء بالطبقات المحرومة. وحسب بلاغ للوزارة الأولى، فإن عباس الفاسي ركز على ضرورة بذل المزيد من الجهد للاستجابة لانتظارات هذه الشريحة من المجتمع، التي تشكل أحد أهم عوامل النمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي، خاصة في ظل الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي تستدعي اتخذ تدابير وقائية واستباقية من شأنها التحفيز الاقتصادي وتوفير الحماية الاجتماعية، ودعم القدرة الشرائية إلى جانب الحفاظ على التوازنات الأساسية.