تاريخ دخول الإسلام إلى أمريكا الشمالية والجنوبية والوسطى ليس معروفا بتفاصيله وحيثياته، وهو بحاجة إلى دراسات معمقة. ويؤكد فهمي توفيق مقبل صاحب كتاب (دور العرب في اكتشاف العالم الجديد) أن أول هجرة للمسلمين إلى بنما كانت في بداية النصف الثاني من القرن السادس عشر، فقد وصلت أول مجموعة مسلمة إلى بنما وكانوا عبارة عن رقيق أتى بهم المستعمرون الإسبان إلى أمريكا ليعملوا في مناجم الذهب. وكان هؤلاء الرقيق ثوريين ومتعلمين ورافضين للعبودية. وفي عام 1552م وصلت إلى بنما مجموعة من الرقيق من قبيلة (مندينكا) وكانوا مسلمين وذوي ذكاء عال، وكان من هذه القبيلة فخذ (باس) وهو مشهور ومعروف بذكاء سكانه في قارة إفريقيا، إذ كانوا يقرؤون ويكتبون، واستمرت معهم هذه الأجواء الثقافية والعلمية والدينية في بنما بعدما نجوا من سفينتهم التي غرقت في المحيط الأطلنطي المحاذي لشواطئ بنما. وقد تمكن حوالي 400 إلى 500 منهم من الهرب والعيش في حرية في بنما، وعندما أحست السلطات الإسبانية الاستعمارية بدخول الرقيق المسلمين إلى بنما أحرارا بعدما نجوا من هذا الغرق أصدرت قانوناً يمنع المسلمين من دخولهم إلى أمريكا، لكن لشدة ذكائهم وثقافتهم أمروا عليهم زعيماً يدعى بيانو ءعءخد، وقد قادهم هذا الزعيم المسلم ضد المستعمرين الإسبان. ويقدر عدد هذه الجماعة بحوالي 1500 شخص. والتاريخ البنمي يحكي لنا عن هؤلاء أنهم كانوا متمسكين بالإسلام بقوة، حتى يروى أن الإسبانيين قبضوا على اثنين من هذه الجماعة في كمين وحكموا على الإمام بالشنق بعد أن عرضوا عليه الارتداد عن الإسلام، فرفض فقتلوه ثم قذفوه للكلاب الجائعة وهو يقول: الحمد لله. وقد مات الكثير من هؤلاء العبيد وهم يدافعون عن الإسلام، وقاموا كذلك بعدة ثورات ضد الإسبان، وعندما أصبح هؤلاء يشكلون خطراً على المستعمر الإسباني لجأ إلى المكر والخداع واضطروا إلى الجلوس معهم إلى مائدة المفاوضات. وقد احتال الحاكم الإسباني على الأمير بيانو زعيم المسلمين وأنشأ معه صداقة مزيفة، ثم دعاه مع أربعين من رجاله إلى حفل، وسمم الجميع، وبقي بيانو على قيد الحياة مع سبعة من أصدقائه، ثم قبض عليه وحبس، وأخذ إلى دولة بيرو، ومن هناك نقل إلى إسبانيا حيث مات.