قال الدكتور مصطفى بنحمزة رئيس المجلس العلمي المحلي لوجدة في تصريح لالتجديد إن مصطلح إمارة المؤمنين ينتمي إلى القاموس السياسي الإسلامي، وهو مصطلح يرتبط أساسا بمقدمات؛ منها أولا الانطلاق من أن الإسلام دين ودولة، وأن له نظاما سياسيا يتميز به، ثم بعد ذلك تأتي قضية البيعة وهي الميثاق والصلة بين الحاكم والمحكوم، مشددا على أن هذه الصلة حقيقية وليست افتراضية على نحو ما أوحت به نظرية العقد الاجتماعي، ثم بعد ذلك - يوضح بنحمزة- يأتي نظام إمارة المؤمنين باعتباره هو الذي يكون معه التعاقد على البيعة، والذي يتمثل فيه ويتشخص وجود نظام سياسي إسلامي. وأوضح الدكتور بنحمزة أن نظام إمارة المؤمنين يشير إلى الجانب السياسي الذي هو الإمارة، والجانب الديني الذي هو مقتضى هذه البيعة، وفيه تبادل الحقوق والواجبات من خلال عقد البيعة. مؤكدا على أن هذا النظام ليس مستحدثا بل هو ضارب في عمق الزمان، وقد بدأ منذ فجر الاسلام، وكان عمر بن الخطاب أول أمير للمؤمنين بعد وفاة أبي بكر الذي كان يتسمى خليفة رسول الله، واستمرت الأمة على اعتبار هذا النظام واحترمته دائما، ولفت الانتباه إلى أن الخلافات التي كانت تقع في تاريخ المسلمين لم تكن حول مشروعية إمارة المؤمنين؛ ولكنها كانت خلافات حول الأشخاص لا أقل ولا أكثر. وبالنسبة للمغرب - يقول المتحدث- فإن لهذا النظام مرجعية دينية وتاريخية وله أيضا أثره السياسي، معتبرا أن المغاربة حينما يتحدثون عن إمارة المؤمنين فهم يتحدثون أيضا عن الصحراء المغربية، باعتبارها نتيجة للاعتراف بإمارة المؤمنين، لأن العقد الذي كان يجمع بين الشمال والجنوب هو عقد البيعة، وعقد الانتماء إلى إمارة المؤمنين، وبالتالي فكل مغربي يطالب بالصحراء المغربية ويعتقد أنها مغربية، فهو بذلك يقول بمفهوم البيعة وإمارة المؤمنين، فالأمور مترابطة وليست منفصلة أو مستقلة. وشدد بنحمزة على أنه من خلال إمارة المؤمنين تحقق الاستقرار في المغرب، موضحا أن البلاد التي حكمها الاستقرار حافظت على القيم والتقاليد في الوقت الذي ضيعتها بلدان أخرى، وأضاف: فإذا نحن قارنا الإنسان المغربي بغيره نجد لديه عمقا في أصالته وثقافته ومعاملاته وطقوسه وغير ذلك من الأمور، مما يعني أن الاستمرار كان طابعا للمغاربة. وذكر العالم الفقيه أن المغاربة حين اختاروا نظام إمارة المؤمنين المتمثل في الملكية، واختاروا في الجانب الفقهي مذهب الإمام مالك، فإنهم كانوا يريدون أن يحصنوا أنفسهم، لأن المغرب مر قبل ذلك بتجربة المغامرات انتهت به إلى التخلف عن الركب بسبب التجارب التي لا تكاد تنتهي، ولذلك حسم المغرب قضاياه سياسيا ودينيا ومذهبيا وعقديا وهذا الذي فرغه للإنتاج، فظهر لدينا علماء كبار تفرغوا للكتابة والتأليف والإنتاج، ولم يكن شغلهم الشاغل طرح السؤال مجددا حول هذه القضايا التي اعتبرت فيما بعد نهائية ومصيرية في حياة المغاربة عموما. لذلك يسترسل بنحمزة نجد أن الشعوب التي تتطلع إلى الغد الأفضل تكون قد حسمت مع هذه الثوابت، فلا تعيش دائما مشكلة التدين والسلطة، بل تكون هذه الأمور محسومة لديها ليتفرغ الناس لما هو أهم وأجدى، ويضعوا أقدامهم على مدارج الارتقاء العلمي. وجزم بنحمزة بأن التمسك بهذا النظام ومقتضياته محافظة على الاستقرار في المغرب، وقال ليس من السهولة المس به والتعريض باستقرار أي بلد من أجل أشياء ليست ناضحة وليست ثابتة.