حذر الأستاذ محمد العمراوي من انتشار ثقافة الانتحار واليأس بسبب الوضعية التي يعيشها المهاجرون المغاربة، واعتبر العمراوي خلال مائدة مستديرة نظمها المجلس العلمي المحلي بفاس حول الهجرة إلى الخارج: الايجابيات والسلبيات، أن السلطات الحكومية في الدول الأوربية بدأت تنهج سياسة التضييق ضد المهاجرين المغاربة، في الوقت الذي هي في أمس الحاجة للعقول النابغة واليد العاملة المغربية، ليدعو إلى العمل على إيجاد حلول جذرية للمشاكل الاجتماعية المغربية من أجل الحد من هذا النزيف البشري، وأكد الوزاني البردعي عضو المجلس العلمي المحلي على أن أشغال المائدة المستديرة تأتي في إطار أنشطة المجلس العلمي التي تستهدف الجالية المغربية في الخارج، وذلك من خلال مدارسة محورين أساسيين يتعلقان بقضية ذوبان الجالية المغربية في المجتمع الغربي وبوضعية الأسرة المغربية المهاجرة إلى الديار الغربية. أما الأستاذ عبد الرفيع لعلج فقدم تعريفا لمصطلح الهجرة، وذلك في كلمته التقديمية، واعتبر لعلج أن هجرة المسلمين إلى الغرب وتحديدا إلى أوربا، جاء نتيجة حاجتها لليد العاملة بعد الخسائر البشرية التي سببتها الحرب العالمية الثانية، وأكد على الدور الريادي للفوج الأول من المهاجرين في بناء المساجد والمراكز الإسلامية، وهو ما ساهم في التعريف بالشريعة الإسلامية لدى المجتمعات الغربية، من جهته أشار الخمار البقالي في كلمة له إلى أن الوضع تغير، فبعدما كان الغرب هو الذي يهاجر إلى الدول الإسلامية أصبحت الهجرة الآن في الاتجاه المعاكس بسبب الريادة الحضارية للغرب وتخلف الدول الإسلامية، وأوضح البقالي إلى أن السبب مادي بشكل أساسي، وهو ما اعتبره دافعا معقولا بسبب غياب فرص العمل في البلدان الأصلية، وعلاقة بسؤال مدى التشبث بالقيم الإسلامية والحفاظ على الهوية، أكد لعلج على أن الأمر مرتبطا بعاملين أساسيين، حددهما في الجهود التي تبذلها الدول الموفدة على المستوى الرسمي مع البلدان المستقبلة، وهي جهود يغلب عليها طابع الموسمية كما هو الحال في رمضان، ولا تلمس جهود فعلية مستمرة وقارة بعد تلك المواسم، يضيف لعلج، أما العامل الثاني فاعتبره لعلج مرتبطا بطبيعة الأسرة ومدى التزامها بثقافتها الأصيلة وهويتها المغربية التي قسمها إلى ثلاثة أنواع: الهوية اللغوية والهوية العقدية والهوية الثقافية، فبالنسبة للهوية اللغوية يؤكد لعلج على أن الجالية المغربية تصارع من أجل المحافظة على اللغة وذلك بإنشاء مراكز لتعليم اللغة العربية، ومع ذلك فـثلاثة وسبعون في المائة من الجيل الثاني لا يتكلمون العربية وأغلبية الآباء يعتبرون تحدث أبنائهم بلغة بلد الاستقبال أمرا مهما جدا. وفي نفس الإطار، أكد الأستاذ محمد العمراوي أن الحكومات الأوروبية والمجتمع الأوروبي حريص على تذويب جسد المسلمين الذي يعتبرونه غريبا، حيث ذكر أن هناك مخططات ترمي إلى إدماج الجالية بقوة الإكراه مما استدعى نقاشات طرحت معها مسألة التعايش كحل وسط، ومن أجل حماية الهوية من الخطر الذي تتعرض له، أكد العمراوي على ضرورة إعادة تركيب الذاكرة وإحيائها.