أقرّت دراسة حول وضعية وآفاق برامج محو الأمية بالمغرب فشل الاستراتيجية الحكومية في تحقيق الأهداف المسطرة، التي كانت ترمي إلى تقليص نسبة الأمية إلى أقل من 20 في المائة سنة 2010, والقضاء شبه التام على الأمية في سنة 2015, إضافة إلى تخفيض نسبة الأمية لدى الساكنة النشيطة أقل من 10% في أفق سنة 2010. مبرزة وجود حوالي 8 ملايين أمي في 2009 تفوق أعمارهم 10 سنوات. وكشفت الدراسة التي أعدتها مديرية محاربة الأمية بوزارة التربية الوطنية والتعليم العالي، وقدمت نتائجها في اجتماع المجلس الأعلى للتعليم خلال اليومين الماضيين، أن الوتيرة الحالية غير كافية من أجل القضاء شبه التام على الأمية سنة 2015, ولا حتى تحقيق ما جاء في التصريح الحكومي لحكومة عباس الفاسي الذي أعلن أنه يستهدف تقليص نسبة الأميين إلى أقل من 20% في أفق سنة 2012, بالنظر إلى حجم وخصوصية الظاهرة، ولإشكالية الهدر المدرسي الذي يغذي باستمرار صفوف الأميين. وأبرزت الدراسة التحديات والإشكالات التي تحول دون تحقيق تلك الأهداف، وكانت السبب في فشل الاستراتيجية الحكومية، ذكرت منها ضعف التمويل وتعقد مساطر صرف الاعتمادات، إذ لا تتجاوز الميزانية السنوية المخصصة حاليا لمحاربة الأمية 0.4% من ميزانية التربية الوطنية في حين يحتاج القطاع حسب المؤشرات الدولية إلى ما لا يقل عن 3% من ميزانية قطاع التربية الوطنية. وتفصح الدراسة أن الميزانية المخصصة لمحو أمية شخص واحد في المغرب لا تتعدى 400 درهم في مدة لا تتعدى 300 ساعة. وعرقل عدم الاستقرار المؤسساتي تحقيق تلك الأهداف أيضا، إذ تم إحداث هياكل التوجيه والاستشارة على المستوى المركزي والإقليمي والمحلي. لكن تم حذف كتابة الدولة المكلفة بالقطاع من حكومة عباس الفاسي، مما أّثر سلبا على وتيرة العمل مركزيا ومحليا، حتى إن الهياكل الإقليمية والمركزية لم تعد تقدر على عقد اجتماعاتها، مما قلص من فعالية الإدارة الوصية.أما الأكثر مأساوية في هذا القطاع فهم المكونون الذين يشتغلون فيه، وأوضحت عدم استقرار المكون وضعف احترافيته. فمن جهة لا توجد مهنة في المغرب تسمى مكون أو مؤطر أقسام محو الأمية أو معلم الكبار. ومن جهة ثانية فإن التعويضات التي يتقاضاها المكونون مقابل هذه الوظيفة لا تتجاوز 20 درهم للساعة(أي 6 آلاف درهم في السنة /300 ساعة كاملة)، بينما يجب أن تكون أجورهم مساوية لأجور العاملين في التعليم النظامي حسب المعايير الدولية.