شكل موضوع البيعة الشرعية بين الأصول الدينية والجذور التاريخية محور ندوة علمية نظمها المجلس العلمي المحلي لعمالة مقاطعات سيدي البرنوصي بالدار البيضاء. وأوضح عبد العزيز الادريسي رئيس المجلس العلمي، يوم السبت خلال افتتاح هذه الندوة التي نظمها المجلس في إطار البرنامج الخاص بتخليد الذكرى العاشرة لعيد العرش، أن هذه الندوة تعد أول نشاط إشعاعي ينظمه المجلس منذ تنصيبه؛ بهدف تأطير المواطنين وتحقيق الأمن الروحي لهم والتواصل معهم بخصوص عدد من القضايا التي تهم الشأن الديني.وأضاف أن اختيار موضوع البيعة ليكون محور أول ندوة للمجلس نابع من الأهمية البالغة التي يكتسيها هذا الموضوع بالنسبة للمغاربة التي شكلت البيعة بالنسبة إليهم الضامن لوحدة البلاد والميثاق الذي ربط دائما المغاربة بملوكهم وسلاطينهم. وبخصوص الأصول الشرعية للبيعة، أبرز سعيد بيهي رئيس المجلس المحلي لعمالة مقاطعات الحي الحسني أن البيعة أصل من أصول الدين وتقوم على ستة أسس، أجملها في أن الاجتماع أصل من أصول الملة ولا يتصور في المسلم تفرده عن الأمة، وأن لا جماعة إلا بإمام؛ حيث من الضروري وجود قوة تكون وازعة للناس تمكن من ضبط اجتماعهم. وأضاف أن الإمامة والإمارة من المقتضيات اللازمة لانتظام شؤون الناس وأحوالهم، فيما يتمثل الأصل الرابع في كون طاعة الإمام واجبة بمقتضى الكتاب والسنة، وأن النصوص الشرعية دلت على أن طاعة الإمام هي طاعة لله ورسوله.أما الأصل الخامس للبيعة فهو، يضيف رئيس المجلس المحلي لعمالة مقاطعات الحي الحسني، قائم على أن البيعة لا يشترط فيها مشاركة الكافة بل ينوب فيها أهل الحل والعقد عن عامة الناس فيما يشكل تحريم الخروج عن الإمام الأصل السادس الذي تقوم عليه البيعة كعقد يربط ولي الأمر برعيته. وفي المقابل، استعرض محمد الدرقاوي عضو المجلس العلمي المحلي بسيدي البرنوصي الأسس التاريخية للبيعة وما ميز هذه المؤسسة في تاريخ المغرب والدور الذي اضطلعت به لضمان استقرار البلاد وبناء حضارتها. وفي هذا الإطار أشار المحاضر إلى أن المغرب تميز طيلة تاريخه عن غيره من الأقطار الإسلامية بالوحدة وعدم التشتت بفضل وحدة المذهب والرواية القرآنية ووحدة الوقف وغيرها من الأسس الدينية التي ضمنت للبلاد وحدتها وتماسكها، مؤكدا أن سلاطين المغرب كانوا دائما الكفيل لهذه الأسس التي قامت عليها وحدة المملكة. وأضاف أن البيعة شكلت على الدوام تلك الرابطة الروحية الدينية التي جمعت بين المغاربة وملوكهم منذ الأدارسة وإلى قيام الدولة العلوية الشريفة، مشيرا إلى أن من الخصائص التي طبعت البيعة في المغرب هي أنها كانت دائما عقدا مكتوبا يقوم عليه أهل الحل والعقد في البلاد، وأن الفترات العصيبة التي مر منها المغرب في بعض المراحل التاريخية كانت بسبب نقض هذا الميثاق والتنازع حوله؛ ما يؤكد أن مؤسسة البيعة تشكل لبنة أساسية في ضمان استقرار وأمن البلاد.