أكدت مؤشرات المندوبية السامية للتخطيط أن التغييرات الديمغرافية التي يعيش على وقعها المغرب تطرح العديد من التحديات المستقبلية، خصوصا أن المغرب هو ثاني دولة مغاربية من حيث وفايات الأمهات أثناء الولادة، وتنامي ظاهرة الشيخوخة، والارتفاع المطرد للفئة النشيطة، مما سيحدث ضغطا أكبر على سوق الشغل، فضلا عن تحول الهجرة من طابع مؤقت وظرفي إلى هجرة دائمة. ووفق الأرقام التي قدمت خلال الورشة التكوينية المنعقدة الجمعة الماضي، بمناسبة الاستعداد لتنظيم المؤتمر العالمي للسكان بمراكش ما بين 27 شتنبر و2 أكتوبر من السنة الجارية، فإن المغرب يسجل نسبة 227 حالة وفاة للأمهات في 100 ألف ولادة، مقارنة مع 180 في الجزائر، و100 في تونس و97 في ليبيا، و820 في موريتانيا، ومصر .130 وأكدت المندوبية أن هناك رهانات ديمغرافية مهمة، إذ إنه من المتوقع أن يتزايد عدد النشيطين المحتملين ب98,0 في المتوسط السنوي، وهو يفوق معدل تزايد عدد السكان، ويمثل هذا النمو 196 ألف شخص سنويا، الأمر الذي سيمارس ضغطا أكبر على سوق الشغل. ولا مفر من شيخوخة الساكنة، حسب المصدر ذاته، حيث سيعرف عدد المسنين نموا متواصلا بوتيرة 4 في المائة سنويا ما بين 2009 و,2030 مقابل 0,9 في المائة بالنسبة لمجموعة السكان، وبذلك سينتقل عدد المسنين من مليونين ونصف سنة 2009 إلى حوالي ستة ملايين سنة .2030 ويستنتج من هذا أن الشيخوخة تشكل إشكالية آنية لبلدان الشمال ومستقبلية في ما يخص بلدان الجنوب. وستتطلب هذه الظاهرة تخصيص موارد أهم للتقاعد والصحة بفعل العدد المتنامي للمسنين الذين سيحتاج جزء منهم للعلاجات ذات الأمد الطويل، ويستلزم هذا القيام بإصلاحات من أجل ضمان تمويل مستدام لنظام الحماية الاجتماعية. ويعرف المغرب العديد من أصناف الهجرة الدولية، التي يعود أصلها إلى الاحتلال الاستعماري، وبعد أن عرفت تسارعا مهما منذ الستينات، تراجعت بقوة منتصف السبعينات، ويعود ذلك إلى سببين مرتبطين، الأول يكمن في تغيير سريع لطبيعة الهجرة، وتحول تدريجي لمواصفات المرشحين لها، إذ تحولت من هجرة ذات طابع مؤقت وظرفي إلى هجرة دائمة وذات طابع سري في جزء منها، كما مست بعد ذلك كفاءات البلاد، والسبب الثاني في التنوع الذي أصبح يطبع اتجاهاتها. وتفيد وزارة الداخلية أن عدد المهاجرين السريين فوق التراب المغربي يتراوح ما بين 10 آلاف و12 آلاف شخص، وبلغ عدد الموقوفين سنة 2007 ، 14 ألفا و449 حالة، من بينهم 7027 مهاجرا جنوب الصحراء. وفيما يتعلق بساكنة العالم العربي، فإنه على الرغم من تباطؤ نمو الساكنة العربية، فإن هناك زيادة وزنها ضمن ساكنة العالم يغطي العالم العربي فضاءا فسيحا يمتد من المحيط الأطلسي إلى الخليج، وعلى الرغم من انخفاض الخصوبة في العالم العربي ما زالت ساكنته تتميز بحيوية ديناميتها الديمغرافية. وتتميز هذه الساكنة التي تبلغ 352 مليون نسمة سنة ,2009 بتوزيع غير متكافئ، حيث يتمركز أكثر من نصفها (54,6) في المائة في أربعة بلدان( تونس والسودان والجزائر والمغرب). وفي الوقت الذي تتجاوز فيه الخصوبة بقليل نسبة تعويض الأجيال، وتبلغ نسبة الأطفال لكل امرأة 2,1 في كل من المغرب والكويت والبحرين والجزائر، وتلامس هذه النسبة 5 في كل من اليمن وفلسطين والصومال. وتشكل الفئة العمرية ما بين 15 و59 سنة، التي تمثل الجزء الأكبر من الساكنة النشيطة، أكثر من 60 في المائة في كل من المغرب ومصر ولبنان، وحوالي 70 في المائة في كل من البحرين والكويت، وأزيد من 50 في المائة في كل البلدان.