المصطفى أزوكاح خلصت الدراسة التي أنجزتها المندوبية السامية للتخطيط حول الانتقال الديمغرافي في المغرب، في أفق 2030، إلى اتساع مساحة الشيخوخة وسط الساكنة المغربية وتراجع حصة الشباب، غير أن زيادة حضور البالغين سن النشاط ستتعاظم، ما يؤجج الضغط على سوق الشغل،وهو ما ينذر بتوترات اجتماعية في حالة عدم مواكبة مناصب الشغل المحدثة للوافدين الجدد على سوق الشغل. أية ديمغرافية؟ ذلك هو السؤال الذي حاولت الدراسة، التي نشرت تفاصيلها، الإجابة عنه بالاستناد إلى نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2004، على مختلف الأعمال المستقبلية لمغرب 2030 التي قامت بها المندوبية السامية للتخطيط والدراسات التي أتاحها مركز الدراسات والأبحاث الديمغرافية، لتتوصل إلى أن السيناريو البديل المتوسط يرجح أن تنتقل ساكنة المغرب من 30 مليون نسمة إلى 38 مليون نسمة سنة 2030. وهذا التطور يعادل، في تقدير الدراسة، نموا إضافيا يقدر ب300 ألف نسمة، أي ما يعادل مدينة كبيرة، غير أن التوقعات حول توزيع الساكنة بين العالمين القروي و الحضري، تشير إلى استقرار عدد الساكنة القروية في حدود 13 مليون نسمة، مما يعني أن النمو الديمغرافي في المغرب سيكون حضريا بالأساس. ويرد هذا التحول في المغرب، إلى الهجرة القروية وإدخال بعض المناطق القروية إلى المجال الحضري، وهذا سيترتب عنه إيواء المدن لحوالي 64 في المائة من الساكنة سنة 2030، عوض 55 في المائة، مما يعني أن عدد سكان المدن سيقفز إلى ما يزيد عن 24 مليون نسمة، عوض 16، 4 مليون، مما يِِِؤشر على تأجيج الضغط على المدن، على اعتبار أن تزايد السكان في الفضاءات الحضرية سيحمل معه ارتفاع الطلب على الشغل وينذر باتساع دائرة الفقر. وينتظر أن تواكب التطور الذي ستعرفه الديمغرافية بالمغرب بداية انعكاس هرم الأعمار، وهو الأمر الذي سيترتب عنه تزايد الضغط على سوق الشغل إذ يرتقب، حسب الدراسة، أن يقفز عدد السكان الذين يوجدون في سن النشاط، أي ما بين 18 و59 عاما، من 16.7 مليون نسمة إلى 22.6 مليون نسمة في 2030، وهذا يعني أنه يفترض توفير 236 ألف منصب شغل إضافي في السنة. غير أن الدراسة لاحظت أنه بالموازاة مع تزايد عدد النشيطين، ستتزايد شيخوخة الساكنة، نتيجة تحسن مستوى أمل الحياة، الذي سينتقل من 72عاما سنة 2004 إلى 77 عاما في 2030. في نفس الوقت تتوقع الدراسة أن يمر عدد البالغين 60 سنة فأكثر من 2.4 مليون نسمة سنة 2004 إلى 5.8 ملايين نسمة في 2030 . ومن شأن شيخوخة الساكنة المغربية أن تنعكس سلبا على أنظمة التغطية الاجتماعية التي يتهددها الإفلاس في أفق 2050، إذا لم يلجأ إلى إصلاحها، إذ من المنتظر أن تمر نسبة الأشخاص المسنين عن كل نشيط محتمل إلى 3 لكل 10 سنة 2030، بعد أن كانت لا تتعدى 1.6 لكل عشرة، وهو الأمر الذي يكون، في تصور المندوبية السامية للتخطيط، مصدر هشاشة وفقر، خاصة إذا جرى استحضار عدد المسنين الذين لا يتوفرون على تغطية في أحد أنظمة التغطية الاجتماعية. غير أن المغرب يمكن أن يستفيد، حسب دراسة المندوبية، من النافذة الديمغرافية التي يتيحها انخفاض عدد الشباب من 8 ملايين سنة 2005 إلى 7 ملايين في سنة 2030، والذين سيتراجع وزنهم وسط الساكنة من 30 في المائة إلى 21 في المائة. وتنسحب نفس الملاحظة على الساكنة في سن التمدرس من التعليم الابتدائي إلى التعليم العالي، حيث ستمر من 42 في المائة إلى 28.6 في المائة. وقد لاحظ جورج شابليي، مستشار برنامج الأممالمتحدة للتنمية، أن الانتقال الديمغرافي يمثل هبة، لكنه ينطوي على بعض المخاطر، فانخفاض الخصوبة، يعني أنه خلال الخمس عشرة ونصف سنة القادمة، سترتفع نسبة الأشخاص الذين يوجدون في سن النشاط، مقارنة بالشباب. زد على ذلك، أن الشباب الذي يوجد في سن النشاط، الذي سيصل إلى سوق الشغل، سيتوفر على تكوين جيد.وإذا تمكن الاقتصاد من خلق مناصب شغل جديدة، سيرتفع النمو الاقتصادي، غير أنه إذا ظل السوق قاصرا عن استيعاب الوافدين الجدد، فإن التوترات الاجتماعية ستشتد.